(وَ) لَا فِي (الْجُزَافِ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ بَيْعِهِ رُؤْيَتَهُ وَبِهَا يَصِيرُ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (وَ) لَا فِي (مَا لَا يُوجَدُ) أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ الْخَارِجِ عَنْ الْعَادَةِ (وَ) لَا يَجُوزُ (حَدِيدٍ) أَيْ سَلَمُهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ) لِيَسَارَةِ الصَّنْعَةِ (وَلَا كَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ) لِإِمْكَانِ مُعَالَجَةِ الْغَلِيظِ حَتَّى يَصِيرَ رَقِيقًا (إنْ لَمْ يَغْزِلَا) وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْلِ يُرَادُ لِغَيْرِ مَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ كَغَلِيظِ ثِيَابِهِ فِي رَقِيقِهَا (وَ) لَا فِي (ثَوْبٍ) نَاقِصٍ (لِيَكْمُلَ) عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ عِنْدَهُ الْغَزْلُ كَمَا مَرَّ فِي التَّوْرِ (وَ) لَا (مَصْنُوعٍ قُدِّمَ) أَيْ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ (لَا يَعُودُ) لِأَصْلِهِ وَهُوَ (هَيِّنُ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ) لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ لِسُهُولَةِ صُنْعِهِ وَكَذَا الْعَكْسُ بِالْأَوْلَى (بِخِلَافِ النَّسْجِ) أَيْ الْمَنْسُوجِ يُسْلَمُ فِي غَزْلٍ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ وَأَوْلَى فِي شَعْرٍ لِأَنَّ صُعُوبَةَ صَنْعَتِهِ صَيَّرَتْهُ جِنْسًا آخَرَ (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) فَلَا تُسْلَمُ فِي خَزٍّ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ وَتَصِيرُ خَزًّا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُ الْمَصْنُوعِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ صَعْبَهَا كَغَزْلٍ فِي ثَوْبٍ أَيْ جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ (اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ) الْمَضْرُوبُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ مِنْهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ هَدَرًا وَإِلَّا جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَإِنْ عَادَ) الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ (اُعْتُبِرَ) الْأَجَلُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي إسْلَامِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ وَإِسْلَامِ أَصْلِهِ فِيهِ فَإِنْ وَسِعَ الْأَجَلُ جُعِلَ الْمَصْنُوعُ كَأَصْلِهِ أَوْ جُعِلَ أَصْلُهُ مِثْلَهُ بِوَضْعِ الصَّنْعَةِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ كَإِسْلَامِ آنِيَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَعَكْسُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَيِّنِ الصَّنْعَةِ الْإِطْلَاقُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَعُودُ فَهَيِّنُ الصَّنْعَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي أَرْبَعَةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ الطِّينِ أَوْ فِي دَارٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْبُقْعَةُ الَّتِي تَكُونُ الدَّارُ وَالْأَفْدِنَةُ فِيهَا وَمَتَى عُيِّنَتْ الْبُقْعَةُ كَانَ مَا فِيهَا مِنْ الدَّارِ وَالْفَدَادِينِ مُعَيَّنًا وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْجُزَافِ) قِيلَ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِتَحَرٍّ إلَخْ لِأَنَّ الْمُتَحَرَّى جُزَافٌ قَطْعًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُزَافَ الَّذِي يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّحَرِّي لِكَثْرَتِهِ وَالسَّابِقُ الْجَائِزُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ التَّحَرِّي أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَا يُوجَدُ) أَيْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقَوْلُهُ أَصْلًا أَيْ كَالْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَلَا تُسْلَمُ سُيُوفٌ فِي حَدِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ يُخْرَجُ مِنْهُ سُيُوفٌ أَمْ لَا وَالْمَنْعُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ سَلَمُ الْحَدِيدِ الَّذِي لَا يُخْرَجُ مِنْهُ سُيُوفٌ فِي سُيُوفٍ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّيُوفَ مَعَ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَسَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ السُّيُوفُ مَعَ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُفَارِقَةَ أَيْ الَّتِي يُمْكِنُ إزَالَتُهَا لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ مُعَالَجَةِ الْغَلِيظِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَسَلَمُ الْغَلِيظِ فِي الرَّقِيقِ يُؤَدِّي لِسَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي عَكْسِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْلِ يُرَادُ لِغَيْرِ مَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُمَا وَاخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ يُصَيِّرُ أَفْرَادَ الْجِنْسِ كَالْجِنْسَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا فِي ثَوْبٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ لِيُكْمِلَهُ لَهُ صَاحِبُهُ عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَيْهَا بِخِلَافِ التَّوْرِ النُّحَاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنْعِ فِي الثَّوْبِ وَالْجَوَازِ فِي التَّوْرِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ فَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَشْتَرِيَ جُمْلَةَ النُّحَاسِ الَّذِي عِنْدَهُ وَالْمَنْعُ هُنَا فِي الثَّوْبِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ كَثِيرٌ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ وَهُوَ هَيِّنٌ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الْهَيِّنَةَ كَالْعَدَمِ فَالْغَزْلُ لَا يُخْرِجُ الْكَتَّانَ عَنْ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْكَتَّانُ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ كَتَّانًا فِي كَتَّانٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَعُودُ لِأَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ أَمْكَنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ بِحَيْثُ يُقَالُ إنْ كَانَ الْأَجَلُ مُتَّسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَوْدُ ذَلِكَ الْمَصْنُوعِ فِيهِ لِأَصْلِهِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ بَلْ الْمَنْعُ مُطْلَقًا اتَّسَعَ الْأَجَلُ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَكْسُ) أَيْ سَلَمُ الصُّوفِ أَوْ الْكَتَّانِ فِي الْغَزْلِ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ الْكَتَّانَ الْمَجْعُولَ رَأْسَ مَالٍ يُمْكِنُ غَزْلُهُ (قَوْلُهُ يُسْلَمُ فِي غَزْلٍ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ) فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ مِنْ الْكَتَّانِ فِي غَزْلٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ فِي كَتَّانٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ صُعُوبَةَ صَنْعَتِهِ) أَيْ النَّسْجِ بِمَعْنَى الْمَنْسُوجِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ إلَخْ مَفْهُومِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ جَازَ كَمَا فِي النَّسْجِ بِمَعْنَى الْمَنْسُوجِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْلَمُ فِي خَزٍّ) أَيْ فَالنَّسْجُ فِيهَا كَالْغَزْلِ فِي الْكَتَّانِ فَكَمَا لَا يُسْلَمُ الْغَزْلُ فِي الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ لَا يُسْلَمُ ثِيَابُ الْخَزِّ فِي الْخَزِّ وَالْخَزُّ مَا كَانَ قِيَامُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ مِنْ وَبَرٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُدِّمَ إلَخْ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي أَصْلِهِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قُدِّمَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ عَادَ رَاجِعٌ لِلْمَصْنُوعِ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ نَسْجِهِ وَلَيْسَ مَفْهُومًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا لَا يَعُودُ بِحَيْثُ يَكُونُ ضَمِيرُ عَادَ لِلْمَصْنُوعِ الْهَيِّنِ الصَّنْعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَهَيِّنُ الصَّنْعَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute