للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِالسِّلَعِ

(وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) عَلَى دُونِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ عَلَى مِيلٍ وَقِيلَ فَرْسَخٍ أَيْ السِّلَعُ الَّتِي مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ (أَوْ) تَلَقِّي (صَاحِبِهَا) قَبْلَ وُصُولِهِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا وَصَلَ مِنْ السِّلَعِ قَبْلَهُ أَوْ سَيَصِلُ (كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ) مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ أَوْ الْقَادِمِ قَبْلَ وُصُولِهَا (بِصِفَةٍ) فَيُمْنَعُ، وَلَوْ طَعَامًا لِقُوتِهِ (وَلَا يُفْسَخُ) هَذَا الْبَيْعُ إنْ وَقَعَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَوْ يَعْرِضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ فَيُشَارِكُهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ قَوْلَانِ.

(وَجَازَ لِمَنْ) مَنْزِلُهُ أَوْ قَرْيَتُهُ (عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ) مِنْ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ لَهَا السِّلَعُ (أَخْذُ) أَيْ شِرَاءُ (مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ مِنْ السِّلَعِ الْمَارَّةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ بِالْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ لَهَا وَإِلَّا أُخِذَ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَأَمَّا مَنْ عَلَى دُونِ السِّتَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا يَمْنَعُ تَلَقِّي الْبَلَدِيِّ مِنْهُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لَهَا سُوقٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ أُخِذَ لِقُوتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا أُخِذَ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَأَمَّا الشِّرَاءُ بَعْدَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ حَتَّى تَصِلَ إلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهَا فَقَالَ [دَرْسٌ] (وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ) مَبِيعِ الْبَيْعِ (الْفَاسِدِ) عَلَى الْبَتِّ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَى الْمُشْتَرِي (بِالْقَبْضِ) الْمُسْتَمِرِّ نَقْدُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَمْ لَا كَانَ الْمَبِيعُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(أَوْ بِالسِّلَعِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّرَاءِ لَهُ أَيْ جَازَ الشِّرَاءُ لَهُ بِالنَّقْدِ وَبِالسِّلَعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَّلَهَا بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَخَصَّ عبق السِّلَعَ بِاَلَّتِي حَصَّلَهَا بِمَالٍ، وَأَمَّا الَّتِي حَصَّلَهَا بِغَيْرِ مَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا سِلَعًا وَقَالَ بْن ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنْ لَا يَجُوزَ الشِّرَاءُ لَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ لَا بِالسِّلَعِ مُطْلَقًا وَإِلَّا كَانَ بَيْعًا لِسِلَعِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ وَجِيهٌ

(قَوْلُهُ: وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا لِلْبَلَدِ وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ؟ فَإِذَا كَانَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ هَذَا سَفَرٌ لَا تَلَقِّي، وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةِ فَرْسَخٍ أَيْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّلَقِّي إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةِ مِيلٍ، فَإِنْ كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةٍ أَزْيَدَ مِنْ الْمِيلِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُهَا (قَوْلُهُ: كَأَخْذِهَا) أَيْ كَشِرَائِهَا عَلَى الصِّفَةِ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ أَوْ الْقَادِمِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ وُصُولِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَعَامًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَا يَشْتَرِيهِ طَعَامًا لِقُوتِهِ وَهَذِهِ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا وَلِقَوْلِهِ كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ مِنْ صَاحِبِهَا بِصِفَةٍ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَيُنْهَى الْمُتَلَقِّي عَنْ تَلَقِّيهِ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا) أَيْ وَهَلْ يَخْتَصُّ الْمُتَلَقِّي بِالسِّلْعَةِ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَوْ تَلَقَّى صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْرِضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ) أَيْ أَوْ يُجْبَرُ عَلَى عَرْضِهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَإِلَّا فَعَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَالثَّانِي شَهَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ جَوَازَ تَلَقِّي جِمَالِ السَّائِقِينَ مِنْ الْبَحْرِ وَالْخُبْزِ مِنْ الْفُرْنِ وَكَذَلِكَ تَلَقِّي الثِّمَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق

(قَوْلُهُ: مِنْ السِّلَعِ) أَيْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي يُجْلَبُ إلَيْهَا وَهَذَا مَرَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لِقُوتِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَ لِلسِّلْعَةِ الْمَجْلُوبَةِ سُوقٌ فِي الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا أَوْ كَانَ لَا سُوقَ لَهَا بَلْ تُبَاعُ فِي الْبُيُوتِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِرَاجٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا سُوقٌ فِي الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا أَمْ لَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُوتِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَخَذَ لِقُوتِهِ) أَيْ مِمَّا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ السِّلَعِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْقُوتِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ) أَيْ كَانَ الْأَخْذُ لِلْقُوتِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ

(قَوْلُهُ: مُتَّفَقًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَسَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِالْقَبْضِ) أَيْ لَا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَلَا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ بِالْقَبْضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانَ الرِّهَانِ الْمُفَصَّلِ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ وَبَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِ قِيَامِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ عَلَى نَحْوِ مَا يَقْبِضُهُ الْمَالِكُ لَا تَوْثِقَةً كَالرِّهَانِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ كَالْعَوَارِيِّ وَلَا دَخْلَ عَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ كَالْخِيَارِ قَالَ بْن وَلَا يَتَوَقَّفُ الْقَبْضُ عَلَى الْحَصَادِ وَجَذِّ الثَّمَرَةِ حَيْثُ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>