للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا مَا) أَيْ فِعْلًا (لَا يُنْقِصُ) الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ الرَّدُّ (كَسُكْنَى الدَّارِ) ، أَوْ الْحَانُوتِ، أَوْ إسْكَانِهِمَا لِغَيْرِهِ زَمَنَ الْخِصَامِ، وَكَذَا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ بِخِلَافٍ كَسُكْنَى الدَّارِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ وَكَاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالِاتِّجَارِ وَالْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَدَالٌّ عَلَى الرِّضَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا مَا لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ دُونَ زَمَنِهِ، وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَكُلُّهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكُتُبِ (وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ) بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ (فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَرُدَّ، فَإِنْ سَكَتَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رَدَّ بِلَا يَمِينٍ وَأَكْثَرَ فَلَا رَدَّ وَلِعُذْرٍ فَالرَّدُّ مُطْلَقًا. .

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ التَّصَرُّفَ اخْتِيَارًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَخْرَجَ مِنْهُ مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا كَمُسَافِرٍ) اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ وَ (اُضْطُرَّ لَهَا) أَيْ لِلدَّابَّةِ لِرُكُوبٍ، أَوْ حَمْلٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا وَلَا رَدَّهَا إلَّا فِيمَا قَرُبَ وَخَفَّتْ مُؤْنَتُهُ، فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ حَبَسَهَا وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ كَرَضِيتُ وَقَوْلُهُ، أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَإِجَارَةٍ وَإِسْلَامٍ لِلصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُنْقِصُ الْمَبِيعَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ مَعَ أَنَّ مَا لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَيَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَا يَنْقُصُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ زَمَنَ الْخِصَامِ) أَيْ مُخَاصَمَةِ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي وَتَنَازُعِهِمَا فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا) أَيْ كَاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالْإِجَارَةِ وَإِسْلَامِ الْعَبْدِ لِلصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ مَا لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا) أَيْ، وَهُوَ الْغَلَّةُ النَّاشِئَةُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ مَا لَمْ يَطُلْ سُكُوتُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، وَإِلَّا كَانَ اسْتِغْلَالُهُ دَالًّا عَلَى الرِّضَا، وَعَلَى هَذَا الْقِسْمِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي لِلْقَضَاءِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ، ثُمَّ يَرُدُّ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَتَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِطُرَّتِهِ تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا، وَإِنْ حَلَبَتْ ثَالِثَةً، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى اسْتَغَلَّهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَلَعَلَّ الْغَلَّةَ النَّاشِئَةَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ مِثْلُ مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانِهَا وَاغْتِلَالِ الْحَائِطِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ دَلَّ عَلَى الرِّضَا، وَلَوْ لَمْ يَطُلْ اهـ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَعْنِي سُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانَهَا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) أَيْ، وَأَمَّا حُصُولُهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُطَالَعَةُ فِي الْكُتُبِ) أَيْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ سُكْنَى الدَّارِ فَيَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَسَكَتَ ثُمَّ طَلَبَ الرَّدَّ، فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِعُذْرٍ رَدَّ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ رَدَّ بَعْدَ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ أُجِيبَ لِذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّدَّ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ أُجِيبَ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّدَّ بَعْدَ أَكْثَرِ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَا يُجَابُ، وَلَوْ مَعَ الْيَمِينِ وَحَيْثُ قِيلَ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ فَلَا رَدَّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الرِّضَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ لَا إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ فِي الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ كَمَا فِي شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ يَوْمًا آخَرَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَقَوْلُهُ: إنَّ التَّصَرُّفَ أَيْ بِالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَاللُّبْسِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ وَقَوْلُهُ اخْتِيَارًا يَعْنِي عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا، وَلَوْ حَذَفَ اخْتِيَارًا كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ، أُولَاهُمَا أَيْ أَخْرَجَ، أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ لَا كَمُسَافِرٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُسَافِرٍ وَأَنَّهَا مُدْخَلَةٌ لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى لَفْظِ دَابَّةٍ مَحْذُوفٍ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ، وَالتَّقْدِيرُ لَا كَدَابَّةِ مُسَافِرٍ فَالرَّقِيقُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَالدَّابَّةِ فِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلٍّ فِي السَّفَرِ لَا يُعَدُّ رِضًا بِخِلَافِ الْحَضَرِ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهُمَا فِيهِ يُعَدُّ رِضًا سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا اتِّفَاقًا كَانَ فِي الْحَضَرِ، أَوْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الرُّكُوبُ مَانِعًا لَهُ مِنْ الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا رَدُّهَا) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>