للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ وَكِيلٍ، وَإِلَّا رَدَّ بِالْغَلَطِ قَطْعًا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَهَذِهِ الزُّجَاجَةِ فَإِذَا هِيَ يَاقُوتَةٌ لَثَبَتَ الرَّدُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ سَمَّى بِاسْمٍ خَاصٍّ كَتَسْمِيَةِ الْحَجَرِ يَاقُوتَةً. .

(وَلَا) يَرُدُّ الْمَبِيعَ (بِغَبْنٍ) بِأَنْ يَكْثُرَ الثَّمَنُ، أَوْ يَقِلَّ جِدًّا (وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) بِأَنْ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِ الْعُقَلَاءِ (وَهَلْ) عَدَمُ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ (إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ) الْمَغْبُونُ (وَيُخْبِرُهُ) أَيْ يُخْبِرُ صَاحِبَهُ (بِجَهْلِهِ) تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِسْلَامِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْنِي كَمَا تَبِيعُ لِلنَّاسِ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْقِيمَةَ، أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ) بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا قِيمَتُهُ لِأَشْتَرِيَ بِهَا، أَوْ لِأَبِيعَ بِهَا فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ تَنْوِيعٌ ظَاهِرِيٌّ وَالْمُؤَدَّى وَاحِدٌ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ قَطْعًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَيْنَ قَوْلِهِ غَلَطٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ سَمَّى بِاسْمِهِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ) أَيْ لِتَفْرِيطِهِ إذْ لَوْ شَاءَ لَتَمَسَّكَ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذَا بِدِرْهَمٍ وَيَرْضَى الْآخَرُ فَيُوجَدُ يَاقُوتَةٌ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ غَلَطٌ يُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) ، وَهُوَ الْجَهْلُ لِذَاتِ الْمَبِيعِ وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ اسْمِهِ الْخَاصِّ بِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ خَاصٍّ غَيْرِ اسْمِهِ الْخَاصِّ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ، وَكَذَا لَوْ سُمِّيَ بِاسْمٍ خَاصٍّ) أَيْ فَظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَمًّى بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسَمًّى بِعَامٍّ (قَوْلُهُ كَتَسْمِيَةِ الْحَجَرِ يَاقُوتَةً) أَيْ فَإِذَا سَمَّى الْحَجَرَ يَاقُوتَةً فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي حَجَرًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا جَهِلَ ذَاتَ الْمَبِيعِ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ اسْمَهُ الْخَاصَّ بِهِ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ عَامٍّ فَلَا رَدَّ، وَإِنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ خَاصٍّ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ الْخَاصِّ فَلَهُ الرَّدُّ سَوَاءٌ كَانَ مُسَمًّى بِاسْمٍ خَاصٍّ آخَرَ، أَوْ كَانَ مُسَمًّى بِالِاسْمِ الْعَامِّ. .

(قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِغَبْنٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ بِالْغَبْنِ، أَوْ الْمُشْتَرِي بِهِ وَكِيلًا، أَوْ وَصِيًّا، وَإِلَّا رَدَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، فَإِنْ بَاعَا بِغَبْنٍ وَفَاتَ الْمَبِيعُ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ وَالْمَجْحُورُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا وَقَعَ الْغَبْنُ وَالْمُحَابَاةُ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ بِذَلِكَ، وَإِنْ اشْتَرَيَا بِغَبْنٍ وَفَاتَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُوَكِّلُ وَالْمَحْجُورُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا وَقَعَتْ الْمُحَابَاةُ وَالْغَبْنُ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ فِي طُرَرِهِ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِالثُّلُثِ كَالْغَبْنِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لِأَنْفُسِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ، أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بَلْ مَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ نَقْصًا بَيِّنًا، أَوْ زَادَ عَلَيْهَا زِيَادَةً بَيِّنَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثُّلُثُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْغَبْنُ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مُغَالَبَةِ النَّاسِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ بِمَا خَالَفَ الْعَادَةَ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِ الْعُقَلَاءِ أَيْ فِي الْمُغَالَبَةِ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُبَالَغَةِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ، وَأَمَّا الْمُبَالَغَةُ الْمُعْتَادَةُ فَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» اهـ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إنْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَلَى قِيمَتِهِ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ بِنُقْصَانِ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهِ فَأَعْلَى إذَا كَانَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعَ، وَقَامَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْعَامِ وَبِهَذَا أَفْتَى الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ وَابْنِ لُبٍّ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ عَاصِمٍ فِي مَتْنِ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ:

وَمَنْ بِغَبْنٍ فِي مَبِيعٍ قَامَا ... فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَامَا

وَأَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعْ ... وَالْغَبْنُ لِلثُّلْثِ فَمَا زَادَ وَقَعْ

وَعِنْدَ ذَا يُفْسَخُ بِالْأَحْكَامِ ... وَلَيْسَ لِلْعَارِفِ مِنْ قِيَامِ

اهـ. قُلْت وَالْعَمَلُ بِهِ مُسْتَمِرٌّ عِنْدَنَا بِفَاسَ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْقِيمَةَ) أَيْ فَيَقُولُ لَهُ بِعْتُ لِلنَّاسِ بِكَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ يَكْذِبُ بَلْ بَاعَ بِأَقَلَّ (قَوْلُهُ كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي) أَيْ فَيَقُولُ لَهُ قَدْ اشْتَرَيْت مِنْ غَيْرِك بِكَذَا، وَهُوَ يَكْذِبُ بَلْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ ظَاهِرِيٌّ) أَيْ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ فَقَوْلُهُ، أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَالْمُقَابِلُ مَحْذُوفٌ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، أَوْ لَا يُرَدُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالْمُؤَدَّى وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مُوجِبَ الرَّدِّ جَهْلُ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَكَذِبُ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ جَهْلٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكَذَبَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَالرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَهْلٌ فَلَا رَدَّ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ فَكَذَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَة فَلَا رَدَّ بِالْغَبْنِ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَطْعِ أَيْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الرَّدِّ إذَا كَانَ هُنَاكَ اسْتِسْلَامٌ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقًا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لِذَلِكَ الْقَائِلِ كَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>