(وَإِلَّا) بِأَنْ ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَالْعُرْفُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (فَهَلْ يُقْبَلُ) دَعْوَى الْمُشْتَرِي الدَّفْعَ سَوَاءٌ كَانَ الدَّفْعُ قَبْلَ الْأَخْذِ هُوَ الشَّأْنُ أَوْ لَا (أَوْ) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ الْعُرْفُ بِالْقَبْضِ قَبْلَ الْأَخْذِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهَذَا لَا يُشْكَلُ مَعَ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدَّفْعَ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ بِهِ (أَوْ لَا) يُقْبَلُ مُطْلَقًا جَرَى عُرْفٌ بِالدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ فَقَطْ أَوْ بِهِ وَبِالدَّفْعِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ مُدَّعٍ لِدَفْعِ ثَمَنِهِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ وَهَذَا حَيْثُ قَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ اتِّفَاقًا (وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُشْتَرِي دَفَعْتُ ثَمَنَهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ سَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ أَوْ اُعْتِيدَ دَفْعُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ وَبَعْدَهُ مَعًا فَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي لِدَعْوَاهُ مَا يُخَالِفُ الْعُرْفَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعُرْفَ دَفْعُ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ قَدْ ادَّعَى الدَّفْعَ بَعْدَ أَخْذِ الْمُثَمَّنِ وَلِانْقِطَاعِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ لَهُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِجَرَيَانِهِ بِالدَّفْعِ قَبْلَ الْأَخْذِ وَبَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى دَفْعَهُ قَبْلَ الْأَخْذِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَبِنْ بِالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَالْعُرْفُ الدَّفْعُ) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ الثَّمَنَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ مِنْ الْبَائِعِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دَفَعَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ الْمُثَمَّنَ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ) هَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّفْعُ قَبْلَ الْأَخْذِ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ هُوَ الشَّأْنُ أَيْ الْعُرْفُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَا أَيْ بِأَنْ كَانَ الشَّأْنُ دَفْعَ الثَّمَنِ بَعْدَ الْأَخْذِ وَوَجْهُ قَبُولِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ شَهَادَةُ الْعُرْفِ لَهُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى أَعْنِي مَا إذَا جَرَى بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَدَلَالَةُ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ السِّلْعَةَ عَلَى أَخْذِهِ الثَّمَنَ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ السِّلْعَةَ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهَا فَدَفْعُهَا لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِ ثَمَنِهَا (قَوْلُهُ أَوْ فِيمَا هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ أَوْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ الدَّفْعَ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ لَا غَيْرِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا لَا يُشْكِلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الدَّفْعَ قَبْلَ الْبَيْنُونَةِ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ جَرَى عُرْفٌ بِالدَّفْعِ) أَيْ بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَبِيعِ إلَخْ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُقِرٌّ بِالْقَبْضِ وَمُدَّعٍ لِدَفْعِ الثَّمَنِ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ فَادِّعَاؤُهُ دَفْعَ الثَّمَنِ لَا يُبْرِيهِ حَتَّى يَثْبُتَ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لَعُرِفَ مِنْ التَّفْصِيلِ بِأَنَّهُ تَارَةً يَبِينُ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ وَتَارَةً لَا يَبِينُ بِهِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَارَةً يَدَّعِي دَفْعَ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَتَارَةً يَدَّعِي الدَّفْعَ بَعْدَ أَخْذِهِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَابِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اخْتَلَفَ فِي الْقَبْضِ فَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ عِوَضٍ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَوْ ثَبَتَ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ وَهُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَتَرْكُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْضُهُ مُخَالِفٌ لِهَذَا بِأَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ إلَّا لِعُرْفٍ فَيُعْمَلُ بِدَعْوَى مُوَافَقَةٍ وَيُحْذَفُ مَا عَدَاهُ كَذَا قَالَهُ عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ عَيْنُ مَا فِي اللُّبَابِ وَقَدْ سَاقَ ح كَلَامَ اللُّبَابِ شَاهِدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَفِيهِ التَّمْثِيلُ لِلْعُرْفِ بِاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ وَتَفْرِيعُ التَّفْصِيلِ وَالْخِلَافُ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا فَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَ الْأَخْذِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَبَضَ السِّلْعَةَ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ اتِّفَاقًا) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِدَفْعِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُثَمَّنِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا أَشْهَدَ بِأَنَّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّ هَذَا مُقْتَضٍ لِقَبْضِهِ السِّلْعَةَ فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَقْبِضْهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ أَقْبَضَهَا لَهُ إنْ بَادَرَ وَأَمَّا لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمُثَمَّنَ فَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ بَعْدَ شَهْرٍ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ كَالْجُمُعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِحَالٍ كَذَا فِي خش وح وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَ إشْهَادِ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ مُخَالِفٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَهِيَ إشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَكِنْ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَوَّى بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَنَصُّهُ الْأَشْبَهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ أَنَّ الْبَائِعَ مُصَدَّقٌ فِي دَفْعِ السِّلْعَةِ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَشْهَدُ عَلَى نَفْسِهِ بِالثَّمَنِ إلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute