(كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ) أَيْ بِعَدَمِ بَرَاءَةِ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (اشْتَرَاهُ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَهُ (بِبَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ تَمْنَعُ رَدًّا بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَرِيحَةً كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ، أَوْ حُكْمًا كَشِرَائِهِ مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ الْوَارِثِ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْت أَنَّك اشْتَرَيْته بِالْبَرَاءَةِ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْك إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَتُفْلِسُ، أَوْ تَكُونُ عَدِيمًا فَلَا يَكُونُ لِي رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِك. .
، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعُيُوبِ الْخَاصَّةِ بِالدَّوَابِّ وَلِذَا عَطَفَهُ مُكَرِّرًا كَافَ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ (وَكَرَهَصٍ) ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ بَاطِنَ الْحَافِرِ مِنْ حَجَرٍ (وَعَثْرٍ) شَهِدَتْ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ، أَوْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى قِدَمِهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ (وَحَرْنٍ) ، وَهُوَ عَدَمُ الِانْقِيَادِ (وَعَدَمُ حَمْلِ مُعْتَادٍ) بِأَنْ وَجَدَهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ أَمْثَالِهَا لِضَعْفِهَا وَمِثْلُهُ عَدَمُ سَيْرِهَا سَيْرَ أَمْثَالِهَا عَادَةً (لَا) رَدَّ فِي (ضَبَطٍ) ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قُوَّةُ الْيَمِينِ عَنْ قُوَّتِهَا الْمُعْتَادَةِ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ بِهَا وَحْدَهَا (وَ) لَا رَدَّ فِي (ثُيُوبَةٍ) فِيمَنْ يُفْتَضُّ مِثْلُهَا، وَلَوْ رَائِعَةً (إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا) لِصِغَرِهَا فَعَيْبٌ فِي رَائِعَةٍ مُطْلَقًا كَوَخْشٍ إنْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ بِخَطِّهِ وَالْأَوْلَى، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا عَكْسُهُ، وَهُوَ بَيْعُهُ بِبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِعُهْدَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةً لِلتَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ أَيْ بِعَدَمِ بَرَاءَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ هُنَا ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ لَا ضَمَانُهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا) اعْلَمْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ عَرَضًا، أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَ رَقِيقٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ إذَا بِيعَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ فِي الرَّقِيقِ إذَا طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَنْ يَجْهَلَ الْبَائِعُ الْعُيُوبَ الَّتِي تَبَرَّأَ مِنْهَا وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عُيُوبِ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَشِرَائِهِ مِنْ الْحَاكِمِ) أَيْ الَّذِي يَبِيعُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ، أَوْ مَالَ الْمُفْلِسِ لِأَجْلِ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُعْلِمْ الْمُشْتَرِيَ حِينَ بَاعَهُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي بَاعَهُ لَهُ بِالْعُهْدَةِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ. .
(قَوْلُهُ وَكَرَهْصٍ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ الدَّبَرَ، وَهُوَ الْقُرْحَةُ وَالنِّطَاحُ وَالرَّفْسُ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ الْأَكْلِ وَالنُّفُورُ الْمُفْرِطِينَ، وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، وَعَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْمُعْتَادِ اهـ. عَدَوِيٌّ وَفِي بْن وَجَدْتُ بِخَطِّ ابْنِ غَازِيٍّ مَا نَصُّهُ قِيلَ: الْعَمَلُ الْيَوْمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَرَسًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ هَذَا؟ اهـ. قُلْت: وَقَدْ اُشْتُهِرَ بِهَذَا الْعَمَلُ فِي فَاسَ فَفِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ
وَبَعْدَ شَهْرٍ الدَّوَابُّ بِالْخُصُوصْ ... بِالْعَيْبِ لَا تُرَدُّ فَافْهَمْ النُّصُوصْ
(قَوْلُهُ شَهِدَتْ الْعَادَةُ) الْأَوْلَى شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِدَمِهِ بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ كَانَ بِهَا، وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ عَلَى قَدَمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا، أَوْ بِغَيْرِهَا أَثَرُهُ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: إنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِيمٌ وَرَدَّ هَذَا إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ حَمْلٍ مُعْتَادٍ) الْمُرَادُ بِالْحَمْلِ مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا الْوَلَدِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا شَرَطَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَوَجَدَهَا غَيْرَ حَامِلٍ فَلَهُ الرَّدُّ حَيْثُ اُعْتِيدَ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي حَمْلَهَا جَعَلَ لِلْجَنِينِ ثَمَنًا وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قُوَّةُ الْيَمِينِ) أَيْ فَإِنْ نَقَصَتْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَجْبُرُ ضَعْفَ الْيَمِينِ زِيَادَةُ قُوَّةِ الْيَسَارِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ (قَوْلُهُ: وَلَا رَدَّ فِي ثُيُوبَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً يُفْتَضُّ مِثْلُهَا لِكَوْنِهَا كَبِيرَةً فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ بَكَارَتَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلِيَّةً، أَوْ وَخْشًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ سَلَامَتِهَا مِنْ الِافْتِضَاضِ وَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا قَدْ وُطِئَتْ لَا عَلَى أَنَّهَا زَنَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِمَاءِ اقْتِنَاؤُهُنَّ لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) أَيْ تُرَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ أَمْ لَا؛ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَطَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَلَا تُرَدُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute