(تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ فِي سَلَمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَكَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ وَغَابَ بِهِ وَكَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّعَدِّي وَإِلَّا جَازَ بِاتِّفَاقِهِمَا لِعَدَمِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ
(و) مُنِعَ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يُوَكَّلْ (فِي سَلَمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ (إنْ دَفَعَ) لَهُ الْمُوَكِّلُ (الثَّمَنَ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (بِمُسَمَّاهُ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيٍّ فِي مُسَمَّاهُ وَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ فِي سَلَمٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِمُخَالَفَةِ وَكِيلِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ السَّلَمِ إنْ دَفَعَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالِاخْتِصَارِ حَذْفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ بِدَيْنٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُخَالَفَتِهِ أَيْ وَمُنِعَ رِضَاهُ بِدَيْنٍ بَاعَ بِهِ الْوَكِيلُ سِلْعَةً أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَبِيعَهَا بِنَقْدٍ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ النَّقْدُ وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى أَوْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِهِ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ ذِمَّةِ الْوَكِيلِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ فَسَخَهَا مُوَكِّلُهُ فِي الدَّيْنِ وَقَيَّدَ الْمَنْعَ بِقَوْلِهِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ (وَبَيْعُ) الدَّيْنِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ وَفَّى) ثَمَنَهُ (بِالتَّسْمِيَةِ) الَّتِي سَمَّاهَا لَهُ الْمُوَكِّلُ (أَوْ الْقِيمَةِ) إذَا لَمْ يُسَمِّ بِأَنْ سَاوَى أَوْ زَادَ أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا كَلَامَ لِلْوَكِيلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَدِّلُهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْوَكِيلُ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِبَعْضِهِمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَغَابَ بِهِ) أَيْ وَغَابَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ فِي سَلَمٍ بَلْ فِي شِرَاءٍ نَقْدًا أَوْ كَانَ فِي سَلَمٍ وَلَمْ يَدْفَعْ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَفُتْ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَكِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّعَدِّي جَازَ الرِّضَا بِاتِّفَاقِهِمَا
(قَوْلُهُ فِي سَلَمٍ) أَيْ سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ لَهُ فَأَعْرَضَ الْوَكِيلُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لَهُ) أَيْ إنْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ رَأْسَ الْمَالِ أَيْ وَكَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَاطَّلَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ مَنْعُ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ لَكِنَّ التَّكْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت مِنْ حَمْلِ الْمُخَالَفَةِ هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الْمُخَالَفَةَ هُنَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَقَالَ وَمَنَعَ رِضَاهُ أَيْ الْمُوَكِّلُ بِمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ فِي رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ أَيْ رَأْسَ الْمَالِ وَقَوْلُهُ بِمُسَمَّاهُ بَدَلٌ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ بَدَلُ كُلٍّ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَنَعَ رِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ أَيْ الْمُوَكِّلِ فِي رَأْسِ مَالٍ سَمَّاهُ لَهُ وَدَفَعَهُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِعَيْنِهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَزَادَ الْوَكِيلُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَدَفَعَ الْجَمِيعَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَعِلَّةُ مَنْعِ الرِّضَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا تَعَدَّى صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَإِذَا رَضِيَ بِالسَّلَمِ فَقَدْ فَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ فَهُوَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَعَلَى هَذَا فَالْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكْرَارَ.
(قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَهْرَامُ وَابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ عَمَّا هُنَا بِمَا تَقَدَّمَ إنْ حُمِلَتْ الْمُخَالَفَةُ هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ بِمَا تَقَدَّمَ عَمَّا هُنَا عَلَى حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَبِالنَّظَرِ لِلْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ الرِّضَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ السَّلَمِ هُوَ الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الرِّضَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ رِضَاهُ بِدَيْنٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِنَقْدٍ فَبَاعَهَا بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الرِّضَا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ بَاعَ بِجِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ فَاتَ فَلَوْ بَاعَ بِجِنْسِ الْمُسَمَّى وَكَانَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا لِمَا سَمَّاهُ لَهُ جَازَ الرِّضَا بِالدَّيْنِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ بِجِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَيَبْقَى لِأَجْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ.
(قَوْلُهُ مِمَّا سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ) أَيْ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجْلِ (قَوْلِهِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَشَرَةً فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى) كَمَا لَوْ سَمَّى لَهُ عَشَرَةَ مَحَابِيبَ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رِيَالًا لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالرِّيَالَاتِ فَبَاعَهَا بِالْمَحَابِيبِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَائِمًا جَازَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُؤَجَّلِ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ فِيهِ) أَيْ فِي ثَمَنِهِ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ وَبَاعَ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ بِالتَّسْمِيَةِ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ بِالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ بِأَنْ سَاوَى) أَيْ ثَمَنُ الدَّيْنِ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الدَّيْنِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ جَوَابُ إنْ وَفِي ضَمِيرِ أَخَذَهُ رَاجِعٌ لِثَمَنِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْوَكِيلِ) أَيْ إذَا زَادَ ثَمَنُ الدَّيْنِ عَنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute