(فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) كَعَشَرَةٍ فِي الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ فِي الْخَوْفِ (إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَأَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ (كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ) فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّلَوُّمِ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ (وَفِيهَا) فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (أَيْضًا نَفْيٌ) أَيْ انْتِفَاءُ أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ (التَّلَوُّمِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْضِعَ الْآخَرَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ التَّلَوُّمِ لَا أَنَّ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ حِينَئِذٍ الْوِفَاقُ الْآتِي (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ التَّلَوُّمُ (عَلَى الْخِلَافِ) لِلْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ، أَوْ الْوِفَاقُ بِحَمْلِ الْمَسْكُوتِ فِيهِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِيهِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْجُ قُدُومَهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ لَوْ تَلَوَّمَ وَيُحْمَلُ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا رُجِيَ قُدُومُهُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْوِفَاقُ (ثُمَّ) بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّلَوُّمِ (قَضَى) الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ (إنْ أَثْبَتَ) الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي (عُهْدَةً) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّقِيقِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِيهِ بِالشَّرْطَيْنِ (مُؤَرَّخَةً) فِي إسْنَادِ التَّارِيخِ لِلْعُهْدَةِ تَجَوُّزٌ وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً زَمَنُ الْبَيْعِ لِعِلْمِ هَلْ الْعَيْبُ قَدِيمٌ، أَوْ حَادِثٌ (وَ) أَثْبَتَ (صِحَّةَ الشِّرَاءِ) خَوْفَ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَسَادَهُ إذَا حَضَرَ فَيُكَلِّفُهُ الْيَمِينَ بِالصِّحَّةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ عَلَّلَ عَدَمَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمَ وُجُوبِ الْإِعْلَامِ بِالْعَجْزِ (قَوْلُهُ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) أَيْ الْمَعْلُومِ الْمَوْضِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) أَيْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُدُومَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ الْقَائِلِ إنَّهُ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ تَذْكُرْ التَّلَوُّمَ بَلْ قَالَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ انْتِفَاءً) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ، وَهُوَ النَّفْيُ وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ، وَهُوَ الِانْتِفَاءُ وَقَوْلُهُ أَيْ عَدَمُ ذِكْرِهِ بَيَانٌ لِانْتِفَاءِ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ أَنَّ فِيهَا) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ إبْقَاءً لِلْمَصْدَرِ عَلَى حَالِهِ.
(قَوْلُهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ حِينَئِذٍ الْوِفَاقُ الْآتِي) أَيْ بِجَمِيعِ، أَوْجُهِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَوْضِعِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَرْجُوًّا قُدُومُهُ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي نُفِيَ فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَنْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوٍّ قُدُومُهُ عَلَى أَنَّ بْن نَقَلَ أَنَّ فِيهَا التَّصْرِيحَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا دَاعِي لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْمَحَلُّ لِلْأَوَّلِ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، وَمَنْ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ لَا يَرُدُّ الْحَاكِمُ عَلَيْهِمَا إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ، وَالْمَحَلُّ الثَّانِي ذُكِرَ فِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا بِدُونِ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْمَسْكُوتِ فِيهِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَسْكُوتِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أَيْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ أَخْذًا مِنْ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا إذَا خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ) أَيْ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ قَضَى، وَفِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إثْبَاتِ تِلْكَ الْمُوجِبَاتِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ إثْبَاتَ الْعُهْدَةِ الْمُؤَرَّخَةِ وَمَا بَعْدَهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مَاضٍ قَلَبَتْهُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ أَثْبَتَ عُهْدَةً وَالْمَعْنَى يُرْشِدُ لِذَلِكَ وَكَانَ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْمُضِيِّ لَا تَقْلِبُهَا إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ، ثُمَّ إنَّ ثُبُوتَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْأَمْوَالِ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ) الْأَوْلَى أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ أَيْ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ هُنَا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ، أَوْ السَّنَةِ، أَوْ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ ضَمَانُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، أَوْ السَّنَةِ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ تَبَرَّأَ مِنْهُ بَرَاءَةً تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ لَا تَنْفَعُ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ رَدٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِتَبَرِّيهِ مِنْهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِهَا فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ هُنَا مَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إنَّمَا إلَخْ) أَيْ إثْبَاتُ اشْتِرَائِهِ عَلَى الْعُهْدَةِ (قَوْلُهُ فِي الرَّقِيقِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ الَّذِي اطَّلَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ رَقِيقًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ لَا تَنْفَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ بِالشَّرْطَيْنِ) هُمَا طُولُ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً إلَخْ) أَيْ فَالْأَصْلُ الْحَقِيقِيُّ مُؤَرَّخٌ زَمَنُهَا الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْبَيْعِ وَإِثْبَاتُ تَارِيخِ زَمَنِهَا بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي: تَشْهَدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا عَلَى الْعُهْدَةِ أَيْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ إلَخْ) عِلَّةً لِإِثْبَاتِ التَّارِيخِ (قَوْلُهُ هَلْ الْعَيْبُ) أَيْ الَّذِي يَدَّعِي الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ قَدِيمٌ فِي الْوَاقِعِ كَمَا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي، أَوْ لَيْسَ قَدِيمًا بَلْ حَادِثٌ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ خَوْفُ دَعْوَى الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ فَفَائِدَةُ إثْبَاتِ صِحَّةِ الشِّرَاءِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute