للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ، بَلْ قَبُولُهُ فِي الْقَرْضِ أَقْرَبُ، وَأَحْرَى مِنْ قَبُولِهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْحُلُولُ وَفِي الْقَرْضِ التَّأْجِيلُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ الْحَطَّابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَا شَكَّ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (و) قَبْلَ (تَفْسِيرِ أَلْفٍ) مَثَلًا (فِي كَأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ) وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِ الْأَلْفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ اتَّهَمَهُ، أَوْ خَالَفَهُ وَيُلَاحَظُ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى دِرْهَمٍ أَيْضًا.

(وَ) قُبِلَ قَوْلُهُ لَهُ عِنْدِي (خَاتَمٌ فَصُّهُ لِي) ، أَوْ أَمَةٌ وَلَدُهَا لِي، أَوْ جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا لِي وَكَذَا بَابٌ مِسْمَارُهُ لِي وَجُبَّةٌ لُحْمَتُهَا لِي مِمَّا صَدَقَ الِاسْمُ فِيهِ عَلَى الْمَجْمُوعِ إذَا قَالَ ذَلِكَ (نَسَقًا) بِلَا فَصْلٍ (إلَّا فِي غَصْبٍ) كَغَصَبْتُ مِنْهُ هَذَا الْخَاتَمَ وَفَصُّهُ لِي (فَقَوْلَانِ) الرَّاجِحُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ قَالَ وَلَوْ فِي غَصْبٍ لَمَشَى عَلَى الرَّاجِحِ (لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي) قَوْلِهِ (لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ) شَيْءٌ، أَوْ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ (أَوْ) مِنْ هَذِهِ (الْأَرْضِ كَفَى) أَيْ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ إذَا قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ إلَخْ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا ذُكِرَ سَوَاءً كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْجِذْعِ وَنَحْوِهِ فِي دُونِ مِنْ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ.

(وَ) لَزِمَهُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي (مَالٌ) وَسَوَاءً قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا (نِصَابٌ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ نِصَابُ زَكَاةٍ لَا سَرِقَةٍ (، وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ) أَيْ الْمَالِ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ، أَوْ حَبَّةٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَشُبِّهَ فِي التَّفْسِيرِ أَيْ فِي قَبُولِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بَيْنَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ وَلَوْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ) أَيْ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ، بَلْ قَبُولُهُ) أَيْ قَوْلِ الْمُقِرِّ إذَا ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا فِي الْقَرْضِ أَقْرَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُجَرَّدُ بَحْثٍ، وَإِنْ ارْتَضَاهُ ح (قَوْلُهُ وَقَبْلَ تَفْسِيرِ أَلْفٍ) أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ، أَوْ لَهُ أَلْفٌ وَعَبْدٌ، أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَبْهَمَ فِي الْأَلْفِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِأَيِّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ سَوَاءً فَسَّرَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، أَوْ حَدِيدٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ حِمَارٍ وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ مُفَسِّرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا) أَيْ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْخَاتَمُ دُونَ الْفَصِّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ فَصُّهُ لِي، أَوْ وَلَدُهَا لِي بَعْدَ مُهْلَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْفَصَّ، أَوْ الْوَلَدَ لَهُ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ الْخَاتَمَ بِفَصِّهِ، وَالْجَارِيَةَ مَعَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ كَغَصَبْتُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ وَفَصُّهُ لِي) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ فِي الْغَصْبِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي أَنَّ الْفَصَّ لَهُ (قَوْلُهُ لَا بِجِذْعٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الدَّارِ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، أَوْ فِيهَا، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْحَقَّ، أَوْ الْقَدْرَ بِجِذْعٍ، أَوْ بِبَابٍ مِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ كَالرُّبُعِ، أَوْ الثُّمُنِ، أَوْ النِّصْفِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْجِذْعِ، وَالْبَابِ عِنْدَ التَّعْبِيرِ بِفِي؛ لِأَنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ وَلَا يُقْبَلُ عِنْدَ التَّعْبِيرِ بِمِنْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ) يَعْنِي شَيْءٌ، أَوْ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ) أَيْ لِلشَّيْءِ، وَالْحَقِّ، وَالْقَدْرِ فِي الدَّارِ، وَالْأَرْضِ بِالْجِذْعِ، وَالْبَابِ إذَا قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ إلَخْ) أَيْ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ حَقٌّ، أَوْ شَيْءٌ، أَوْ قَدْرٌ (قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الدَّارِ، أَوْ مِنْ الْأَرْضِ.

(قَوْلُهُ وَسَوَاءً قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا) نَحْوُهُ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذْ قَالَ عِنْدِي مَالٌ عَظِيمٌ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ نِصَابُ الزَّكَاةِ نِصَابُ السَّرِقَةِ يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى النِّصَابِ اللَّازِمِ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِعَظِيمٍ وَيُرْجَعُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِتَفْسِيرِهِ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ، وَالْخَامِسُ يُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِهِ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِمَالِ أَهْلِ الْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ التَّحَالُفِ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِضَّةِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَاشِيَةِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَبِّ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَالْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، وَالْحَبُّ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مَثَلًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَنْصِبَاءِ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ وَلِذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ نِصَابٌ لَزِمَهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصَابِ نِصَابُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الْمَالَ عَلَى نِصَابِ الزَّكَاةِ فَقَالَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] فَعَنَى بِالْأَمْوَالِ النِّصَابَاتِ، وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ نِصَابِ الزَّكَاةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالْمَالِ نِصَابُ السَّرِقَةِ، وَهُوَ رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُلْزَمُ بِتَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ، وَالْأَحْسَنُ) أَيْ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ تَفْسِيرُهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ فَلَا كَلَامَ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَ بِهِ مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ فَإِنْ أَبَى سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ، أَوْ حَبَّةٍ، أَوْ دِرْهَمٍ) فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ حَلَفَ الْمُقِرُّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>