للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيُعْطَى) السَّائِلُ (ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ) أَحَدَهَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ (فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ) وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ (فَيَكُونُ) السَّائِلُ (شَرِيكًا) بِالثُّلُثِ فِي السَّالِمِ وَالتَّالِفِ فَلَهُ فِي السَّالِمِ ثُلُثُهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ وَيَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا، فَإِنْ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا جَيِّدًا وَازِنًا أَخَذَهُ، وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ الْخِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) اشْتَرَاهُمَا مَعًا عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِمَا خِيَارُ التَّرَوِّي وَقَبَضَهُمَا (لِيَخْتَارَهُمَا) مَعًا، أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا فَالْمُرَادُ بِاخْتِيَارِهِمَا أَنَّهُ فِيهِمَا بِالْخِيَارِ لَا الِاخْتِيَارِ الْمُقَابِلِ لِلْخِيَارِ (فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) يَضْمَنُهُمَا ضَمَانَ مَبِيعِ الْخِيَارِ إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَهُمَا بِيَدِهِ) وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَتَى بِهِ لِتَتْمِيمِ أَحْكَامِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَفِي) اشْتِرَائِهِ عَلَى (اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَازِمٌ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا يَرُدُّ إلَّا أَحَدَهُمَا فَمَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَلَمْ يَدَّعِ ضَيَاعَ شَيْءٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ (يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ مِنْهُمَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا شَرِيكًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا، أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَسَوَاءٌ كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَفِي) اشْتِرَائِهِ أَحَدَهُمَا عَلَى (الِاخْتِيَارِ) ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَهِيَ أَوَّلُ صُوَرِ هَذَا الْمَبْحَثِ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ (لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مِنْ الثَّوْبَيْنِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الِاخْتِيَارَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ دَلِيلٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا لِكُلٍّ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ قَبَضَ لِيَخْتَارَ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ وَلَا بِقَيْدِ كَوْنِ الْمَضْمُونِ نِصْفًا (قَوْلُهُ فَيُعْطَى ثَلَاثَةً) أَيْ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ وَاحِدًا مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ أَيْ إلْزَامِ أَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ حِينِ قَبَضَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ تَلَفَ الدِّينَارَيْنِ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ شَرِيكًا) هَذَا تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الشَّبَهِ لِخَفَائِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا ضَائِعٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّشْبِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُطْلَقُ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ خَفِيٌّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا ضَمِنَ النِّصْفَ يَتَضَمَّنُ الشَّرِكَةَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ الثُّلُثَيْنِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إذَا عَدِمَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا) أَيْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْبَاقِي وَمِنْ التَّالِفَيْنِ كَمَا يَضْمَنُ الثُّلُثَ الثَّالِثَ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الدِّينَارَيْنِ التَّالِفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا بَقِيَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا، أَوْ مُتَّهَمًا وَحَلَفَ عَلَى الضَّيَاعِ حُسِبَ لَهُ دِينَارَانِ أَخَذَهُ قَضَاءً وَيَكُونُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ قَرْضًا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا وَلَمْ يَحْلِفْ حُسِبَ لَهُ الدِّينَارَانِ التَّالِفَانِ إنْ أُخِذَا قَضَاءً وَحُسِبَا عَلَيْهِ إنْ أُخِذَا قَرْضًا (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً عَلَى أَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ حِينِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا) فَلَوْ ادَّعَى الدَّافِعُ عَلَى الْآخِذِ أَنَّهُ اخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا بَعْدَ نَقْدِهَا وَوَزْنِهَا وَادَّعَى الْآخِذُ أَنَّهَا ضَاعَتْ قَبْل أَنْ يَخْتَارَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ لِيَخْتَارَهُمَا) أَيْ لِيَتَرَوَّى فِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا مَعًا، أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدَّهُمَا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ، أَوْ يَرُدَّهُمَا وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَالْمُرَادُ بِالِاخْتِيَارِ إلَخْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ لَا حَذْفَ فِيهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِيهِمَا بِالْخِيَارِ صَادِقٌ بِالطَّرَفَيْنِ الرِّضَا وَالرَّدِّ فَالتَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ فَلَوْ قَالَ، أَوْ الْمُرَادُ إلَخْ كَانَ، أَوْلَى.

(قَوْلُهُ فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا لَزِمَاهُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَاهُ جَمِيعًا كَضَيَاعِ الْجَمِيعِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ حَكَى ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا التَّقْيِيدَ عَنْ بَعْضِ الْمُذَاكِرِينَ قَالَ، وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهُ، أَوْ التَّبَعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ إيَّاهُ بِثَمَنِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهُ، أَوْ التَّبَعُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ أَتَى بِهِ لِتَتْمِيمِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا الْقِسْمِ، وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى الثَّوْبَيْنِ مَعًا عَلَى الْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ أَقْسَامِ الثَّوْبَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الضَّيَاعَ، أَوْ التَّلَفَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا بَاقِيَيْنِ بِيَدِهِ حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ لَزِمَاهُ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَزِمَاهُ بِانْقِضَائِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ) قَالَ بْن وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ح وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا فَقَطْ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ، أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ فَلُزُومُ النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ بِالثَّمَنِ فِي صُورَتَيْنِ عَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي وَفِي ثَلَاثٍ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى اللُّزُومِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>