للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ، قَوْلُهُ (كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) ، أَوْ بِيَدِهِ مِحْبَرَةٌ وَقَلَمٌ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ، أَوْ أَمَرَ الْعَبْدَ بِهِ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ الْقَدِيمَ لِيَظُنَّ أَنَّهُ جَدِيدٌ (فَيَرُدَّهُ) أَيْ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّغْرِيرُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ (بِصَاعٍ) خَاصٍّ بِالْأَنْعَامِ وَظَاهِرُهُ صَاعٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ تَكَرَّرَ حَلْبُهَا حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَيْضًا وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أَيْ قُوتِ مَحَلِّهِ وَلَوْ لَحْمًا وَلَا عِبْرَةَ بِقُوتِهِ هُوَ عَرَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ الْمُشْتَرِي (وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا بَدَلًا عَنْ الصَّاعِ وَلَوْ بِتَرَاضِيهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ بِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ وَجَبَ الصَّاعُ عَلَى الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ اللَّبَنِ عِوَضًا عَنْهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ اللَّبَنِ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى اللَّبَنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْجَوَازِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَكَذَا يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِ الْغَالِبِ، وَلَوْ غَلَبَ اللَّبَنُ رَدَّ صَاعًا مِنْهُ غَيْرَ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ضَمِنَ مَا عَامَلَهُ فِيهِ، وَمِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ قَوْلُ صَيْرَفِيٍّ نَقَدَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ أَجْرٍ هِيَ طَيِّبَةٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَإِعَارَةُ شَخْصٍ لِآخَرَ إنَاءً مَخْرُوقًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ، وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ فَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ بِسَبَبِ الْخَرْقِ فَلَا ضَمَانَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ عَقْدُ إجَارَةٍ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَصَيْرَفِيٍّ نَقَدَ بِأُجْرَةٍ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَيِّدٌ مَعَ عِلْمِهِ بِرَدَاءَتِهِ وَكَإِجَارَةِ إنَاءٍ فِيهِ خَرْقٌ وَأَخْبَرَ الْمُؤَجِّرُ أَنَّهُ سَالَمَ مَعَ عِلْمِهِ بِخَرْقِهِ فَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ قَالَهُ عج وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ إذَا نَقَدَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ غَرَّ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَغُرَّ بِأَنْ أَخْطَأَ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ وَغَرَّ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ زَائِفٌ وَقَالَ: إنَّهُ جَيِّدٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَدَّ، أَوْ تَمَاسَكَ إذَا ظَهَرَ الْحَالُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ لِلتَّشْبِيهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ، وَأَنَّهُ مَثَّلَ لِلْغُرُورِ الْفِعْلِيِّ بِمِثَالَيْنِ: الْأَوَّلُ التَّصْرِيَةُ وَهَذَا هُوَ الثَّانِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَبِيعِ، أَوْ بِمُلَابِسِهِ (قَوْلُهُ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ) أَيْ حِينَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ بِيَدِهِ أَيْ، أَوْ يَبِيعُهُ وَبِيَدِهِ إلَخْ فَيَظُنُّ أَنَّهُ كَاتِبٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلَهُ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَرُدُّهُ أَيْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ السَّيِّدَ فَعَلَهُ، أَوْ أَمَرَ الْعَبْدَ بِفِعْلِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ تَخَلَّفَ الْمَشْرُوطُ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ السَّيِّدَ فَعَلَهُ وَلَا أَمَرَ الْعَبْدَ بِفِعْلِهِ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي لِاحْتِمَالِ فِعْلِ الْعَبْدِ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي كَوْنِ الْبَائِعِ أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ، أَوْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ إلَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَهِيمِيًّا، أَوْ كَانَ آدَمِيًّا (قَوْلُهُ بِصَاعٍ) أَيْ مَعَ صَاعٍ وَقَوْلُهُ خَاصٌّ بِالْأَنْعَامِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ أَمَةً، أَوْ رَدَّ حِمَارَةً فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا (قَوْلُهُ عَلَى الرِّضَا) أَيْ فَقَدْرُ الصَّاعِ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِغُلُوِّ الصَّاعِ وَلَا لِرُخْصِهِ (قَوْلُهُ وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الذَّاتِ الْمُصَرَّاةِ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ ذَاتٍ صَاعًا وَلَوْ تَعَدَّدَ حَلْبُهَا (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أَيْ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ مِنْ تَمْرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَحَمَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَالِبَ قُوتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ يُشْعِرُ بِأَنَّ هُنَاكَ غَالِبًا وَغَيْرَهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَالِبٌ بَلْ كَانَ هُنَاكَ صِنْفَانِ مُسْتَوِيَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْقُوتِيَّةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَعْلَى، أَوْ مِنْ الْأَدْنَى، أَوْ مِنْ الْأَوْسَطِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَوْسَطِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ صَاعٍ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) أَيْ غَابَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِيعَ الطَّعَامُ) أَيْ، وَهُوَ الصَّاعُ (قَوْلُهُ وَجَبَ الصَّاعُ) أَيْ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ فَأَلْ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ) أَيْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَرَّاةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ، وَكَذَا يُفِيدُ) أَيْ هَذَا التَّعْلِيلُ السَّابِقُ يُفِيدُ إلَخْ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَيَوَانَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ قَبْلَ أَخْذِ اللَّبَنِ فَلَا صَاع عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ مَعَ الصَّاعِ فَلَا حُرْمَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ بَدَلُ اللَّبَنِ وَالْمَمْنُوعُ عَدَمُ رَدِّ الْبَدَلِ وَهَذَا رَدُّ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَدَّ الْمُبْدَلَ أَيْضًا وَاعْلَمْ أَنَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي لِلصَّاعِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ مَعْنًى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفُوزُ بِاللَّبَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ وَأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً هَذَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَأَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَهُوَ «لَا تُصَرُّ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ فَمَنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>