إلَيْهِ (تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ، وَأَنْكَرْت) الصَّدَقَةَ وَقُلْت، بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ، أَوْ قَرْضٌ (فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ) عَلَى قَوْلِ الْبَاعِثِ فَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ أَخْذَهُ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ مَعَ شَهَادَةِ الرَّسُولِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَخْذَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الرَّسُولُ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ لَكِنْ بِيَمِينٍ (وَهَلْ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (مُطْلَقًا) كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَمْ لَا مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) إنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا (إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ بِيَدِ الرَّسُولِ، وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (تَأْوِيلَانِ) يَتَّفِقَانِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى الرَّدِّ) لَهَا مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، أَوْ وَارِثِهِ (عَلَى وَارِثِك) أَيُّهَا الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لِغَيْرِ يَدِ الْمُؤْتَمِنِ وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْك (أَوْ) عَلَى (الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَهُ عَلَى الدَّافِعِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْقَابِضِ فِي قَبْضِهَا، وَالدَّافِعِ فِي دَفْعِهَا.
(قَوْلُهُ شَاهِدٌ عَلَى قَوْلِ الْبَاعِثِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ أَرْسَلَ ذَلِكَ وَدِيعَةً، أَوْ صَدَقَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَهُ مُصَدِّقٌ عَلَى الْقَبْضِ (قَوْلُهُ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ) أَيْ، وَهُوَ عَدَمُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الشَّيْءِ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ، وَالْأَصْلُ كَالشَّاهِدِ فَلَمَّا انْضَمَّ الْأَصْلُ لِلشَّاهِدِ صَارَ الْبَاعِثُ كَأَنَّ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ فَلِذَلِكَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِيَمِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَلِذَا حَلَفَ مَعَهُ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِ الرَّسُولِ، أَوْ لَيْسَ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا أَيْ كَانَ الْمَبْعُوثُ لَهُ الْمَالُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ وَسَوَاءً شَهِدَ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّي الرَّسُولِ بِالدَّفْعِ لِلْمَبْعُوثِ لَهُ بِسَبَبِ إقْرَارِ رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ لِمَنْ ذَكَرَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ إنَّ تَأْوِيلَ الْإِطْلَاقِ هُوَ ظَاهِرُهَا، وَهُوَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ شَاهِدًا، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ أَشْهَبُ شَاهِدًا، وَأَطْلَقَ فَقِيلَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ جَعْلِهِ شَاهِدًا مُطْلَقًا، وَهُوَ تَأْوِيلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا، أَوْ عُدِمَ وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بَاقِيًا، وَالْمَبْعُوثُ لَهُ مُعْدَمٌ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ التَّفْصِيلُ عَلَى نَحْوِ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بِيَدِهِ كَوْنُهُ قَائِمًا سَوَاءً كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ أَيْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا، بَلْ عُدِمَ وَكَانَ الْمَبْعُوثُ لَهُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ (وَقَوْلُهُ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْمَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَهُ مُعْدَمٌ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مُعْدَمًا وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مَوْجُودًا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُقِرًّا بِالْقَبْضِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ أَخَذَ الْمَالَ وَتَوَاطَأَ مَعَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُعْدَمِ فَإِقْرَارُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُعْدَمِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَعُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بَاقِيًا بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْمَبْعُوثُ إلَيْهِ مُعْدَمٌ فَيَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ عَلَى قَوْلِ الْمُرْسِلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ يَتَّفِقَانِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ) أَيْ بِيَدِ الرَّسُولِ، أَوْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَوْجُودٍ أَصْلًا وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُعْدَمًا وَلَا بَيِّنَةَ لِلرَّسُولِ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ عَلَى قَوْلِ الْمُرْسَلِ لَا عَلَى الثَّانِي.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لِغَيْرِ يَدِ الْمُؤْتَمِنِ) أَيْ وَمَنْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِغَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَمَّا قَصَّرَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ أَنَّهَا رَدَّهَا إلَيْك) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي ح عَنْ الْجَوَاهِرِ وَكَذَا إذَا ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّ مُورَثَهُ دَفَعَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ لِوَارِثِك يَا مُودِعُ فَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُودِعِ، أَوْ عَلَى الْمُودِعِ أَنَّ مُورَثَهُمْ قَدْ رَدَّهَا لِلْمُودَعِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، أَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَدَّهَا لِمُوَرِّثِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهَا لِلْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُدَّعِي سَوَاءً كَانَتْ الدَّعْوَةُ صَادِرَةً مِنْ ذِي الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ عَلَى ذِي الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ، أَوْ عَلَى وَارِثِهِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الضَّمَانُ.
(قَوْلُهُ، أَوْ عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ) عَطْفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute