كَمَا قَالَ شَيْخُنَا النَّقْضُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي الصِّحَّةِ مَا إذَا خَرَجَ فِي حَالِ الْمَرَضِ أَيْ خُرُوجُهُ عَلَى وَجْهِ السَّلَسِ، فَإِنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ
(وَ) نُقِضَ (بِسَلَسٍ فَارَقَ أَكْثَرَ) الزَّمَانِ وَلَازَمَ أَقَلُّهُ، فَإِنْ لَازَمَ النِّصْفَ وَأَوْلَى الْجُلُّ أَوْ الْكُلُّ فَلَا يَنْقُضُ (كَسَلَسِ مَذْيٍ) لِطُولِ عُزُوبَةٍ أَوْ مَرَضٍ فَيَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ أَوْ تَفَكُّرٍ، فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا حَيْثُ (قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) بِتَدَاوٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنُ التَّدَاوِي وَالتَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَفْعِهِ بِمَا ذُكِرَ فَهُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْلَاسِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ كَمَا فِي خش نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ شَيْخُنَا) أَيْ الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: مَا إذَا خَرَجَ) أَيْ الْخَارِجُ الْمُعْتَادُ مِنْ مَخْرَجَيْهِ فِي حَالِ الْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ: وَبِسَلَسٍ) هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ الْخَارِجُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَبِكَسْرِهَا الشَّخْصُ الَّذِي قَامَ بِهِ السَّلَسُ وَعَطْفُهُ عَلَى الْحَدَثِ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِتَقْيِيدِ الْمَعْطُوفِ بِمُفَارَقَةِ أَكْثَرِ الزَّمَانِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي السَّلَسِ فَيَشْمَلُ سَلَسَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَغَيْرِهِ كَالْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَلِذَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا التَّقْسِيمُ لَا يَخُصُّ حَدَثًا دُونَ حَدَثٍ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي السَّلَسِ طَرِيقَةُ الْمَغَارِبَةِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَذَهَبَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إلَى أَنَّ السَّلَسَ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ إذَا لَمْ يُلَازِمْ كُلَّ الزَّمَانِ، فَإِنْ لَازَمَ كُلَّهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَازَمَ النِّصْفَ) أَيْ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِاسْتِظْهَارِ ابْنِ هَارُونَ النَّقْضَ فِي الْمُلَازِمِ لِنِصْفِ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: كَسَلَسِ مَذْيٍ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ) .
اعْلَمْ أَنَّ عِنْدَنَا صُوَرًا ثَلَاثَةً: الْأُولَى مَا إذَا كَانَ سَلَسُ الْمَذْيِ لِبُرُودَةٍ وَعِلَّةٍ كَاخْتِلَالِ مِزَاجٍ فَهَذِهِ لَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ الزَّمَانِ. الثَّانِيَةُ مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ مَعَ تَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ وَصَارَ مَهْمَا نَظَرَ أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ أَمَذَى بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ. الثَّالِثَةُ مَا إذَا كَانَ لِطُولِ عُزُوبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَذَكُّرٍ وَتَفَكُّرٍ بَلْ صَارَ الْمَذْيُ مِنْ أَجْلِ طُولِ الْعُزُوبَةِ نَازِلًا مُسْتَرْسِلًا نَظَرَ أَوْ لَا تَفَكَّرَ أَوْ لَا وَالْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَقَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالثَّانِيَةُ مِنْهُمَا يَجِبُ فِيهَا الْوُضُوءُ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ فِيهَا إنْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ بِزَوَاجٍ أَوْ تَسَرٍّ وَجَبَ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ وِفَاقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ خِلَافٌ لَهَا فَيَكُونُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. إذَا عَلِمْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِعِلَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا وَلَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لِتَذَكُّرٍ بِأَنْ اسْتَنْكَحَهُ مَهْمَا رَأَى أَوْ سَمِعَ أَوْ تَفَكَّرَ وَهِيَ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ خِلَافًا لخش لِمَا مَرَّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِنْ النَّقْضِ فِيهَا مُطْلَقًا بِلَا خِلَافٍ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ لِعُزُوبَةٍ بِدُونِ تَفَكُّرٍ وَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْقُدْرَةِ وَعَدَمِهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ الْجَلَّابِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ طفى أَنَّ ابْنَ بَشِيرٍ شَهَرَهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِي نَقْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ مَرِضَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُضُ إلَّا إذَا فَارَقَ أَكْثَرَ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ لَك (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَنْقُضُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ لَازَمَ كُلَّ الزَّمَانِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَوْمٍ) أَيْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْهُ هَكَذَا قَيَّدَهُ الْمَازِرِيُّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ لَهُ زَمَنٌ إلَخْ) فَلَا يُعَدُّ السَّلَسُ الْمَذْكُورُ نَاقِضًا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَوُّجُ وَالتَّسَرِّي) أَيْ طَلَبُ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ وَكَذَا يُغْتَفَرُ مُدَّةَ اسْتِبْرَاءِ السُّرِّيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute