للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنَّمَا مُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَهَذَا ابْتِدَاءً دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَهُوَ أَخَفُّ وَاحْتُرِزَ بِمُعَيَّنٍ عَنْ مَنْفَعَةٍ مَضْمُونَةٍ فَلَا يَجُوزُ كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ لِي وَقْتَ كَذَا

(وَ) جَازَ (بِجُزَافٍ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ بَيْعِهِ (وَ) جَازَ (تَأْخِيرُ حَيَوَانٍ) جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ وَلَوْ إلَى أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (بِلَا شَرْطٍ) وَيُمْنَعُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ) يَجُوزُ تَأْخِيرُ كُلٍّ بِلَا شَرْطٍ (إنْ كِيلَ) الطَّعَامُ (وَأُحْضِرَ) الْعَرْضُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ ضَمَانِهِمَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُمَا فَتَرْكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِقَبْضِهِمَا لَا يَضُرُّ فَإِنْ لَمْ يَكِلْ الطَّعَامَ وَلَمْ يُحْضِرْ الْعَرْضَ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (أَوْ كَالْعَيْنِ) لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا عَنْ الثَّلَاثَةِ بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا حَصَلَ كَيْلٌ أَوْ إحْضَارٌ أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُهُ وَالنَّقْلُ الْكَرَاهَةُ فَالْمُرَادُ كَالْعَيْنِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (تَأْوِيلَانِ)

(وَ) جَازَ (رَدُّ زَائِفٍ) وُجِدَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ (وَعُجِّلَ) بَدَلُهُ وُجُوبًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيُغْتَفَرُ الثَّلَاثَةُ بِالشَّرْطِ وَهَذَا إنْ قَامَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِكَثِيرٍ فَإِنْ قَامَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِكَيَوْمَيْنِ جَازَ التَّأْخِيرُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ (وَإِلَّا) يُعَجِّلْ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِلَا بِشَرْطٍ (فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) فَقَطْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ وَإِنَّمَا مُنِعَ أَخْذُ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ عَنْ الدَّيْنِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيُجِيزُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَمِلَ بِهِ عج فِي نَازِلَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَانُوتٌ فِيهِ مُجَلِّدٌ فَتَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ أُجْرَةٌ فَدَفَعَ لَهُ كُتُبًا يُجَلِّدُهَا لَهُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) مَحَلُّ مَنْعِ السَّلَمِ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي اسْتِيفَائِهَا وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي خش تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ قَالَ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى هَذَا فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْمَنْفَعَةَ بِالْمُعَيَّنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ شُرِطَ فِي جَوَازِ السَّلَمِ بِمَنَافِعِهِ الشُّرُوعُ أَيْضًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ اهـ بْن وَقَالَ عج لَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا مُتَمَسِّكًا بِظَاهِرِ النَّقْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عبق وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

{تَنْبِيهٌ} لَوْ وَقَعَ السَّلَمُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَتَلِفَ ذُو الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ قِيَاسًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ اُنْظُرْ عبق

(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ إلَخْ) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إنْ كَانَ عَيْنًا لَا يَجُوزُ ذِكْرُ حُكْمِ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَقَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ أَيْ عَنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ وَأَمَّا مَعَ الشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) لَا يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَقَوْله يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَيْ بِالشَّرْطِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِحَوْزِهِ بَلْ تَرَكَهُمَا فِي حَوْزِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا أَشْبَهَا الْعَيْنَ فَيُؤَدِّي لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُؤَدِّي لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يُقَالُ لَهُ دَيْنٌ (قَوْلُهُ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ النَّقْلُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا لَا بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ بِالْعَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ قَائِلٌ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي أَوْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ النَّهْيِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إذَا كَانَا رَأْسَ مَالٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ مُنِعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ فَالْجَوَازُ إنْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَإِلَّا كُرِهَ وَقِيلَ بِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِمَا بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ أَوْ أُحْضِرَ الْعَرْضُ هَذَا حَاصِلُ النَّقْلِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّ زَائِفٍ) أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ زَائِفٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الزَّائِفَ هُوَ الْمَغْشُوشُ بِأَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ مَخْلُوطًا بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا خَالِصًا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَخْذُ بَدَلِهِ بَلْ يَفْسُدُ مُقَابِلُهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَخْذُ بَدَلِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْبَدَلَ وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ) بَلْ وَلَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَعَجَّلَ بَدَلَهُ) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ فَيُغْتَفَرُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ تَأْخِيرُ رَدِّ الْبَدَلِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِالشَّرْطِ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَيَفْسُدُ السَّلَمُ فِيمَا قَابَلَ الزَّائِفَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ تَعْجِيلِ رَدِّ الْبَدَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَعَدَمُ اغْتِفَارِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ جَازَ التَّأْخِيرُ) أَيْ لِرَدِّ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ أَيْ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا رَدَّ زَائِفًا ظَهَرَ لَهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ بَدَلَهُ إلَّا بَعْدَ جُمُعَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُعَجِّلْ) أَيْ بَدَلَ الزَّائِفِ (قَوْلُهُ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ الزَّائِفُ وَصَحَّ الْبَاقِي إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ نَفْسِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ فَقَوْلُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>