للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْجُزَافِ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ مَكِيلَتُهُ بَعْدُ وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّ الْمِثْلِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ: وَالْفَوَاتُ (بِتَغَيُّرِ سُوقٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ و) غَيْرِ (عَقَارٍ) كَحَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ فَلَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ وَلَا ذَاتُهُ (وَفِيهَا شَهْرٌ) يُعَدُّ طُولًا (وَ) فِيهَا أَيْضًا (شَهْرَانِ) بَلْ وَثَلَاثَةٌ لَيْسَتْ بِطُولٍ، وَلَوْ قَالَ وَفِيهَا الشَّهْرُ طُولٌ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِطُولٍ لَكَانَ أَصْوَبَ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ (أَنَّهُ خِلَافٌ) مَعْنَوِيٌّ (وَقَالَ) الْمَازِرِيُّ عَلَى مَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ (بَلْ) هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ (فِي شَهَادَةٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٌ أَيْ مُعَايَنَةٌ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى مَرَّةً أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ يُفِيتُهُ الشَّهْرُ بِمَظِنَّةِ تَغَيُّرِهِ فِيهِ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ فَحَكَمَ بِأَنَّ الشَّهْرَ فِيهِ طُولٌ وَرَأَى مَرَّةً أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُفِيتُهُ الشَّهْرَانِ وَالثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ مَظِنَّةِ تَغَيُّرِهِ فِي ذَلِكَ فَحَكَمَ فِيهِ بِعَدَمِ طُولِ مَا ذَكَرَ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ كَاللَّخْمِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّخْمِيِّ بِمَا لَا وَجْهَ لَهُ فَظَنَّ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَوَّلِ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، فَرَاجِعْهُ فِي التَّتَّائِيِّ أَوْ الشَّبْرَخِيتِيِّ تَفْهَمَ الْمَقْصُودَ.

(وَ) يَفُوتُ (بِنَقْلِ عَرَضٍ) كَثِيَابٍ (وَمِثْلِيٍّ) كَقَمْحٍ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (لِبَلَدٍ) آخَرَ أَوْ الْعَكْسُ، وَكَذَا لِمَحَلٍّ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبَلَدٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ (بِكُلْفَةٍ) فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هُوَ كُلْفَةٌ كَحَمْلِهِ لَهُ عَلَى دَوَابِّهِ وَخَدَمِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقْتَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ تَعَذَّرَ وُجُودُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ أَيْ وَلَا يَنْتَظِرُ لِوَقْتِ وُجُودِهِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمِثْلِيِّ.

، فَإِنَّهُ يَصْبِرُ عَلَيْهِ لِوَقْتِ الْوُجُودِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْبَيْعِ

(قَوْلُهُ: وَالْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ سُوقِ إلَخْ) هَذَا حِلُّ مَعْنَى لَا حِلُّ إعْرَابٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ قَوْلَهُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تَقْدِيرَ الْعَامِلِ أَوْلَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ) أَيْ لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُرَادُ لَهُ الْعَقَارُ الْقِنْيَةُ فَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَلَا لِقِلَّتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ فِيهِ فَوْتًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ وَالْقَضَاءُ فِيهِمَا بِالْقِيمَةِ كَمَا لَوْ عَدِمَ الْمِثْلِيَّ كَالْفَرْعِ فَلَا يَعْدِلُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الْمِثْلِيِّ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ السُّوقِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبِعْ جُزَافًا وَإِلَّا فَاتَ بِحَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي النَّوَادِرِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ) يَعْنِي أَنَّ مُجَرَّدَ طُولِ إقَامَةِ الْحَيَوَانِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ نَقْلٍ وَلَا تَغَيُّرَ فِي ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ مُفِيتٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ فِي الذَّاتِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَإِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ مَعَ الْمَظِنَّةِ مُفِيتًا فَالتَّغَيُّرُ مَعَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى.

(قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْضًا أَيْ فِي كِتَابِ السَّلَمِ شَهْرَانِ أَيْ لَيْسَ بِطُولٍ هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي حَدِّ الطُّولِ قَوْلَانِ فَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً لَطِيفَةً عَلَى قَوْلِهِ شَهْرٌ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ وَشَهْرَانِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَشَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُسْتَفَادُ الشَّهْرَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذْ مَا ذَكَرَهُ يُفِيدُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ طُولٌ بِاتِّفَاقِ الْمَحَلَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إنَّهُ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ) أَيْ إنَّ مَا وَقَعَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ طُولٌ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْحَيَوَانُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا وَالْمَحَلُّ الثَّانِي الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ طُولًا ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي شَهَادَةٍ) أَيْ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ الْإِمَامُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الشَّهْرَ طُولٌ بِالنَّظَرِ لِمُشَاهَدَةٍ وَمُعَايَنَةٍ أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَيَوَانٍ صَغِيرٍ حَضَرَ عِنْدَهُ وَعَايَنَهُ وَشَاهَدَهُ كَغَنَمٍ فَإِنَّ الشَّهْرَ فِيهِ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَحُكْمُهُ ثَانِيًا بِأَنَّ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ طُولًا بِالنَّظَرِ لَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ وَشَاهَدَهُ مِنْ حَيَوَانٍ كَبِيرٍ كَبَقَرٍ وَإِبِلٍ فَإِنَّ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِيهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لِاخْتِلَافِ مَحَلُّهُمَا لَيْسَا مُخْتَلِفَيْنِ حَقِيقَةً إنَّمَا الْخِلَافُ الْحَقِيقِيُّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحِلِّ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَابَلَ الْخِلَافَ الْحَقِيقِيَّ بِالشَّهَادَةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْخِلَافَ اللَّفْظِيَّ وَيُوَجِّهُ بِمَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَائِلُ إلَخْ) نَصُّ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَعْنِي اللَّخْمِيَّ أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ بِعَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَى أَنَّ الْمِقْدَارَ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَمْضِي إلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ الْحَيَوَانُ بِتَغَيُّرِهِ فِي ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى التَّخَيُّرِ اهـ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ تَعَسُّفٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَأَنْصَفَ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّخْمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>