للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُك فِي السِّجْنِ فَعَلَيْك بِهِ (أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ) لِلْمَضْمُونِ لَهُ (إنْ أَمَرَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) أَيْ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِأَمْرِهِ كَوَكِيلِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَبْرَأْ (إنْ حَلَّ الْحَقُّ) عَلَى الْمَضْمُونِ شَرْطٌ فِي بَرَاءَةِ الضَّامِنِ بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلِذَا تَرَكَ الْعَاطِفَ (و) بَرِئَ ضَامِنُ الْوَجْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ (بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) إحْضَارُهُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِمَحَلِّهِ (و) بِتَسْلِيمِهِ (بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الضَّمَانِ (إنْ كَانَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْغَيْرِ (حَاكِمٌ) فَيَبْرَأُ بِمَا ذَكَرَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَدِينُ (عَدِيمًا وَإِلَّا) تَحْصُلْ بَرَاءَتُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ (أَغْرَمَ) الضَّامِنُ (بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ) وَمَحَلُّ التَّلَوُّمِ الْخَفِيفِ (إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ (كَالْيَوْمِ) وَنَحْوِهِ فَإِنْ بَعُدَتْ غَرِمَ الْكَفِيلُ مَكَانَهُ بِلَا تَلَوُّمٍ وَمِثْلُ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ فِي التَّلَوُّمِ الْحَاضِرُ فَلَوْ قَالَ إنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَةٌ كَالْيَوْمِ لَوْ فِي بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ) عَنْ ضَامِنِ الْوَجْهِ (بِإِحْضَارِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ (إنْ حَكَمَ) عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ بِالْغُرْمِ قَبْلَ إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجُونًا بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ لِإِمْكَانِ أَنْ يُحَاكِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ فَإِنْ مَنَعَ هَذَا الطَّالِبَ مِنْهُ وَمِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى مَوْتِهِ وَمَوْتُهُ يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا اهـ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَا إذَا حَضَرَ الْمَضْمُونُ فِي زَاوِيَةٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهَا فَاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ وَبِهِ الْعَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ إحْضَارٌ يَبْرَأُ بِهِ قَالَ فِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ:

وَضَامِنٌ مَضْمُونُهُ قَدْ حَضَرَا ... بِمَوْضِعِ إخْرَاجِهِ تَعَذَّرَا

يَكْفِيهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ الْإِحْضَارَ لَهْ ... بِمَجْلِسِ الشَّرْعِ فَتِلْكَ الْمَنْزِلَهْ

وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْقَيْدِ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَدِينَ بِسَبَبِ أَمْرِ الضَّامِنِ لَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ كَوَكِيلِ الضَّامِنِ فِي التَّسْلِيمِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ) أَيْ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَيْ الضَّامِنِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْرَأْ أَيْ الضَّامِنُ إذَا هَرَبَ الْمَضْمُونُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَا لَمْ يَقُلْ الضَّامِنُ لِرَبِّ الْحَقِّ أَنَا أَضْمَنُ لَك وَجْهَهُ بِشَرْطِ أَنَّك إذَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَوْ جَاءَ بِنَفْسِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنِّي فَإِنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَمِلَ بِشَرْطٍ وَبَرِئَ فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ الْحَقُّ عَلَى الْمَضْمُونِ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ أَيْضًا أَمْ لَا كَمَا لَوْ أَخَّرَهُ رَبُّ الْحَقِّ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَأْخِيرَ غَرِيمِهِ قَالَ عج نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ اهـ وَكَأَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ رَأَى أَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ كَضَمَانِ الْمَالِ فِي هَذَا.

(قَوْلُهُ: بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ نَفْسَهُ بِأَمْرِ الضَّامِنِ وَقَوْلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ أَيْ الْبَرَاءَةُ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ شَرْطٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ شَرْطٌ فِي الْبَرَاءَةِ بِكُلٍّ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ وَتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ بِأَمْرِهِ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ.

(قَوْلُهُ: فَلِذَا تَرَكَ الْعَاطِفَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ عَطَفَ الثَّانِيَ بِالْوَاوِ لَأَوْهَمَ قَصْرَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِمَحَلِّهِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِ مَحَلِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَحْكَمَةُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ تُجْرَى فِيهِ الْأَحْكَامُ فَإِنْ خَرِبَ وَسَلَّمَهُ لَهُ فِيهِ فَهَلْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ مَبْنَاهُمَا هَلْ الْمُرَاعَى اللَّفْظُ أَوْ الْمَقْصِدُ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وُقُوعُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ.

(قَوْلُهُ أَيْ بَلَدِ الضَّمَانِ) جَوَّزَ ح كَوْنَ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الِاشْتِرَاطِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الْمَضْمُونَ فِي بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَحْضَرَهُ لَهُ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهَا حَاكِمٌ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِهِ حَاكِمٌ) الْمُرَادُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ الَّذِي أَحْضَرَ فِيهِ يُمْكِنُ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنَّمَا فِيهَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَدِيمًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْإِبْرَاءِ يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَدِيمًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْجَهْمِ وَابْنِ اللُّبَادِ الْقَائِلَيْنِ لَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِتَسْلِيمِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنَّهُ سَلَّمَهُ وَهُوَ مُعْدَمٌ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنْ سَلَّمَهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُغْرِمَ الضَّامِنُ) أَيْ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَامِنَ الْوَجْهِ إلَّا إحْضَارُهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) وَأَمَّا ضَامِنُ الْمَالِ فَهَلْ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا غَابَ الْأَصْلُ أَوْ أُعْدِمَ أَوْ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ) الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ يَوْمٌ ثَانٍ.

(قَوْلُهُ: الْحَاضِرِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَلِّمْهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مَثَلًا لَكِنَّ أَمَدَ التَّلَوُّمِ لِلْغَائِبِ أَكْثَرُ مِنْ أَمَدِهِ لِلْحَاضِرِ كَمَا عِنْدَ عج.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>