للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَرِقٍ مِنْ الْآخَرِ (اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) وَوَزْنُهُمَا وَجَوْدَتُهُمَا أَوْ رَدَاءَتُهُمَا وَهَذَا إشَارَةٌ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمَحَلُّ أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْعَاقِدَانِ، وَالصِّيغَةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي شِرْكَةِ النَّقْدِ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَكَالَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ وَعِلَّتُهُ فِي اخْتِلَافِ صَرْفِهِمَا شَرْطُ التَّفَاوُتِ إنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ الزَّائِدِ، وَيَأْتِي أَنَّهَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ، وَفِي اخْتِلَافِ وَزْنِهِمَا بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا وَفِي اخْتِلَافِهِمَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً دُخُولُهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشِّرْكَةِ حَيْثُ عَمِلَا عَلَى الْوَزْنِ لَا الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّدِيءِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْقِيمَةِ فَقَدْ صَرَفَا النَّقْدَ لِلْقِيمَةِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّقْدِ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْوَزْنِ فِي بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ

(و) تَصِحُّ (بِهِمَا) أَيْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَتُعْتَبَرُ مُسَاوَاةُ ذَهَبِ كُلٍّ وَفِضَّتِهِ لِمَا لِلْآخَرِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَبِعَيْنٍ) مِنْ جَانِبٍ (وَبِعَرْضٍ) مِنْ آخَرَ (وَبِعَرْضَيْنِ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَرْضٌ (مُطْلَقًا) اتَّفَقَا جِنْسًا أَوْ اخْتَلَفَا وَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ طَعَامًا (و) اُعْتُبِرَ (كُلٌّ) مِنْ الْعَرْضِ الْوَاقِعِ فِي الشِّرْكَةِ مِنْ جَانِبٍ أَوْ جَانِبَيْنِ (بِالْقِيمَةِ) فَالشِّرْكَةُ فِي الْأُولَى بِالْعَيْنِ وَقِيمَةِ الْعَرْضِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقِيمَةِ الْعَرْضَيْنِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالشِّرْكَةُ بِالنِّصْفِ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَالْآخَرُ عِشْرِينَ فَبِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ أَحْضَرَ) الْعَرْضَ لِلِاشْتِرَاكِ

وَالْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ عَقْدِ الشِّرْكَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ كَذِي التَّوْفِيَةِ وَالْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْبَيْعِ لَا فِي الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْخَلْطِ (لَا فَاتَ) أَيْ لَا يَكُونُ التَّقْوِيمُ يَوْمَ الْفَوَاتِ بِبَيْعٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ هَلَاكٍ وَهَذَا كُلُّهُ (إنْ صَحَّتْ) شَرِكَتُهُمَا فَإِنْ فَسَدَتْ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ فَلَا تَقْوِيمَ وَرَأْسُ مَالٍ كُلِّ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ فِي الْفَاسِدَةِ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَفِي ضَمَانِهِ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ عَرْضِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْحُكْمُ فِي الطَّعَامَيْنِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَرَأْسُ الْمَالِ قِيمَةُ الطَّعَامِ يَوْمَ الْخَلْطِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الطَّعَامَيْنِ يُفِيتُهُمَا لِعَدَمِ تَمْيِيزِ كُلٍّ بِخِلَافِ خَلْطِ الْعَرْضَيْنِ لِتَمْيِيزِ كُلِّ عَرْضٍ بَعْدَهُ (إنْ خَلَطَا) إنْ جُعِلَ شَرْطًا فِي اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَيْ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا إنْ خَلَطَا وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا حَصَلَ خَلْطٌ أَمْ لَا وَإِنْ جُعِلَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ عَارَضَهُ قَوْلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) أَيْ الذَّهَبَيْنِ وَالْوَرِقَيْنِ أَيْ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْفِضَّتَيْنِ فِي السِّكَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَحَدِ الذَّهَبَيْنِ سِكَّتُهُ مُحَمَّدِيَّةٌ وَالْآخَرُ سِكَّتُهُ يَزِيدِيَّةٌ مَعَ فَرْضِ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْجَوْدَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الْمُحَمَّدِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْ الْيَزِيدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ) وَهِيَ الِاتِّفَاقُ فِي الصَّرْفِ وَالْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ لِتَرَكُّبِهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّفَاوُتُ فِي الشِّرْكَةِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ فِي اخْتِلَافِ صَرْفِهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا صَرْفًا مَعَ اتِّحَادِهِمَا وَزْنًا وَاتِّفَاقِهِمَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً فَإِنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ مَا زَادَ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشِّرْكَةِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى عَدَمِ إلْغَائِهِ فَقَدْ صَرَفَا الشِّرْكَةَ لِغَيْرِ الْوَزْنِ فَيُؤَدِّي إلَى إلْغَاءِ الْوَزْنِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّدِيءِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ دَخَلَا عَلَى تَرْكِ مَا فَضَّلَتْهُ قِيمَةُ الْجَيِّدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْ الرِّبْحِ وَيَعْمَلُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّقْدِ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ إلَخْ) أَيْ وَبَيْعِ النَّقْدِ بِنَوْعِهِ بِالْقِيمَةِ وَإِلْغَاءُ الْوَزْنِ لَا يَجُوزُ

(قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا إلَخْ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ طَعَامًا وَهَذَا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ بِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنَّهُ غَلَبَ جَانِبُ الْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ وَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ فِي الْمُصَنَّفِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الْعَرْضِ يَوْمَ عَقْدِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ) وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةٍ وَلَا خِيَارَ وَلَا غَائِبَ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَذِي التَّوْفِيَةِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُكَالُ أَوْ يُعَدُّ أَوْ يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَرْضِ الْمُقَابِلِ لِلْعَيْنِ (قَوْلُهُ لَا فَاتَ) قَالَ طفى اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ أَنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ إذَا نَفَى شَيْئًا فَإِنَّمَا يُنَكِّتُ عَلَى مَنْ قَالَ بِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ فِي الشِّرْكَةِ الصَّحِيحَةِ يَوْمَ الْفَوَاتِ مَعَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْفَاسِدَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَالَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ) أَيْ لِكَوْنِ الْعَرْضَيْنِ قَدْ خُلِطَا وَلَمْ يَعْلَمْ مَا بِيعَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِبَيْعِهِمَا صَفْقَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونُ رَأْسُ مَالِ كُلِّ مَا بِيعَ بِهِ طَعَامُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الطَّعَامَيْنِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَالْعَرْضَيْنِ إذَا خُلِطَا وَلَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ كُلٌّ فَفِي الْعَرْضَيْنِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ يَوْمَ الْبَيْعِ وَفِي الطَّعَامَيْنِ يَوْمَ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ إلَخْ) أَيْ وَرُدَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>