للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْكُولٌ عَلَى حُكْمِهِ (أَوْ) عَلَى (رِضَاهُ) أَيْ رِضَا مَنْ ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ بِخِلَافِ الرِّضَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا أَنَا حَكَمْت عَلَيْكُمَا بِكَذَا وَأَنَا رَضِيت بِكَذَا (أَوْ تَوَلَّيْتُك) أَيُّهَا الْبَائِعُ (سِلْعَةً) لِغَيْرِك بِمَا اشْتَرَيْتهَا بِهِ (لَمْ يَذْكُرْهَا) الْمَوْلَى وَلَا غَيْرُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ (أَوْ) لَمْ يَذْكُرْ (ثَمَنَهَا) وَقَوْلُهُ (بِإِلْزَامٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ. وَالسُّكُوتُ كَالْإِلْزَامِ إلَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَتَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ.

(وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يَعْلَمَ مَا فِيهِ، أَوْ بِلَيْلٍ وَلَوْ مُقْمِرًا وَلَا يَتَأَمَّلَهُ بَلْ يَكْتَفِيَ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِلَمْسِهِ، فَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ تَبِيعَهُ ثَوْبَك بِثَوْبِهِ وَتَنْبِذُهُ إلَيْهِ وَيَنْبِذُهُ إلَيْك بِلَا تَأَمُّلٍ مِنْكُمَا عَلَى الْإِلْزَامِ فَالْمُفَاعَلَةُ هُنَا عَلَى بَابِهَا وَمِثْلُهُ فِي الْمَنْعِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَنَبَذَهُ لَهُ (فَيَلْزَمُ) فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ بِخِيَارٍ جَازَ

(وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ وَهَلْ هُوَ بَيْعُ) قَدْرٍ مِنْ أَرْضٍ مَبْدَؤُهُ مِنْ الرَّامِي بِالْحَصَاةِ إلَى (مُنْتَهَاهَا) أَيْ الْحَصَاةِ (أَوْ) هُوَ بَيْعٌ (يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) مِنْ يَدِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ مَتَى سَقَطَتْ مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ، وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فَفَاسِدٌ لِجَهْلِ زَمَنِ وُقُوعِهَا فَفِيهِ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حَكَمْت بِأَنَّ الثَّمَنَ كَذَا، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْك بِمَا تَحْكُمُ بِهِ أَنْتَ يَا بَائِعُ أَوْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ بِمَا تَرْضَى بِهِ أَنْتَ أَوْ بِمَا يَرْضَى بِهِ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك بِذَلِكَ ثُمَّ يَحْكُمُ الْبَائِعُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِثَمَنٍ يَذْكُرُهُ، أَوْ يَقُولُ: رَضِيت أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا (قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ) بِمَعْنَى أَنَّ الْمُحَكِّمَ يُلْزِمُهُمَا الثَّمَنَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ جَبْرًا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّضَا، فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُمَا الثَّمَنَ الَّذِي رَضِيَهُ بَلْ إنْ رَضِيَا بِهِ فِيهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ لِمَا يَرْضَيَانِ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِإِلْزَامٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِإِلْزَامِ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الثَّمَنُ فَقَدْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا يَرْضَيَانِ بِهِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَاقِدِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهَذَا وَقَدْ يُعَبِّرُ بِهَذَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الرِّضَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَخَصُّ مِنْهُ فَيَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ الرِّضَا بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَذْكُرْهَا الْمَوْلَى وَلَا غَيْرُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ) أَيْ وَإِنَّمَا ذَكَرَ لَهُ ثَمَنَهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَهَا أَيْ أَوْ ذَكَرَهَا لَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: بِإِلْزَامٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُضِرَّ الدُّخُولُ عَلَى لُزُومِ الْبَيْعِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ، وَأَمَّا عَلَى حُكْمِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ أَوْ الرِّضَا مِنْهُمَا، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ الْجَاهِلِ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ

(قَوْلُهُ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ) أَيْ وَكَالْبَيْعِ الْمُحْتَوِي عَلَى مُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ بِأَنْ يَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ الثَّوْبَ قَبْلَ تَأَمُّلِهِ فِيهَا بِكَذَا وَأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ الْمُشْتَرِي لَهَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشُرَهَا وَيَعْلَمَ مَا فِيهَا أَوْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْبَائِعُ وَيَطْرَحُهَا لِلْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَيْعُ فَاللَّمْسُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا النَّبْذُ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ فَقَوْلُهُ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَيْ مُلَامَسَةِ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ أَيْ وَيَكْتَفِيَا فِي لُزُومِ الْبَيْعِ وَتَحَقُّقِهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشُرَهَا وَيَعْلَمَ مَا فِيهَا، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهَا لَهُ قَبْلَ التَّأَمُّلِ فِيهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَعْجَبَتْهُ أَمْسَكَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا كَانَ جَائِزًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْشُرُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْشُرُهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَتَأَمَّلُهُ بَلْ يَكْتَفِي فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِلَمْسِهِ أَيْ بِلَمْسِ الْمُشْتَرِي لَهُ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْمُلَامَسَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ بِلَيْلٍ مُقْمِرٍ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ لِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَحَاصِلُهَا أَنَّ بَيْعَ الثَّوْبِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَا فِيهَا بِاللَّيْلِ، وَلَوْ كَانَ مُقْمِرًا مَمْنُوعٌ وَمِثْلُ الثَّوْبِ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِاللَّيْلِ، وَلَوْ مُقْمِرًا الْحَيَوَانُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَكَذَا مَأْكُولُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ شِرَاءُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي اللَّيْلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ اللَّيْلُ مُقْمِرًا أَوْ غَيْرَ مُقْمِرٍ؛ لِأَنَّ الْخِبْرَةَ بِالْيَدِ تُبَيِّنُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مِنْ سَمْنٍ أَوْ هُزَالٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ دُونَ الْمُظْلِمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُوتَ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَانْظُرْ هَلْ شِرَاءُ الْحُبُوبِ فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَتَنْبِذُهُ إلَيْهِ) أَيْ بِلَا تَأَمُّلٍ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى لُزُومِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ نَبْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ

(قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ بَيْعٌ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَبِيعُك عَلَى الْبَتِّ قَدْرًا مِنْ أَرْضِي هَذِهِ مَبْدَؤُهُ مِنْ مَحَلِّ وُقُوفِي أَوْ مِنْ مَحَلِّ وُقُوفِ فُلَانٍ إلَى مَا يَنْتَهِي رَمْيُهُ الْحَصَاةَ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَيُمْنَعُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الرَّمْيِ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا وَانْعِقَادُ الْبَيْعِ إذَا وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنِّي أَوْ مِنْك أَوْ مِنْ فُلَانٍ بِاخْتِيَارٍ مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ وَيَأْخُذُ الْحَصَاةَ فِي يَدِهِ أَوْ جَيْبِهِ فَإِذَا أَوْقَعَهَا لَزِمَ الْبَيْعُ فَقَدْ عُلِّقَ الِانْعِقَادُ عَلَى السُّقُوطِ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِزَمَنِ وُقُوعِهَا فَفِيهِ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَلَوْ عَيَّنَ لِوُقُوعِهَا بِاخْتِيَارِهِ أَجَلًا مَعْلُومًا وَكَانَ قَدْرَ زَمَنِ الْخِيَارِ كَأَنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الظُّهْرِ أَوْ مِنْ الْيَوْمِ إلَى غَدٍّ قَصْدًا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَمْ يَفْسُدْ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ) أَيْ فِي زَمَانٍ غَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>