للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا تَنَازَعَا وَلَمْ يَشْهَدْ لِلْبَائِعِ شَاهِدٌ عَدْلٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْبَائِعُ الرُّؤْيَةَ، أَوْ الرِّضَا عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فِي الْخَفِيِّ وَبِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِرَاءَةَ، أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْلِيبِ، أَوْ أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ بِالرِّضَا بِهِ مُخْبِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ إذَا بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ مَثَلًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَادَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا أَبَقَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ إلَّا لِكَوْنِهِ كَانَ يَأْبِقُ عِنْدَك وَأَنْتَ قَدْ دَلَّسَتْ عَلَيَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَحْلِفُ (بَائِعٌ أَنَّهُ) يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا (لَمْ يَأْبِقْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ مَنَعَ وَضَرَبَ؛ الْعَبْدُ عِنْدَهُ (لِإِبَاقِهِ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (بِالْقُرْبِ) وَأَوْلَى بِالْبُعْدِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أُخْبِرْت بِأَنَّهُ كَانَ يَأْبِقُ عِنْدَك فَلَهُ تَحْلِيفُهُ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الْمُبَيَّنِ جَمِيعُهُ، أَوْ الْمَكْتُومِ جَمِيعُهُ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا بُيِّنَ بَعْضُهُ وَكُتِمَ بَعْضُهُ فَقَالَ (وَ) إنْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِبَعْضِ الْعَيْبِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فَاخْتَلَفَ (هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ) بَيَانِ (أَكْثَرِ الْعَيْبِ) كَقَوْلِهِ يَأْبِقُ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَكَانَ أَبَقَ عِشْرِينَ (فَ) هَذَا (يَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي (بِالزَّائِدِ) الَّذِي كَتَمَهُ الْبَائِعُ فَقَطْ أَيْ بِأَرْشِهِ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ الَّتِي كَتَمَهَا فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا، فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْبِقُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ (وَ) بَيَّنَ بَيَانَ (أَقَلِّهِ) كَالْخَمْسَةِ فِي الْمِثَالِ وَيَكْتُمُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ (بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَتَمَ الْأَكْثَرَ كَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَ، أَوْ كَتَمَ وَلَا بَيْنَ الْمَسَافَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (، أَوْ) يَرْجِعُ (بِالزَّائِدِ) أَيْ بِأَرْشِ مَا كَتَمَ (مُطْلَقًا) بَيْنَ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْأَقَلِّ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَ، أَوْ كَتَمَ (أَوْ) يُفَرَّقُ (بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ) فَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الزَّائِدِ الَّذِي كَتَمَهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ، أَوْ الْأَقَلُّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ لِلْبَائِعِ شَاهِدٌ عَدْلٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ أَصْلًا، أَوْ لَهُ شَاهِدٌ مَسْخُوطٌ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ وَبِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ ادَّعَى إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فِي الْخَفِيِّ) أَيْ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ خَفِيًّا.

(قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مُكِّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ لَحَلَّفَهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عَيْبٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ، وَهُوَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ أَيْ لَمْ يَحْلِفْ حَلِفًا مُصَوَّرًا بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَكَسْرُهَا أَيْ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيْ حِكَايَةِ الصِّيغَةِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْبَائِعِ لَوْ كَانَ يَحْلِفُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ إلَخْ) فَرْضُ مِثَالٍ أَيْ، وَلَمْ يَسْرِقْ وَلَمْ يَزْنِ وَلَمْ يَشْرَبْ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِإِبَاقِهِ) عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَهُوَ يَحْلِفُ أَيْ أَنَّ الْحَلِفَ مِنْ الْبَائِعِ لِأَجْلِ إبَاقِ الْعَبْدِ بِالْقُرْبِ مَنْفِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى) هَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ ظَاهَرَهُ أَنَّ عَدَمَ تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ لِكَوْنِهِ اتَّهَمَهُ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ بِسَبَبِ إبَاقِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِالْقُرْبِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ، أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ قَالَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ بِإِبَاقِهِ عِنْدَك، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِهِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ الَّذِي سَمَّاهُ مَسْخُوطًا، أَوْ عَدْلًا وَلَمْ يَقُمْ الْمُشْتَرِي بِشَهَادَتِهِ، وَإِلَّا حَلَفَ مَعَهُ وَرَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ. .

(قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ) أَيْ عَلَى مَا بَيْنَهُ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا) أَيْ مِنْ عَيْبِ الْإِبَاقِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَقْوِيمِهِ سَلِيمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ نَحْوَهُ فِي عبق وَخَشٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَقُومُ مَعِيبًا بِمَا بَيَّنَ فَقَطْ، ثُمَّ يَقُومُ مَعِيبًا بِمَا بَيَّنَ وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيَّنَهُمَا فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ يَأْبِقُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ يَأْبِقُ عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ وَلَا يَقُومُ سَلِيمًا لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ عَلَى الْمُبْتَاعِ كَذَا فِي بْن وَغَيْرِهِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَيْ مِمَّا كَتَمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَيْ مِنْ عَيْبِ الْإِبَاقِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا) أَيْ وَسَكَتَ هَذَا الْقَوْلُ عَمَّا إذَا بَيَّنَ النِّصْفَ وَكَتَمَ النِّصْفَ كَمَا لَوْ قَالَ إنَّهُ يَأْبِقُ عَشْرَةً، وَهُوَ يَأْبِقُ عِشْرِينَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ أَيْ يَرْجِعُ بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ مِثْلُ مَا إذَا بَيَّنَ الْأَكْثَرَ وَكَتَمَ الْأَقَلَّ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ شَيْخُنَا بَلْ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلَا بَيَّنَ الْمَسَافَةَ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ شَأْنُهُ يَأْبِقُ عِشْرِينَ مِيلًا فَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ بَعْضَهَا وَيَكْتُمُ بَعْضَهَا وَقَوْلُهُ وَالْأَزْمِنَةُ كَمَا إذَا كَانَ شَأْنُهُ يَأْبِقُ عِشْرِينَ يَوْمًا فَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ بَعْضَهَا وَيَكْتُمُ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بِالزَّائِدِ) أَيْ بِأَرْشِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَلَاكِهِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>