للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَجُوزُ كَالْإِجَارَةِ (وَدُونَهُ) كَيْلًا، أَوْ زِنَةً، أَوْ مَسَافَةً (لَا أَضَرَّ) مِمَّا اسْتَعَارَ لَهُ، وَإِنْ أَقَلُّ زِنَةً، أَوْ مَسَافَةً فَلَا يَجُوزُ كَمَا إذَا اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا قَمْحًا فَحَمَلَ عَلَيْهَا حِجَارَةً أَقَلَّ زِنَةً.

(وَإِنْ زَادَ) فِي الْحِمْلِ (مَا تَعْطَبُ بِهِ) وَعَطِبَتْ (فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا (قِيمَتُهَا) وَقْتَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّعَدِّي (أَوْ كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ (كَرَدِيفٍ) تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ فِي حَمْلِهِ مَعَهُ فَهَلَكَتْ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، أَوْ كِرَاءِ الرَّدِيفِ (وَاتُّبِعَ بِهِ) الرَّدِيفُ (إنْ أُعْدِمَ) الْمُرْدِفُ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الرَّدِيفُ (بِالْإِعَارَةِ) ، وَإِذَا غَرِمَ الرَّدِيفُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُرْدِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لِلرَّدِيفِ إنَّمَا تَوَجَّهَ عَلَى الْغُرْمِ بِسَبَبِك فَإِنْ أَيْسَرَ الْمُرْدِفُ لَمْ يُتْبَعْ الرَّدِيفُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَدَاءِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ الرَّدِيفُ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْعَدَاءِ اُتُّبِعَ مَعَ عَدَمِ الْمُرْدِفِ وَمِلَائِهِ وَحَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا فَهَلْ تُقْضَى الْقِيمَةُ عَلَى قَدْرِ ثِقَلِهِمَا، أَوْ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهَا كَانَ بِهِمَا مَعًا وَلَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ لَمْ تَهْلِكْ؟ خِلَافٌ.

(وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ تَعَيَّبَتْ، أَوْ سَلِمَتْ، أَوْ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَعَطِبَتْ، أَوْ تَعَيَّبَتْ، أَوْ سَلِمَتْ (فَكِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ فَقَطْ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ لَكِنْ فِي صُورَةِ التَّعْيِيبِ يُخَيَّرُ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي زِيَادَةِ الْحِمْلِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ تَبَعًا لِشُرَّاحِهِ وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ،، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالُوا إنَّ حُكْمَهَا فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ فَإِنْ عَطِبَتْ بِالزِّيَادَةِ فِيهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا، وَكَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ تَعَيَّبَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَإِنْ سَلِمَتْ فَكِرَاءُ الزَّائِدِ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَ الْمَنَافِعِ فِي مِثْلِهَا فَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْعَارِيَّةِ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا أَضَرَّ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ الْأَضَرَّ مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْأَضَرُّ أَقَلَّ مِمَّا اسْتَعَارَهَا لَهُ فِي الْوَزْنِ، أَوْ الْمَسَافَةِ، أَوْ مُسَاوِيًا، أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ أَقَلُّ زِنَةً) ، وَأَوْلَى إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً فِي الزِّنَةِ، أَوْ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ زَادَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَخَالَفَ وَزَادَ إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ سِتٌّ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ تَارَةً تَعْطَبُ وَتَارَةً تَتَعَيَّبُ وَتَارَةً تَسْلَمُ، فَالْأُولَى مَنْطُوقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ زَادَ إلَخْ، وَالثَّانِيَةُ لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ وَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِلَّا وَحُكْمُهَا أَنَّ رَبَّهَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُتَعَدِّي الْأَكْثَرَ مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ، وَأَرْشِ الْعَيْبِ، وَالثَّالِثَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ كَمَا أَنَّهُ إنْ زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ فَفِيهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ وَكُلُّهَا دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَكِرَاؤُهُ، وَهَذِهِ الْأَحْوَالُ السِّتَّةُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْحِمْلِ لَا فِي الْمَسَافَةِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْمَسَافَةِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ، أَوْ كِرَاؤُهُ) أَيْ الزَّائِدُ وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: كَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا اسْتَعَارَهَا لَهُ؟ فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ قِيلَ: وَكَمْ يُسَاوِي كِرَاؤُهَا فِيمَا حُمِلَ عَلَيْهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ وَغَيْرُهُ؟ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ دَفَعَ إلَيْهِ الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى كِرَاءِ مَا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ (قَوْلُهُ كَرَدِيفٍ تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ فِي حَمْلِهِ) أَيْ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الرَّدِيفُ صَبِيًّا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِيهًا (قَوْلُهُ وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أُعْدِمَ وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَاتُّبِعَ الرَّدِيفُ بِمَا رَضِيَ بِهِ رَبُّهَا مِنْ قِيمَةِ الدَّابَّةِ، أَوْ كِرَاءِ الزَّائِدِ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الرَّدِيفَ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ حَيْثُ كَانَ الرَّدِيفُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِعَارَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُرْدِفُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ إلَّا أَنَّهُ مُخْطِئٌ، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، وَأَمَّا وَمَحِلُّ إتْبَاعِ الرَّدِيفِ بِمَا رَضِيَ بِهِ رَبُّ الدَّابَّةِ إذَا أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّدِيفُ رَشِيدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ سَفِيهًا فَإِنَّهُ لَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَدَاءِ، وَإِلَّا كَانَ جِنَايَةً فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَضَمِنَ الْمَحْجُورُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ، أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَيْسَرَ الْمُرْدِفُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْمُرْدِفُ مُوسِرًا (قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُتْبَعُ الرَّدِيفُ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ عَلِمَ الرَّدِيفُ بِالْعَدَاءِ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا لَمْ يَتْبَعْ الرَّدِيفَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَدَاءِ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ أَيْضًا وَصَارَ لِلْمُعِيرِ غَرِيمَانِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الرَّدِيفَ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ بِالْإِعَارَةِ، أَوْ لَا يَعْلَمَ بِهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا، أَوْ مُعْدَمًا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّدِيفُ بِالْإِعَارَةِ غَرِمَ إنْ أُعْدِمَ الْمُرْدِفُ، وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا لَمْ يَلْزَمْ الرَّدِيفَ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْمُرْدِفُ، وَإِنْ عَلِمَ الرَّدِيفُ بِالْإِعَارَةِ اُتُّبِعَ مَعَ عَدَمِ الْمُرْدِفِ وَمِلَائِهِ كَمَا يُتْبَعُ الْمُرْدِفُ فَيَكُونُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ غَرِيمَانِ يُخَيَّرُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ تَعَلَّقَ الضَّمَانُ بِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ عَلِمَ الرَّدِيفُ بِالْإِعَارَةِ كَانَ الْمُرْدِفُ مَلِيًّا، أَوْ مُعْدَمًا (قَوْلُهُ فَهَلْ تُقْضَى الْقِيمَةُ) أَرَادَ بِهَا مَا أَخَذَهُ رَبُّ الدَّابَّةِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَشْمَلُ الْقِيمَةَ وَكِرَاءَ الرَّدِيفِ.

(قَوْلُهُ فِي صُورَةِ التَّعْيِيبِ) أَيْ مَا إذَا زَادَ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ كَمَا فِي عبق أَمَّا إذَا زَادَ مَا لَا تَعْطَبُ بِهِ وَتَعَيَّبَتْ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ (قَوْلُهُ، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالُوا إنَّ حُكْمَهَا إلَخْ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ زِيَادَةِ الْحِمْلِ وَزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ أَنَّ زِيَادَةَ الْمَسَافَةِ مَحْضُ تَعَدٍّ مُسْتَقِلٍّ مُنْفَصِلٍ بِخِلَافِ زِيَادَةِ الْحِمْلِ فَإِنَّهُ مُصَاحِبٌ لِلْمَأْذُونِ فِيهِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي زِيَادَةِ الْحِمْلِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>