(وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْحَمِيلُ الْمَالَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِقَبْضِهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (إنْ اقْتَضَاهُ) أَيْ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ فَدَفَعَهُ لَهُ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ بِلَا طَلَبٍ وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَمَتَى قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ صَارَ لِرَبِّ الْحَقِّ غَرِيمَانِ الْحَمِيلُ وَالْمَدِينُ يَطْلُبُ أَيَّهمَا شَاءَ (لَا) إنْ (أَرْسَلَ) الضَّامِنَ أَيْ أَرْسَلَهُ الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ (بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ الْمَضْمُونِ فَضَاعَ مِنْهُ أَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ حِينَئِذٍ وَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ وَعَلَامَةُ الْإِرْسَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ لِلْحَمِيلِ ابْتِدَاءً بِلَا طَلَبٍ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ الْمَدِينُ صِرْت بَرِيئًا مِنْهُ وَمِثْلُ الْإِرْسَالِ أَوْ هُوَ إرْسَالٌ حُكْمًا مَا إذَا دَفَعَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ (وَلَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الضَّامِنَ (تَأْخِيرُ رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ مَدِينَهُ (الْمُعْسِرِ) وُجُوبُ إنْظَارِهِ فَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ إذْ التَّأْخِيرُ رِفْقٌ بِالضَّامِنِ فَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا فَالضَّامِنُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ أَوْ لَا يَعْلَمُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ الدَّائِنُ أَوْ يَعْلَمَ فَيُنْكِرَ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمَدِينَ (الْمُوسِرَ) يَلْزَمُ الضَّامِنُ (إنْ) عَلِمَ بِالتَّأْخِيرِ و (سَكَتَ) بَعْدَ عِلْمِهِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَ إلَيْهِ وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلضَّامِنِ (إنْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ فَفِي الْأَوَّلِ الْمُسْتَحِقُّ وَفِي الثَّانِي الْمَدِينُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ عَطْفًا عَلَى بِتَخْلِيصِهِ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ بِالْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ التَّسْلِيمُ الْمَدِينُ.
(قَوْلُهُ: وَضَمِنَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ أَنَّ الضَّامِنَ تَسَلَّمَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَبِّهِ فَضَاعَ مِنْهُ أَوْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَا إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ دَفَعَهُ لَهُ الْمَضْمُونُ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ مِنْهُ فَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ قَبْضَ الْحَمِيلِ لِلدَّيْنِ يَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوِكَالَةِ عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ يَتَنَازَعَ الْمَدِينُ وَالضَّامِنُ فِي أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ يَمُوتَ الْمَدِينُ أَوْ الضَّامِنُ وَيَعْرَى الْقَبْضُ عَنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوِكَالَةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ اقْتَضَاهُ يَعْنِي أَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ الْمَدِينُ اقْتِضَاءً وَقَالَ الضَّامِنُ رِسَالَةً فَالْقَوْلُ لِلْمَدِينِ وَكَذَا لَوْ مَاتَا أَوْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ وَقَوْلُهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى وَجْهِ الْوِكَالَةِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَهُ أَيْ لِمَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ وَهُوَ الْغَرِيمُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الضَّامِنُ غَرِيمًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ: إنْ اقْتَضَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُغَرِّمَ الْأَصِيلَ وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الضَّامِنَ نِيَابَةً عَنْ الْمَدِينِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لِلْأَصِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ اُنْظُرْ شب.
(قَوْلُهُ: أَوْ دَفَعَهُ) أَيْ الْمَدِينُ لِلطَّالِبِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ الضَّامِنِ وَقَالَ الْمَدِينُ لِلضَّامِنِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْوِكَالَةِ) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْحَقِّ وَافَقَهُ عَلَى دَعْوَاهُ الْوِكَالَةَ وَأَمَّا إنْ نَازَعَهُ فِيهَا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْحَمِيلُ ضَامِنًا لِمَا قَبَضَهُ.
(قَوْلُهُ: فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْغَرِيمِ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى كَوْنِ الضَّامِنِ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي الْقَبْضِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ وَتَلِفَ مِنْهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَنْ يَبْرَأَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ الْغَرِيمُ لِاحْتِمَالِ تَوَاطُئِهِ مَعَ الضَّامِنِ عَلَى أَخْذِهِمَا الْحَقَّ وَدَعْوَى الضَّيَاعِ نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى دَفْعِ الْغَرِيمِ لِلضَّامِنِ الْوَكِيلِ بَرِئَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِلْكَفِيلِ طَلَبَ الْمُسْتَحِقِّ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ الضَّمَانِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّهِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أَخَّرَ الْمُسْتَحِقُّ غَرِيمَهُ أَجَلًا ثَانِيًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ اُطْلُبْ حَقَّك مِنْ الْمَدِينِ أَوْ أَسْقِطْ عَنِّي الضَّمَانَ.
(قَوْلُهُ: إذْ التَّأْخِيرُ رِفْقٌ بِالضَّامِنِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُطَالِبْهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ مَعَ كَوْنِ الْمَدِينِ مُعْسِرًا بَلْ أَخَّرَ الدَّيْنَ أَجَلًا ثَانِيًا.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ بِتَأْخِيرِ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْغَرِيمِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ) أَيْ الَّذِي أَخَّرَهُ إلَيْهِ الدَّائِنُ ثَانِيًا.
(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالتَّأْخِيرِ وَسَكَتَ) أَيْ إنْ عَلِمَ الضَّامِنُ بِالتَّأْخِيرِ وَسَكَتَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بِقَدْرِ مَا يُرَى عُرْفًا أَنَّهُ رَضِيَ بِبَقَائِهِ عَلَى الضَّمَانِ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ سُكُوتَهُ يُسْقِطُ تَكَلُّمَهُ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ ذَلِكَ التَّأْخِيرَ وَأَنْ لَا يَرْضَى بِهِ وَيَقُولُ لَهُ تَأْخِيرٌ لَهُ إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ فَيَجْرِي عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْآتِي فَإِنْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ لِلْغَرِيمِ وَلَا يَضُرُّهُ إلَّا الْعِلْمُ بِأَنَّ سُكُوتَهُ مُسْقِطٌ لِتَكَلُّمِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالشَّرْطُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى وَهِيَ تَأْخِيرُ الْمَدِينِ الْمُعْسِرِ لَازِمٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَكَتَ الضَّامِنُ أَوْ أَنْكَرَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الْحَمِيلُ بِالتَّأْخِيرِ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي أُنْظِرَ إلَيْهِ) أَيْ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ) مِثْلُهُ فِي عج وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ