للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ وَلَدَهُ فِي وِلَايَةِ الْوَصِيِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ صَارَ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقَدَّمِ فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهِ فَأَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ فَكِّ حَاكِمٍ وَلَا يُقَالُ صَارَ مُهْمَلًا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى حِفْظِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِبُلُوغِهِ وَإِلَى بِمَعْنَى مَعَ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ بَعْدَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ قَوْلُهُ (إلَّا كَدِرْهَمِ لِعَيْشِهِ) وَعَيْشِ وَلَدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ مِنْ لَحْمٍ وَبَقْلٍ وَخُبْزٍ وَغَسْلِ ثِيَابِ وَمَا يَحْلِقُ بِهِ رَأْسَهُ وَأُجْرَةِ حَمَّامٍ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعَاشِ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ أَيْضًا (لِإِطْلَاقِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى تَصَرُّفِ أَيْ فَلَا يُرَدُّ بَلْ يَلْزَمُهُ (وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ) أَيْ النَّسَبُ بِلِعَانٍ فَلَا يُرَدُّ (وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) وَتَبِعَهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَقِصَاصٍ) لِجِنَايَةٍ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ (وَنَفْيِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ أَيْ إسْقَاطِهِ بِالْعَفْوِ عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ) كَقَوْلِهِ قَطَعْت يَدَ زَيْدٍ أَوْ قَذَفْته (وَتَصَرُّفُهُ) أَيْ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ الْمُحَقَّقِ السَّفَهِ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ مَحْمُولٌ (عَلَى الْإِجَازَةِ) فَلَا يُرَدُّ وَلَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَعِتْقٍ (عِنْدَ مَالِكٍ) وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ كَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ الْحَجْرُ وَلَمْ يُوجَدْ (لَا عِنْدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَيَحْتَاجُ لِلْفَكِّ بِالْأُولَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حَجْرَ الْأَبِ لَمَّا كَانَ حَجْرَ أَصَالَةٍ مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ وَلَا إدْخَالِ أَحَدٍ كَانَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ أَحَدٌ وَحَجْرُ الْوَصِيِّ بِالْجَعْلِ وَالْإِدْخَالِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِإِخْرَاجِ الْوَصِيِّ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ أَبُوهُ لِلسَّفَهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي حَجَرْت عَلَى ابْنِي فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَزَالُ بَاقِيًا فِي حَجْرِهِ وَلَوْ صَارَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ إلَّا إذَا قَالَ أَبُوهُ فَكَكْت الْحَجْرَ لَا عَنْهُ أَوْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِإِطْلَاقِهِ.

(قَوْلُهُ مَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ) أَيْ لِسَفَهِ بِأَنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي حَجَرْت عَلَى وَلَدِي وَهَلْ لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ وَلَوْ قَبْلَهُ خِلَافٌ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ لَا يَنْتَقِلُ أَيْ ذَلِكَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَهَذَا أَقْوَى طَرِيقَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْأَبُ لِسَفَهِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إذَا كَانَ بِقُرْبِهِ كَالْعَامِ فَإِنْ زَادَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْحَجْرِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقَدَّمِ) أَيْ أَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَ الْوَلَدُ الْحَاكِمَ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي وِلَايَتِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَمَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ.

(قَوْلُهُ فَأَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَصِيِّ كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ ح وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ مَاتَ وَصِيُّهُ قَبْلَ فَكِّهِ الْحَجْرَ عَنْهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَاف الْآتِي مَوْضُوعُهُ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَى بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ فَالْغَايَةُ هُنَا مُنْضَمَّةٌ لِلْغَايَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ غَايَةُ الْحَجْرِ مَجْمُوعَ الْغَايَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ) أَيْ حَجْرِ الصِّغَرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ طَرَأَ لَهُ سَفَهٌ حِينَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِالْبُلُوغِ أَيْ إذَا كَانَ ذَكَرًا وَأَمَّا الْأُنْثَى فَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا إذَا عَنَّسَتْ أَوْ مَضَى لَهَا عَامٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا.

(قَوْلُهُ إلَّا كَدِرْهَمٍ) أَيْ إلَّا تَصَرُّفُهُ بِكَدِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ بَلْ يَكُونُ مَاضِيًا وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَانْظُرْ لَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَرَّفَ هُوَ فِيهِ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ لَا.

وَفِي بْن أَنَّ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِ) هَذَا إخْرَاجٌ لِمَا يَخُصُّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ) أَيْ كَاسْتِلْحَاقِهِ لِوَلَدٍ سَوَاءٌ كَانَ لَاعَنَ فِيهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَتَبِعَهَا مَالُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ اسْتَثْنَاهُ حِينَ الْعِتْقِ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْهَا.

(قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَيَدْفَعَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ بِالْعَفْوِ عَنْ جَانٍ) فَإِذَا جَنَى شَخْصٌ جِنَايَةً عَمْدًا عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّ ذَلِكَ الْمَحْجُورِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّ عَفْوِهِ عَنْهُ بَلْ يَمْضِي ذَلِكَ الْعَفْوُ.

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ) لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَوْ عَفَا عَنْهُ كَانَ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ وَلَهُ أَيْضًا رَدُّهُ إنْ رَشَدَ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَفَهُهُ أَصْلِيًّا غَيْرَ طَارِئٍ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الصُّورَةَ الْأُولَى وَجَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَسْمِعَةِ وَأَمَّا الْيَتِيمُ الَّذِي لَمْ يُوصِ بِهِ أَبُوهُ لِأَحَدٍ وَلَا أَقَامَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ وَلِيًّا وَلَا نَاظِرًا فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ رَشِيدًا كَانَ أَوْ سَفِيهًا مُعْلِنًا بِالسَّفَهِ أَوْ غَيْرَ مُعْلِنٍ اتَّصَلَ سَفَهُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ أَوْ سَفِهَ بَعْدَ حُصُولِ الرُّشْدِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ الرَّابِعُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى حَالِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ وَمَا قَضَى بِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فِي أَحْوَالِهِ جَازَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا لَمْ يَجُزْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ سَفَهُهُ أَوْ لَا يَتَّصِلَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ أَنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ لَمْ يُرَدَّ مِنْهَا شَيْءٌ إذَا جَهِلَتْ حَالَتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ بِرُشْدٍ وَلَا سَفَهٍ وَانْظُرْ بَقِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>