وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ كَانَ الْمُشْبِهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِشَبَهِهِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَتَلْزَمُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ (تَرَدُّدٌ)
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ فَوَاتَ الْمَبِيعِ فِي غَيْرِ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ يَتَرَجَّحُ بِهِ جَانِبُ الْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ لِتَرْجِيحِهِ بِالضَّمَانِ وَالْغُرْمِ وَكَانَ الْمُسْلِمُ مُشْتَرِيًا وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَائِعًا نَبَّهَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي بَابِ السَّلَمِ عَلَى الْعَكْسِ فِي بَابِ بَيْعِ النَّقْدِ بِقَوْلِهِ (وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ) رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بِيَدِهِ (الْعَيْنِ) الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ) الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا (أَوْ) فَوَاتِ (السِّلْعَةِ) الَّتِي هِيَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرِ الْعَيْنِ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ وَلَوْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (كَالْمُشْتَرِي) فِي بَابِ الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ وَإِذَا كَانَ مِثْلَهُ (فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ) حَيْثُ فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ وَكَانَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ بِهِ أَوْ قَدْرِ أَجَلٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ (إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا) أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْلِمِ إنْ أَشْبَهَ (وَإِنْ ادَّعَيَا) مَعًا (مَا لَا يُشْبِهُ) وَالْمَوْضُوعُ فَوَاتُ الْعَيْنِ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ أَوْ السِّلْعَةِ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى (فَسَلَمُ وَسَطٍ) مِنْ سَلُومَاتِ النَّاسِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ وَزَمَانِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ وَيُرَدُّ مَا يَجِبُ رَدُّهُ فِي فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ قِيمَةٍ وَغَيْرِهَا (وَ) إنْ اخْتَلَفَا (فِي مَوْضِعِهِ) الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ (صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ) بِيَمِينِهِ (وَإِلَّا) يَدَّعِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْعَقْدِ بَلْ ادَّعَيَا مَعًا غَيْرَهُ (فَالْبَائِعُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ يُصَدَّقُ إنْ أَشْبَهَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُشْتَرِيَ أَمْ لَا فَإِنْ أَشْبَهَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صُدِّقَ (وَإِنْ لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ) مِنْهُمَا (تَحَالَفَا وَفُسِخَ) وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ وَهَلْ هُوَ بِتَطَوُّلِ الزَّمَنِ أَوْ بِقَبْضِهِ قَوْلَانِ فَإِنْ تَنَازَعَا قَبْلَ فَوَاتِهِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا مُطْلَقًا وَاحْتَاجَ الْفَسْخَ لِحُكْمٍ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ كَالْآجَالِ وَتَقَدَّمَ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ فِيهَا لِحُكْمٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشَبَّهِ
(قَوْلُهُ وَالْغُرْمُ) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا فَاتَتْ غَرِمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إنْ لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ وَالْقِيمَةَ إذَا فُسِخَ وَعَطْفُ الْغُرْمِ عَلَى الضَّمَانِ لِلتَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ فِي نَوْعِهِمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَالْفَوَاتِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ فِي الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ فَمَعَ الْقِيَامِ يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَيْعِ النَّقْدِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا مَعَ الْفَوَاتِ فَيَنْعَكِسُ السَّلَمُ مَعَ بَيْعِ النَّقْدِ فَفِي بَيْعِ النَّقْدِ يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ الْبَائِعَ أَمْ لَا فَإِنْ انْفَرَدَ الْبَائِعُ بِالشَّبَهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَفِي السَّلَمِ إذَا فَاتَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا الَّذِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ الْبَائِعُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ إنْ أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ أَيْضًا أَمْ لَا، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا إذَا كَانَ التَّنَازُعُ فِي غَيْرِ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَدَّ الْمُسْلِمُ مَا يَجِبُ رَدُّهُ مِنْ قِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّنَازُعُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَزِمَ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمُ وَسَطٍ (قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا) فَطُولُ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِمَا ذُكِرَ عَلَى الْعَيْنِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ الْمَقْبُوضَةِ فِي بَيْعِ النَّقْدِ وَقِيلَ إنَّ فَوَاتَ الْعَيْنِ بِالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِهِ) فِيهِ أَنَّهُ بَعْدَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ كَيْفَ يُعْقَلُ الِاخْتِلَافُ فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يَدَّعِي بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْ الْقَبْضِ أَنَّ مَا قَبَضَهُ بَعْضُ رَأْسِ الْمَالِ وَالْبَاقِي لَمْ يَقْبِضْهُ وَالْمُسْلِمُ يَدَّعِي أَنَّ الْمَقْبُوضَ رَأْسُ الْمَالِ كُلُّهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَسَلَمُ وَسَطٍ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ سَلَمُ وَسَطٍ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ اهـ عَدَوِيٌّ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ يُسْلِمُ عَشَرَةَ دَنَانِير فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ مَثَلًا وَبَعْضُهُمْ يُسْلِمُهَا فِي ثَمَانِيَةٍ وَبَعْضُهُمْ يُسْلِمُهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ يَلْزَمُ الْوَسَطُ وَهُوَ الْعَشَرَةُ (قَوْلُهُ وَهَذَا إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ مَعَ فَوَاتِ رَأْسِ الْمَالِ كَالْمُشْتَرِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشَبَّهًا عَامٌّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ بِهِ أَوْ فِيهِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ أَوْ فِي الرَّهْنِ أَوْ الْحَمِيلِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهُ فَسَلَمُ وَسَطٍ خَاصٌّ بِمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيُعَمَّمُ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ وَيُخَصَّصُ فِي آخِرِهِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهَا) أَيْ وَهُوَ الْمِثْلُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَوْضِعِهِ) أَيْ فِي مَوْضِعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ عَقْدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ الْقَبْضِ لَحُكِمَ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ صُدِّقَ مُدَّعِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْبَائِعُ يُصَدَّقُ إنْ أَشْبَهَ) أَيْ لِأَنَّهُ غَارِمٌ فَقَدْ تَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِالْغُرْمِ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا) أَيْ وَبَدَأَ الْبَائِعُ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الثَّانِي مِنْهُمَا وَانْظُرْ مَا حَكَاهُ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَوَاتُ هُنَا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ جَارٍ فِي رَأْسِ الْمَالِ عَيْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا تَفُوتُ بِهِ الْعَيْنُ وَمَا يَفُوتُ بِهِ غَيْرُهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ تَنَازَعَا) أَيْ فِي مَحَلِّ قَبْضِهِ قَبْلَ فَوَاتِهِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَوْضِعَ عَقْدِهِ أَوْ ادَّعَيَا غَيْرَهُ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَاحْتَاجَ الْفَسْخُ لِحُكْمٍ) أَيْ فَلَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَحَالُفِهِمَا مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالْآجَالِ) أَيْ فِي أَنَّ لَهُمَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ فِيهَا لِحُكْمٍ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute