للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَابِلٌ أَنْ يُمَلَّكَ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ كَالْحَمْلِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إصْلَاحٍ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ كَالْوَقْفِ، وَالْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُمَا وَخَرَجَ عَنْ الْأَهْلِ نَحْوُ الدَّابَّةِ، وَالْحَجَرِ (لَمْ يُكَذِّبْهُ) نَعْتٌ لِأَهْلٍ أَيْ لِأَهْلٍ غَيْرِ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ تَحْقِيقًا نَحْوَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ، أَوْ احْتِمَالًا نَحْوَ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ بَطَلَ الْإِقْرَارُ إنْ اسْتَمَرَّ التَّكْذِيبُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّكْذِيبُ مِنْ الرَّشِيدِ فَتَكْذِيبُ الصَّبِيِّ، وَالسَّفِيهِ لَغْوٌ (وَلَمْ يُتَّهَمْ) الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْعَطْفِ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ إذْ فَاعِلُ يُكَذِّبُ يَعُودُ عَلَى أَهْلٍ وَفَاعِلُ يُتَّهَمُ يَعُودُ عَلَى الْمُقِرِّ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُ وَقَيْدُ عَدَمِ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ، وَالصَّحِيحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ.

، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِمَنْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ بِقَوْلِهِ (كَالْعَبْدِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ (فِي غَيْرِ الْمَالِ) كَجُرْحٍ، أَوْ قَتْلِ عَمْدٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ وَكَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُكَاتَبِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ لِكَوْنِهِمَا لِلسَّيِّدِ وَمَا زَادَ عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ وَيَلْزَمُهُ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ وَيَدْفَعُ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ أَتْلَفَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ، أَوْ فَلَا يَأْخُذُ مَا أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا، بَلْ حَتَّى يُثْبِتَهُ، وَأَمَّا قَطْعُهُ فَيَلْزَمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَابِلٌ أَنْ يُمْلَكَ) أَيْ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ قَابِلًا لِمِلْكِهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ كَانَ قَابِلًا لِمِلْكِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ أَيْ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الْإِقْرَارِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُتَأَهِّلًا وَقَابِلًا لِلْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، بَلْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إصْلَاحٍ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ، أَوْ لِاسْتِحْقَاقِهِ (قَوْلُهُ كَالْحَمْلِ) أَيْ يُقِرُّ لَهُ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ، أَوْ مِنْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ فَالْإِقْرَارُ بِذَلِكَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَابِلٌ لِمِلْكِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ (قَوْلُهُ مِنْ إصْلَاحٍ) بَيَانٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَابِلٌ لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ لِأَجْلِ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَالْوَقْفُ قَابِلٌ لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ إصْلَاحِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ الْغَلَّةَ، أَوْ لِأَجْلِ سُكْنَاهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ الْأَهْلِ نَحْوُ الدَّابَّةِ، وَالْحَجَرِ) أَيْ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُمَا، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِأَجْلِ إصْلَاحِ الْحَجَرِ فِي كَسَبِيلٍ، أَوْ لِعَلَفِ الدَّابَّةِ فِي جِهَادٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ لِأَهْلِ غَيْرِ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ) أَيْ، بَلْ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَالُ الْغَيْرِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ جَبْرًا فِيمَا عَدَا الْمِيرَاثَ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ التَّكْذِيبُ) أَيْ فِيهِمَا فَإِنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الْأُولَى فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، أَوْ يَبْطُلُ قَوْلَانِ الثَّانِي مِنْهُمَا.

هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي ح اهـ.

بْن، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الثَّانِيَةِ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَوْلَى إنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ لِتَصْدِيقِ الْمُقِرِّ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُقِرِّ إنْكَارٌ (قَوْلُهُ لَغْوٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَاهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ) أَيْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِإِقْرَارِهِ لِمُلَاطَفَةٍ وَنَحْوِهِ بَطَلَ (قَوْلُهُ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ وَصَاحِبُ الْحَالِ هُوَ الْمُكَلَّفُ (قَوْلُهُ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُ) فِيهِ إنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي مُجَرَّدِ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ عَطْفَ مُفْرَدَاتٍ نَحْوَ أَكْلُ وَشُرْبُ زَيْدٍ لَا فِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ نَحْوِ ضَرَبَ زَيْدٌ وَقَامَ عَمْرٌو وَمَا.

هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِثْلُ حَامِلٍ مُقْرِبٍ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ، أَوْ قَطْعٍ (قَوْلُهُ، وَالصَّحِيحُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُفْلِسُ وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَازِمٌ يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يُحَاصَصُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ فَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ فَقَطْ فَإِنْ أَقَرَّ الصَّحِيحُ لِمَنْ يُتَّهَمُ كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ لَازِمًا.

(قَوْلُهُ بِمَنْ يَتَوَهَّمُ) أَيْ مُمَثِّلًا لِمَنْ يَتَوَهَّمُ عَدَمَ صِحَّةِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ) أَيْ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِلَا حَجْرٍ (قَوْلُهُ وَكَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ أَيْ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) إنْ كَانَ قَائِمًا (قَوْلُهُ وَمَا زَادَ) أَيْ مِنْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَأْخُذُ إلَخْ) أَيْ، بَلْ هُوَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُثْبِتَهُ) أَيْ مُدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءً أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، أَوْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>