عَنْ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِيهِمَا وَقِيلَ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا وَقِيلَ كَالْبَائِعِ أَيْ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْتُهُ وَمَا أَعْلَمُ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَيْبًا. .
(وَالْغَلَّةَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (لِلْفَسْخِ) أَيْ فَسْخِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَيْ الدُّخُولِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِأَنْ يَثْبُتَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ يَرْضَى بِأَخْذِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الَّتِي لَا يَدُلُّ اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الرِّضَا بِأَنْ نَشَأَتْ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَصُوفٍ وَلَبَنٍ وَعَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَسُكْنَى دَارٍ لَا يَنْقُصُ (وَلَمْ تُرَدَّ) الْغَلَّةُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَيْ لَا يُقْضَى بِرَدِّهَا وَصَرَّحَ بِهَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (بِخِلَافِ وَلَدٍ) حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَرُدُّهُ مَعَ أُمِّهِ سَوَاءٌ اشْتَرَى الْأُمَّ حَامِلًا أَمْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ فَوَجَدَ بِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ عَيْبًا (وَ) بِخِلَافِ (ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) حِينَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَطَهَا مَعَ الْأَصْلِ فَيَرُدَّهَا مَعَ الْأَصْلِ الْمَعِيبِ، وَلَوْ طَابَتْ، أَوْ جُذَّتْ، فَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ كَيْلَهُ وَقِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ بَاعَهُ وَعَلِمَ قَدْرَ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ أَيْضًا (وَ) بِخِلَافِ (صُوفٍ تَمَّ) وَقْتُ الشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي لِدُخُولِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ فَيَرُدُّ لِلْبَائِعِ مَعَ الْغَنَمِ الْمَعِيبَةِ، وَإِنْ فَاتَ رُدَّ وَزْنُهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رُدَّ الْغَنَمُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْتُهُ وَأَقْبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا هُوَ بِهِ لَيْسَ نَقِيضَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ وَمُتَعَلِّقُ الْيَمِينِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَقِيضَ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهِ؛ لِأَنَّ نَقِيضَ الْقِدَمِ عَدَمُ الْقِدَمِ وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَقَبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْقِدَمِ وَتَضَمُّنُ الْيَمِينِ لِنَقِيضِ الدَّعْوَى كَافٍ مِثْلُ الْحَلِفِ عَلَى نَقِيضِهَا.
(قَوْلُهُ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ بِقِدَمِ الْعَيْبِ ظَنًّا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ فَيَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ اشْتَرَيْته، وَهُوَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فِي عِلْمِي (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ فَيَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ وَفِيهِ هَذَا الْعَيْبُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ كَالْبَائِعِ) هَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَبِيبٍ. .
(قَوْلُهُ أَيْ الدُّخُولُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) تَفْسِيرٌ لِلْفَسْخِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ نَشَأَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ إلَخْ) أَيْ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَمَّا إنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَرِضًا فَإِذَا سَكَنَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَقَامَ بِهِ حَالًا فَالْغَلَّةُ، وَهِيَ السُّكْنَى الْحَاصِلَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ تَكُونُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْخِصَامِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ وَقَبْلَ الْخِصَامِ فَذَلِكَ رِضًا، وَلَوْ قَلَّ الزَّمَنُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَلَّةَ الَّتِي تُجَامِعُ الْفَسْخَ مَا كَانَتْ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ سَوَاءٌ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكِ مُنْقِصٍ كَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكِ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى، أَوْ نَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَتْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَنَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطُلْ، أَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى إذَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا الْغَلَّةُ الَّتِي لَا تُجَامِعُ الْفَسْخَ أَيْ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الرِّضَا فَهِيَ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَنَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ مُنْقِصٍ كَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ تَحْرِيكٍ أَصْلًا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ وَطَالَ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ وَلَدٍ) أَيْ لِأَمَةٍ، أَوْ لِإِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَقَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ مَعَ أُمِّهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَغْلَةً خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ حَيْثُ جَعَلَ الْوَلَدَ غَلَّةً وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي وِلَادَتِهَا إذَا رَدَّهَا إلَّا إذَا نَقَّصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَيَرُدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يُجْبَرَ ذَلِكَ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالْوِلَادَةِ بِالْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إذَا رَدَّهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا غَلَّةٌ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ الرَّدُّ بَعْدَ أَنْ جَذَّهَا فَلَا يَرُدُّهَا لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ جَذِّهَا رَدَّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَاتَ) أَيْ بِأَكْلٍ، أَوْ بِبَيْعٍ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) هَذَا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمَكِيلَةُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثَمَنَهُ إنْ عَلِمَ كَمَا قَالَ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ عَلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَيَكُونُ لَهُ الصُّوفُ فِي مُقَابَلَةِ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْغَنَمِ ثَمَنَ الصُّوفِ إنْ بَاعَهُ، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ كَمَا قِيلَ فِي الثَّمَرَةِ إنْ قَلَّتْ لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ عِنْدَ انْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَكِيلَةِ وَالْوَزْنِ قُلْت؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْأُصُولَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ مِثْلَ الْغَنَمِ لَزِمَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطٍ تَأْتِي وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بَيْعًا بِخِلَافِ رَدِّ الْغَنَمِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصُّوفَ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى رَدِّ الْأُصُولِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ الْإِبَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute