أَوْ الْأَمَانُ (عَلَى مُحَمَّدٍ) عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ مَفْعُولِ الْمُضَعَّفِ أَيْ الْمُكَرَّرِ الْعَيْنُ سُمِّيَ بِهِ نَبِيُّنَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَكْمَلِ الْخِصَالِ فَيَحْمَدُهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ ذَلِكَ الرَّجَاءَ (سَيِّدِ) يُطْلَقُ عَلَى الشَّرِيفِ الْكَامِلِ وَعَلَى التَّقِيِّ الْفَاضِلِ وَعَلَى ذِي الرَّأْيِ الشَّامِلِ وَعَلَى الْحَلِيمِ الْكَرِيمِ وَعَلَى الْفَقِيهِ الْعَالِمِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اشْتَمَلَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ (الْعَرَبِ) بِفَتْحَتَيْنِ أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً (وَالْعَجَمِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ مِنْ اللَّهِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْجَنَّةِ بِتَحِيَّةٍ لَائِقَةٍ بِهِ كَمَا يُحَيِّي بَعْضُنَا بَعْضًا بِقَوْلِنَا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَمَانُ) أَيْ مِنْ الْمَخَاوِفِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ بَشَرًا يَلْحَقُهُ الْخَوْفُ مِنْ اللَّهِ بَلْ هُوَ أَشَدُّ النَّاسِ خَوْفًا؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ وَلِذَا قَالَ: أَنَا أَخْوَفُكُمْ مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مُحَمَّدٍ) خَبَرٌ عَنْ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ أَيْ كَائِنَانِ عَلَى مُحَمَّدٍ أَيْ لَهُ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى فَقَدْ طَلَبَ الْمُصَنِّفُ مِنْ اللَّهِ صَلَاتَهُ أَيْ نِعْمَتَهُ الْمَقْرُونَةَ بِالتَّعْظِيمِ وَسَلَامَهُ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ: عَلَمٌ) أَيْ شَخْصِيٌّ عَلَى الذَّاتِ الشَّرِيفَةِ (قَوْلُهُ: مَنْقُولٌ) أَيْ لَا مُرْتَجَلٌ ثُمَّ إنَّ نَقْلَ الْأَعْلَامِ تَارَةً يَكُونُ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ كَحَارِثٍ وَحَامِدٍ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الْمَصْدَرِ كَزَيْدٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ زَادَ الْمَالُ يَزِيدُ زَيْدًا وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ كَحَسَنٍ وَسَعِيدٍ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ اسْمِ الْجِنْسِ كَأَسَدٍ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ الْفِعْلِ كَيَزِيدَ وَيَشْكُرَ وَتَارَةً يَكُونُ مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ كَمُحَمَّدٍ وَلِذَا قَالَ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ لَا مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَلَا مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ (قَوْلُهُ: الْمُضَعَّفِ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفِ أَيْ الْفِعْلُ الْمُضَعَّفُ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَرَّرُ الْعَيْنُ) أَيْ وَهُوَ حَمَّدَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَقَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَرَّرُ إلَخْ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُضَعَّفِ مَا كَانَتْ لَامُهُ وَعَيْنُهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَسَّ وَظَلَّ لِعَدَمِ صِحَّةِ إرَادَةِ ذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: سُمِّيَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْعَلَمِ الْمَنْقُولِ نَبِيُّنَا إلَخْ وَاَلَّذِي سَمَّاهُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي سَابِعِ وِلَادَتِهِ لِمَوْتِ أَبِيهِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ: رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ لِأَجْلِ رَجَاءِ ذَلِكَ وَالْمُتَرَجِّي لِذَلِكَ هُوَ جَدُّهُ الْمُسَمِّي لَهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ ذَلِكَ) أَيْ الْأَمْرَ الْمَرْجُوَّ لِجَدِّهِ (قَوْلُهُ: الْكَامِلِ) أَيْ فِي الشَّرَفِ (قَوْلُهُ: الشَّامِلِ) أَيْ لِكُلِّ الْأُمُورِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى التَّقِيِّ) أَيْ الْمُمْتَثِلِ لِلْأَوَامِرِ وَالْمُجْتَنِبِ لِلنَّوَاهِي وَقَوْلُهُ: الْفَاضِلِ أَيْ الَّذِي عِنْدَهُ فَضِيلَةٌ بِعِلْمٍ أَوْ طَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْحَلِيمِ) أَيْ الَّذِي عِنْدَهُ صَفْحٌ عَنْ الزَّلَّاتِ وَقَوْلُهُ: الْكَرِيمُ أَيْ الَّذِي عِنْدَهُ كَرَمٌ وَسَخَاوَةٌ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْفَقِيهِ الْعَالِمِ) الْفَقِيهِ مَنْ عِنْدَهُ دِرَايَةٌ بِالْفِقْهِ وَالْعَالِمُ مَنْ عِنْدَهُ دِرَايَةٌ بِالْعِلْمِ سَوَاءٌ كَانَ فِقْهًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْعُلُومِ فَالْوَصْفُ بِالْعَالِمِ أَبْلَغُ مِنْ الْوَصْفِ بِالْفَقِيهِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي، وَالْمُرَادُ أَنَّ السَّيِّدَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ دِرَايَةٌ فِي الْفِقْهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْعُلُومِ.
(قَوْلُهُ: مَنْ يَتَكَلَّمُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا سُكَّانَ بَادِيَةٍ أَوْ حَاضِرَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْأَعْرَابُ فَهُمْ سُكَّانُ الْبَادِيَةِ بِقَيْدِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَقِيلَ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَكَلَّمُوا بِالْعَجَمِيَّةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ فَبَيْنَ الْعَرَبِ وَالْأَعْرَابِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي سُكَّانِ الْبَادِيَةِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً، وَانْفِرَادُ الْعَرَبِ فِيمَنْ يَتَكَلَّمُ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً وَهُمْ سُكَّانُ الْحَاضِرَةِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَبَيْنَهُمَا الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْوَجْهِيُّ وَالنِّسْبَةُ إلَى الْعَرَبِ عَرَبِيٌّ وَإِلَى الْأَعْرَابِ أَعْرَابِيٌّ
١ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute