للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَسَرَهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمَعِيبًا فَيُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَصَحِيحٌ مَعِيبٌ فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَعِيبٍ عَشْرَةٌ وَصَحِيحًا مَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي. .

وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا الدَّارَ فَإِنَّ عَيْبَهَا قَدْ يَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ؛ فَلِذَا قَسَّمُوهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قَلِيلٌ جِدًّا لَا تُرَدُّ بِهِ وَلَا قِيمَةَ وَمُتَوَسِّطٌ لَا تُرَدُّ بِهِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ، وَكَثِيرٌ تُرَدُّ بِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا رَدَّ بِوُجُودِ (عَيْبٍ قَلَّ) جِدًّا (بِدَارٍ) كَسُقُوطِ شُرَّافَةٍ وَكَسْرِ عَتَبَةٍ وَلَا أَرْشَ لَهُ (وَفِي قَدْرِهِ) أَيْ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَلِيلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَالْمُرَادُ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ الْمُتَوَسِّطِ هَلْ يُرَدُّ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، أَوْ هُوَ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، أَوْ مَا دُونَ الرُّبُعِ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الثَّمَنِ، أَوْ عَنْ عَشَرَةٍ مِنْ الْمِائَةِ (تَرَدُّدٌ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي فِي قَدْرِهِ التَّرَدُّدُ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ سَالِمَةً وَمَعِيبَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ (كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّارِ (مِنْهُ) السُّقُوطَ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ الْهَدْمُ أَمْ لَا أَيْ وَكَانَ الصَّدْعُ يُنْقِصُ الثَّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْقَلِيلِ جِدًّا الَّذِي لَا رَدَّ بِهِ وَلَا رُجُوعَ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَمِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي تُرَدُّ بِهِ وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ يُعْلَمُ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي الْمُتَوَسِّطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَإِنْ كَسَرَهُ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ وَكَسَرَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ) الْمُرَادُ بِنَحْوِ الْقَلْيِ الشَّيُّ (قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَهُ) أَيْ وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ وَأَرْشُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لَمْ يُرَدَّ) أَيْ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَنَّهُ مَذِرٌ، أَوْ مَمْرُوقٌ. .

(قَوْلُهُ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) فَلِذَا قِيلَ إنَّ الْكِتَابَ يُرَدُّ بِنَقْصِ وَرَقَةٍ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا الدَّارَ) أَيْ وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْعَقَارِ كَالْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْخَانِ فَلَا تُرَدُّ كَغَيْرِهَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بَلْ بِالْكَثِيرِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عَيْبَهَا إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الدَّارِ وَغَيْرِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّارَ يَسْهُلُ إصْلَاحُ عَيْبِهَا وَزَوَالُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلِأَنَّ الدَّارَ لَا تَخْلُو عَنْ عَيْبٍ فَلَوْ رُدَّتْ بِالْقَلِيلِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ فَتُسُوهِلَ فِيهَا وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلتِّجَارَةِ بَلْ لِلْقِنْيَةِ فَتُسُوهِلَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَسْرُ عَتَبَةٍ) أَيْ أَوْ رَفٍّ، أَوْ خَلْعُ بَلَاطَةٍ، أَوْ ضَبَّةٍ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَلِيلُ) يَعْنِي مِنْ الْعَيْبِ لَا جِدًّا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِيمَا فِيهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، وَهُوَ غَيْرُ الْيَسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ هَلْ يُرَدُّ لِلْعُرْفِ) أَيْ فَمَا قَضَى الْعُرْفُ بِقِلَّتِهِ فَهُوَ قَلِيلٌ وَمَا قَضَى بِكَثْرَتِهِ فَهُوَ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ، أَوْ مَا دُونَ الثُّلُثِ) أَيْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَوْلُهُ مَا دُونَ الرُّبُعِ أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَتَّابٍ (قَوْلُهُ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الثَّمَنِ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الْقِيمَةِ بِأَنْ نَقَصَ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَأَقَلُّ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَإِذَا اشْتَرَيْت دَارًا فَوَجَدْت بِهَا عَيْبًا أَرْشُهُ إذَا طُرِحَ مِنْ قِيمَتِهَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُعْظَمِهَا بِأَنْ كَانَ نِصْفَهَا، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ، أَوْ عَنْ عَشْرَةٍ) أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ عَنْ عَشْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً أَمَّا الْمُنْقِصُ لِلْعَشْرَةِ فَكَثِيرٌ فَإِذَا اشْتَرَيْت دَارًا فَوَجَدْت بِهَا عَيْبًا يَنْقُصُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ مِنْ مِائَةٍ قِيمَتُهَا فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ عَشْرَةً فَهُوَ كَثِيرٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَلَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ: إنَّ الْيَسِيرَ مَا نَقَصَ عَنْ الْعَشَرَةِ وَمَا نَقَصَ الْعَشَرَةِ كَثِيرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْ كَمْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي بِهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اُرْدُدْ عَلَيَّ مَا بِعْتُهُ لَك وَخُذْ الثَّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَفِي التُّحْفَةِ: إنَّ الْمُتَوَسِّطَ كَالْكَثِيرِ فِي الرَّدِّ بِهِ قَالَ فِيهَا:

وَبِالْكَثِيرِ الْمُتَوَسِّطُ لَحِقْ ... فِيمَا مِنْ الْعَيْبِ الْخِيَارُ قَدْ يَحِقْ

قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ الْهَدْمُ أَمْ لَا) هَكَذَا فِي الْأُمَّهَاتِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ خِلَافًا لِمَا اخْتَصَرَهَا عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ وَنَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا صَدْعًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى الْجِدَارِ فَلْيَرُدَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ، وَقَدْ تَعَقَّبَ عَلَيْهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْهُ) أَيْ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا الْهَدْمُ مِنْ ذَلِكَ الصَّدْعِ (قَوْلُهُ وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ فَقِيلَ إنَّهُ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ الثُّلُثُ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا الرُّبُعُ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا عَشْرَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>