فَإِنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ فَالْمَنْعُ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي، وَالْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ، أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا (تَأْوِيلَانِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ جَعْلِ الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَتِّ (الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ. .
(وَفَسَدَ) الْخِيَارُ إنْ وَقَعَ (بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ) شَخْصٍ (بَعِيدٍ) ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بِأَمَدٍ بَعِيدٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ سِلْعَةً فِيهَا الْخِيَارُ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا لَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لِتَمَامِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ الْقَبْضُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَالْمَنْعُ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ) أَيْ تَأْخِيرِ رَدِّ السِّلْعَةِ فَكَأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ إنَّمَا رَدَّهَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ، وَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ لَهُ بِالنَّظَرِ لِآخِرَةِ الْأَمْرِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْبَتِّ فَقَدْ فَسَخَهُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَحْتَمِلُ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَرُدَّهُ وَعَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ لَهُ يُظَنُّ أَنَّهُ أَخَّرَ رَدَّهَا لِلْبَائِعِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ اللَّازِمِ بِمَعْنَى مَعَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ فَسْخُ الْبَائِعِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَفِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْفَاسِخُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ هُوَ الْبَائِعُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَبِالنَّظَرِ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ مَعَ احْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ، أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا لَيْسَ عَقْدًا حَقِيقَةً إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَطْيِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ لَا حَقِيقَةُ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِبَعْضِ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمَّا اتَّفَقَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى مَا جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْخِيَارِ عُدَّ بَائِعًا؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ السِّلْعَةَ عَنْ مِلْكِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَتِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَاضِيَهُمَا عَلَى الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَتِّ بَيْعٌ مُؤَتَنَفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا وَمِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَالضَّمَانُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ هَذَا إذَا جَعَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ اتِّفَاقًا بَلْ، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهَا أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. .
(قَوْلُهُ وَفَسَدَ الْخِيَارُ) أَيْ فَسَدَ الْبَيْعُ الْمُحْتَوِي عَلَى الْخِيَارِ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةٍ إلَخْ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الصَّحِيحِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الْعَقَارِ شَهْرٌ وَيَلْحَقُ بِهِ سِتَّةُ أَيَّامٍ فَإِذَا بِعْتُك الدَّارَ عَلَى مُشَاوَرَةِ زَيْدٍ وَكَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ كَأَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute