لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ، وَأَمَّا السَّابِقَةُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَتَسَاوَيَا فِيمَا عَدَاهَا فَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ الْبَذْرِ فِي مُقَابَلَةِ أَرْضٍ وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ
وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ الصَّحِيحَةَ وَشُرُوطَهَا وَعَلِمَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ مَا اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فَسَدَتْ) وَعُثِرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ، وَإِنْ عَمِلَا (وَتَكَافَآ عَمَلًا) أَيْ وُجِدَ عَمَلٌ مِنْهُمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِيهِ أَمْ لَا وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ (فَبَيْنَهُمَا) الزَّرْعُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ لِعَمَلِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُ مِنْ بَذْرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ عَمَلِ بَقَرٍ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ عَمَلِ يَدٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ (وَتَرَادَّا غَيْرَهُ) أَيْ الْعَمَلَ مِنْ كِرَاءٍ وَبَذْرٍ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ مَكِيلَتِهِ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفَسَادُهَا ظَاهِرٌ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِالْبَذْرِ (وَإِلَّا) يَعْمَلَا مَعًا بَلْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِعَمَلِ يَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا عَمِلَا مَعًا وَلَمْ يَتَكَافَآ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الشُّمُولُ لِمَا مَرَّ (فَلِلْعَامِلِ) الزَّرْعُ كُلُّهُ (وَعَلَيْهِ) لِلْآخَرِ (الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْبَقَرِ الْمُنْفَرِدِ بِهَا الْآخَرُ.
فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ لَهُ الْبَذْرُ سَوَاءٌ (كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ (بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) أَيْ عَمَلُهُ الْمَذْكُورُ وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ وَفَسَادُهَا لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ (أَوْ) كَانَ لَهُ (أَرْضٌ) مَعَ عَمَلِهِ وَالْبَذْرُ لِلْآخَرِ (أَوْ) كَانَ (كُلٌّ) مِنْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَاعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ فَسَدَتْ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا فَاتَتْ الْفَاسِدَةُ بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ لِأَصْحَابِهِ كِرَاءُ مَا أَخْرَجُوهُ الثَّانِي الزَّرْعُ لِصَاحِبِ عَمَلِ الْيَدِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلُ يَدٍ الرَّابِعُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلُ يَدٍ وَبَذْرٌ الْخَامِسُ أَنَّهُ لِلْبَاذِرِ إنْ كَانَ فَسَادُهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَابْنِ يُونُسَ قَالَ وَالْمَنْعُ هُوَ الصَّوَابُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَعَلَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ مُصَحَّفٌ عَنْ الْأَرْجَحِ اهـ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْقَوْلِ بِالْمَنْعِ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا ابْنُ يُونُسَ وَحِينَئِذٍ فَتَصْحِيحُ الْمُؤَلِّفِ فِي مَحَلِّهِ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ فِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَصَوَابُهُ لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا السَّابِقَةُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَأَمَّا الَّتِي لَا بَالَ لَهَا فَإِلْغَاؤُهَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَيُخْرِجَ الْآخَرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ مِنْ الرِّبْحِ أَنْقَصَ مِنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ لِكَامِلِ الْبَذْرِ وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَنْعِ مَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمَنَعَهَا لِلتَّفَاوُتِ، وَكَذَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَأَسْلَفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ الْبَذْرَ فَيُمْنَعُ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ أَوْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَمَنَعَهَا لِلتَّفَاوُتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ) أَيْ الْحَرْثِ مَعَ إخْرَاجِ الْبَقَرِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ
(قَوْلُهُ أَيْ وُجِدَ عَمَلٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ تَمَاثُلُهُمَا فِي صُدُورِ الْعَمَلِ مِنْهُمَا لَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَبَيْنَهُمَا) أَيْ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ عَمَلِ يَدٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ بِأَنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ وَحَصَلَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ تَمَاثُلُهُمَا فِي صُدُورِهِ مِنْهُمَا لَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَلِلْعَامِلِ الزَّرْعُ) أَيْ إذَا انْضَمَّ لِعَمَلِهِ شَيْءٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَانَ لَهُ إلَخْ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا وَإِلَّا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ الْمُنْفَرِدُ بِهَا الْآخَرُ) بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فَقَطْ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ أَوْ كَانَ الْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلِلْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ الْبَذْرُ فَقَطْ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لَلشَّرِيكِ الْمُخْرِجِ لِلْبَذْرِ (قَوْلُهُ بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَرْضُ الْكَلَامِ مَعَ الْعَامِلِ مُغْنٍ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ عَمَلٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ عَمَلُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّنْوِينَ فِي عَمَلٍ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ) صَوَابُهُ لِمُقَابَلَةِ الْبَذْرِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَنَّهَا إنْ فَسَدَتْ، فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَتَرَادَّا غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ آخَرُ كَأَرْضٍ أَوْ بَذْرٍ فَالزَّرْعُ لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ حِينَئِذٍ أَوْ الْبَذْرُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ آخَرُ كَانَ الزَّرْعُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَهَذَا لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصَةِ فِي فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ السَّادِسِ الْمُرْتَضَى وَانْظُرْهُ فَإِنَّك عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا تَجِدُهُ مُوَافِقًا وَسَيَظْهَرُ لَك (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَانْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِوَاحِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute