لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ لِجَوَازِ تَرْكِ الرَّهْنِ مِنْ أَصْلِهِ فَشَيْءٌ فِي الْجُمْلَةِ خَيْرٌ مِنْ لَا شَيْءٍ (وَثِيقَةً) لِأَجْلِ تَوَثُّقِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (بِحَقٍّ) أَيْ فِي حَقٍّ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ مَوْجُودٍ أَوْ سَيُوجَدُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ لَازِمًا أَوْ آيِلًا لِلُّزُومِ، وَلِذَا صَحَّ فِي الْجُعْلِ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي فَلَهُ حَبْسُهُ فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ مَنَافِعِهِ.
وَمَثَّلَ بِمَنْ لَهُ الْبَيْعُ بِقَوْلِهِ (كَوَلِيٍّ) لِمَحْجُورٍ مِنْ أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ بِرَهْنِ مَالِ مَحْجُورِهِ لِمَصْلَحَةٍ كَكِسْوَتِهِ أَوْ طَعَامِهِ لَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيِّ (وَمُكَاتَبٍ) لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ (وَمَأْذُونٍ) لَهُ فِي تِجَارَةٍ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا سَيِّدُهُمَا فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ ضَمَانِهِمَا فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُمَا فِيهِ لِحُصُولِ الِاشْتِغَالِ بِهِ لَهُمَا عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ دُونَ الرَّهْنِ (وَ) لِلسَّيِّدِ رَهْنُ (آبِقٍ) وَبَعِيرٍ شَرَدَ فِي دَيْنٍ عَلَى السَّيِّدِ الرَّاهِنِ لِصِحَّةِ رَهْنِ الْغَرَرِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَرَرًا وَالْمَصْدَرُ فِيهِ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ فَلِلْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِالْغَرَرِ مَا كَانَ خَفِيفًا، وَلِذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ ثُمَّ إنَّ الْمُرْتَهِنَ يَخْتَصُّ بِنَحْوِ الْآبِقِ إنْ حَصَّلَهُ وَحَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ لِلرَّاهِنِ وَإِلَّا فَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (وَ) رَهْنُ (كِتَابَةٍ) وَمُكَاتَبٍ (وَاسْتَوْفَى مِنْهَا) فِيهِمَا (أَوْ) مِنْ ثَمَنِ (رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ) فَإِنْ فَلِسَ السَّيِّدُ أَوْ مَاتَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ الْقَرْضِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَشْهُورُ جَوَازُ رَهْنِ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَجُوزُ رَهْنُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ) أَيْ الْغَرَرِ لِعَقْدِ الْبَيْعِ أَيْ أَوْ الْقَرْضِ الْمُشْتَرَطِ رَهْنُهُ فِيهِمَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ سَرَيَانِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ بِلَوْ يَقُولُ بِالسَّرَيَانِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ) أَيْ الْحَقِّ الَّذِي يَتَوَثَّقُ فِيهِ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَلِذَا صَحَّ فِي الْجُعْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلُّزُومِ بِالشَّرْعِ فِي الْعَمَلِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَازِمَةً وَلَا آيِلَةً لِلُّزُومِ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ وَهُوَ قَابِضُ الرَّهْنِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ وَإِذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَقْبِضُ الرَّهْنَ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَثَّقَ بِهِ فِي حَقِّهِ فَلَهُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ لَا مِنْ ذَاتِهِ إذْ لَا يُعْقَلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِحَّ فِي كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ تَحَمَّلَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الْكِتَابَةَ وَرَهَنَ عَلَيْهَا رَهْنًا فَهَذَا الرَّهْنُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي تَحَمَّلَ الْأَجْنَبِيُّ بِكِتَابَتِهِ إذَا عَجَزَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَلَمْ تَكُنْ آيِلَةً لِلُّزُومِ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَوَصِيٍّ وَمُقَدِّمِ قَاضٍ (قَوْلُهُ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ تَعُودُ عَلَى الْمَحْجُورِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلِيَّ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ فِي رَهْنِ مَالِ الصَّغِيرِ وَلَوْ رَبْعًا أَيْ عَقَارًا، فَإِذَا رَهَنَ عَقَارًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَلَا يُكَلِّفُهُ الْحَاكِمُ بَيَانَ السَّبَبِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِعَقَارِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى النَّظَرِ وَالْمَصْلَحَةِ بَلْ حَتَّى يُثْبِتَهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ لَا لِمَصْلَحَةِ الْوَلِيِّ) أَيْ فَإِذَا رَهَنَ الْوَلِيُّ مَالَ مَحْجُورِهِ فِي مَصْلَحَتِهِ هُوَ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَمُكَاتَبٍ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ إذَا تَدَايَنَ أَوْ اشْتَرَى بِالدَّيْنِ وَلَا يَرْهَنُ لِسَيِّدِهِ فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا آيِلَةٍ لِلُّزُومِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الِاشْتِغَالِ بِهِ إلَخْ) أَيْ لِتَفْتِيشِهِمَا عَلَى الْمَضْمُونِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ وَالْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِهِ هَلْ حَدَثَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ مَصَالِحِ السَّيِّدِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا خِدْمَةٌ لِسَيِّدِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَهُمَا لَا يَشْتَغِلَانِ بِمَصَالِحِ السَّيِّدِ بَلْ بِمَصَالِحِ أَنْفُسِهِمَا فَالْأَوْلَى فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالضَّمَانِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الرَّهْنَ مُعَاوَضَةٌ وَالضَّمَانَ تَبَرُّعٌ وَهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ دُونَ التَّبَرُّعَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَرَرًا) أَيْ رَاجِعٌ لَهُ عَلَى أَنَّهُ مِثَالٌ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمَصْدَرُ فِيهِ) أَيْ وَالْمَصْدَرُ الْمُقَدَّرُ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَبَذْلُ آبِقٍ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ قَوْلُهُ كَبَذْلِ وَلِيٍّ وَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْغَرَرِ) أَيْ الَّذِي يَصِحُّ رَهْنُهُ (قَوْلُهُ وَلِذَا لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْجَنِينِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ بِصِحَّةِ رَهْنِهِ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ الْآبِقِ) أَيْ بِالْآبِقِ وَنَحْوِهِ كَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْمَانِعِ) أَيْ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ، وَقَوْلُهُ إنْ حَصَّلَهُ وَحَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ أَيْ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عِنْدَهُ بَعْدَ تَحْصِيلِهِ وَحِيَازَتِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ حَصَّلَهُ وَحَازَهُ وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدٍ حَاضِرٍ رُهِنَ وَحَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ آبِقٍ عِنْدَهُ وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ وَلَا يَضُرُّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا رُجُوعُ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ حَوْزِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ وَاسْتِمْرَارِهِ عِنْدَهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ مَعَ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِذَلِكَ وَسُكُوتِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن، وَأَمَّا فِي عبق وخش مِنْ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا حَصَّلَ الْآبِقَ وَحَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ، ثُمَّ أَبَقَ ثَانِيًا وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ بَلْ يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَهُ عَبْدًا حَاضِرًا وَحَازَهُ، ثُمَّ أَبَقَ وَاسْتَمَرَّ آبِقًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ اخْتِصَاصُ الْمُرْتَهِنِ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَأُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ) أَيْ وَأَلَّا يُحَصِّلَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ بَلْ بَعْدَهُ فَهُوَ أَيْ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ أَيْ مِثْلُهُمْ فِي الْمُحَاصَّةِ فِي ذَلِكَ الْآبِقِ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) عَطْفٌ عَلَى وَلِيٍّ، وَقَوْلُهُ وَمُكَاتَبٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ رَهْنِهِ، وَقِيلَ إنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ إذَا وَقَعَ يَنْتَقِلُ الرَّهْنُ لِكِتَابَتِهِ، وَقِيلَ يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ أَيْ مِنْ نُجُومِهَا إنْ لَمْ يَعْجِزْ، وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِي رَهْنِ الْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبِ، وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ أَيْ كَذَلِكَ فِيهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute