(ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ مِنْهُ، وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي الثَّمَانِيَةِ وَيَفْضُلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ (وَ) إنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ (كَمَّلَ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَيَدْفَعُ لَهُ دِرْهَمَيْنِ دَلَّسَ أَمْ لَا وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا رَجَعَ لِيَدِ مُشْتَرِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُرَدُّ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ ذَكَرَ أَقْسَامَ التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَكِنْ لَا بِقَيْدِ حُدُوثِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ وَعَوْدِهِ لَهَا، وَأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُتَوَسِّطٌ وَيَسِيرٌ وَكَثِيرٌ وَاسْتَوْفَاهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ) الْمَعِيبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ آخَرَ حَدَثَ عِنْدَهُ (إنْ تَوَسَّطَ) هَذَا الْحَادِثُ بَيْنَ الْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ وَالْقَلِيلِ (فَلَهُ) التَّمَسُّكُ بِهِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ وَ) لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (وَدَفْعُ) أَرْشِ (الْحَادِثِ) عِنْدَهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ كَمَا يَأْتِي. .
وَلَمَّا كَانَ الْعَيْبُ عَرَضًا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى طَرِيقِ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَقُوِّمَا) أَيْ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (بِتَقْوِيمٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَقْوِيمِ (الْمَبِيعِ) صَحِيحًا وَمَعِيبًا فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ أَيْ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ فَيُقَوَّمُ صَحِيحًا بِعَشْرَةٍ مَثَلًا وَبِالْقَدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْحَادِثِ مَعَهُ بِسِتَّةٍ، فَإِنْ رَدَّ دَفَعَ خُمُسَ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ خُمُسَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَّا لِتَقْوِيمَتَيْنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ، ثُمَّ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَفْضُلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ) يَدْفَعُهُمَا لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَفِي بْن أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ رُجُوعِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِزَائِدِ الثَّمَنِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَإِذَا رَدَّ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ اهـ، وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ الثَّانِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ وَإِنَّمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَهُ بِأَقَلَّ كَمَّلَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لَهُ بِأَقَلَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَمْ يُكَمِّلْ سَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ شِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ كَمَّلَ لَهُ) إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَمْ يُعِدْ الْمَبِيعَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ لِلْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى، وَهُنَا قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ وَمِنْهُ وَلَمْ تَعُدْ السِّلْعَةُ لَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِكَمَالِ الثَّمَنِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ قُلْت قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ لِرُجُوعِ سِلْعَتِهِ إلَيْهِ فَلْيُرْجِعْ لِذَلِكَ ثَمَنَهُ كُلَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِكَمَالِ الثَّمَنِ لَتَضَرَّرَ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ النَّقْصُ إنَّمَا هُوَ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ لَا لِلْعَيْبِ فَلِذَا لَمْ يَكْمُلْ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا) أَيْ وَذَكَرَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ إلَخْ) إنَّمَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُشْتَرِي إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ وَفِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، فَإِنْ قَبِلَهُ بِالْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ صَارَ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالْعَدَمِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. .
(قَوْلُهُ وَمَعِيبًا) أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَوَّمُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ هُوَ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ إنَّمَا يُقَوَّمُ تَقْوِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَقْوِيمُهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْأُخْرَى بِالْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّخْيِيرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي عبق وَفِي الْمُتَيْطِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَدْخُلُ فِي أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ اهـ. وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ شَيْئًا قَبْلَ التَّقْوِيمِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَبِالتَّقْدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْحَادِثِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَدِيمِ بِسِتَّةٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ قَدْ نَقَصَهُ خُمُسَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ دَفَعَ الثَّمَنَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ وَأَرَادَ الرَّدَّ دَفَعَ أَرْبَعَةً أَرْشَ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ قَدْ نَقَصَ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرُدُّ أَرْبَعَةً خُمُسَ الثَّمَنِ فَالْقِيمَةُ مِيزَانٌ لِلرُّجُوعِ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ خُمُسَهُ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute