بِأَنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِلضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمِثْلِ مَا غَرِمَ مَعَ زِيَادَةِ مَا أَخَذَهُ أَمَّا بِجُعْلٍ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِمَدِينِهِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ فَجَائِزٌ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ الْحَقِّ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ لَكِنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ حُلُولُ الدَّيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَدِينِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا وَبَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ضَمَانَ مَضْمُونِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ الْوَاصِلُ لِلضَّامِنِ ضَمَانَ مَضْمُونِ الضَّامِنِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ بِالشَّرْطِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاق إذْ لَا تَلَوُّمَ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ قَوْلَهُ (إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (بَيْنَهُمَا) شَرِكَةً وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (أَوْ) فِي (بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَهُمَا شَخْصٌ فِي شَيْءٍ وَتَضَامَنَا فِيهِ (كَقَرْضِهِمَا) أَيْ اقْتِرَاضِهِمَا نَقْدًا أَوْ عَرَضًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِصَاحِبِهِ فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِعَمَلِ السَّلَفِ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ صَاحِبَهُ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَإِلَّا مُنِعَ
(وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ) غَيْرُ غُرَمَاءَ (اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ) مِنْ الدَّيْنِ بِقِسْمَتِهِ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهَذَا إذَا تَحَمَّلُوهُ دُفْعَةً بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيْنَا وَيُوَافِقُهُ الْبَاقِي أَوْ يُقَالُ لَهُمْ أَتَضْمَنُونَ فُلَانًا فَيَقُولُونَ نَعَمْ أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا لَوْ قَالَ وَاحِدٌ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ كَمَا يَأْتِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ الْجُعْلُ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْحَمَالَةُ وَرُدَّ الْجُعْلُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ) أَيْ لِأَنَّ الضَّامِنَ إذَا غَرِمَ الْحَقَّ لِلطَّالِبِ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ بِمِثْلِ مَا غَرِمَ مَعَ زِيَادَةِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجُعْلِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ لَمْ يَغْرَمْ بِأَنْ أَدَّى الْغَرِيمُ كَانَ أَخْذُهُ الْجُعْلَ بَاطِلًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُعْلَ إذَا كَانَ لِلْحَمِيلِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا وَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَتَارَةً تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ، وَتَارَةً تَثْبُتُ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ، وَالثَّالِثُ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْحَمَالَةُ جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْبَائِعِ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَصِحَّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا غَرَضَ لَهُ فِيمَا فَعَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْبَائِعُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ يُرِيدُ وَيَكُونُ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فِي سِلْعَتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ اهـ قَالَهُ ابْنُ عَاصِمٍ وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ شِبْهِ ضَعْةُ وَتُعَجَّلْ لِأَنَّ الْجُعْلَ لِلْمَدِينِ بِمَنْزِلَةِ الْوَضْعِ عَنْهُ وَضَمَانُهُ بِمَنْزِلَةِ تَعْجِيلِ الْحَقِّ أَوْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ إلَخْ) وَكَذَا إذَا ضَمِنَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ دَيْنًا لِصَاحِبِهِ عَلَى آخَرَ أَوْ ضَمِنَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ وَضَمِنَ ذَلِكَ الْمَضْمُونُ دَيْنًا لِلضَّامِنِ عَلَى آخَرَ فَالْمَصْدَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ مَضْمُونَهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ فِي دَيْنٍ لَهُ أَوْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَيْنًا عَلَى آخَرَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي اشْتِرَاءِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِلَّا كَانَ شَرِكَةَ ذِمَمٍ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ شَرِكَتُهُمَا لِلتَّجْرِ بِلَا مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا فِي ذِمَّتِهِمَا أَيَّ شَيْءٍ كَانَ وَكُلُّ حَمِيلٍ بِالْآخَرِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: شَرِكَةٌ) أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَاهُ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا وَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَذَلِكَ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا أَتَى لِأَحَدِهِمَا وَأَخَذَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ وَمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ حَمِيلًا عَنْهُ يَكُونُ مُسَلِّفًا لِصَاحِبِهِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِضَمَانِ صَاحِبِهِ لَهُ الَّذِي أَدَّى هُوَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا اشْتَرَيَا السِّلْعَةَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ وَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيلُ لَكِنَّهُمْ حَكَمُوا بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِعَمَلِ السَّلَفِ وَعَمَلُهُمْ إنَّمَا كَانَ عِنْدَ التَّسَاوِي (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَهُمَا) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالضَّمَانُ فِي الْمُعَيَّنِ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَبِجَعْلِ الْكَافِ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ السَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْعَطَّارِ خِلَافًا لِابْنِ الْفَخَّارِ الْقَائِلِ بِمَنْعِ ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْقَرْضِ وَرَآهُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا يَرَاهُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً نَظَرًا لِعَمَلِ السَّلَفِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ السَّلَفِ وَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا
. (قَوْلُهُ: غَيْرُ غُرَمَاءَ) أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ الْغُرَمَاءُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى جَمَاعَةٌ سِلْعَةً شَرِكَةً بَيْنَهُمْ وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْحَابَهُ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَتْبَعُ كُلَّ مَنْ وَجَدَهُ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ.
(قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ كُلٌّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدِينِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ لَدَدِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً) أَيْ بِقَوْلِهِمْ نَضْمَنُهُ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ) أَيْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ