للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ وَمُوَافِقٍ لِلْمُعِيرِ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَدَعْوَاهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (رَدَّ مَا لَمْ يُضْمَنْ) ، وَهُوَ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَبَعِيرٍ فَالْقَوْلُ لَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَأَمَّا دَعْوَاهُ رَدَّ مَا يُضْمَنُ، وَهُوَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُصَدَّقُ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا.

(وَإِنْ زَعَمَ) شَخْصٌ (أَنَّهُ مُرْسَلٌ) مِنْ زَيْدٍ (لِاسْتِعَارَةِ حُلِيٍّ) مَثَلًا لَهُ مِنْ بَكْرٍ فَدَفَعَ لَهُ بَكْرٌ مَا طَلَبَهُ (وَ) زَعَمَ أَنَّهُ (تَلِفَ) مِنْهُ (ضَمِنَهُ مُرْسِلُهُ) ، وَهُوَ زَيْدٌ (إنْ صَدَّقَهُ) عَلَى الْإِرْسَالِ (وَإِلَّا) يُصَدِّقْهُ (حَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ (وَبَرِئَ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ) لَقَدْ أَرْسَلَنِي، وَأَنَّهُ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنِّي (وَبَرِئَ) أَيْضًا وَضَاعَ الْحُلِيُّ هَدَرًا لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَا يَحْلِفُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِالْإِرْسَالِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْسِلِ وَمَفْهُومُ زَعَمَ أَنَّهُ تَلِفَ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ التَّلَفُ بِلَا تَفْرِيطٍ وَقَدْ صَدَّقَهُ الْمُرْسِلُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ لِانْتِفَائِهِ فِي الْعَارِيَّةِ حَيْثُ ثَبَتَ وَمَفْهُومُ حُلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مِمَّا لَا يُضْمَنُ كَدَابَّةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا إذَا تَعَدَّى.

(وَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْعَدَاءِ) بِأَنْ قَالَ لَمْ يُرْسِلْنِي أَحَدٌ وَتَلِفَتْ مِنْهُ (ضَمِنَ الْحُرُّ) الرَّشِيدُ دُونَ السَّفِيهِ، وَالصَّبِيِّ (وَ) ضَمِنَ (الْعَبْدُ فِي ذِمَّتِهِ) لَا رَقَبَتِهِ فَلَا يُبَاعُ لَهَا، بَلْ يُتْبَعُ (إنْ عَتَقَ) وَلِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ.

(وَإِنْ قَالَ) الرَّسُولُ (أَوْصَلْته) أَيْ الْمُعَارَ مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوَهُ (لَهُمْ) أَيْ لِمَنْ أَرْسَلَنِي فَكَذَّبُوهُ، وَأَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ (فَعَلَيْهِ) الْيَمِينُ أَنَّهُمْ أَرْسَلُوهُ، وَأَنَّهُ، أَوْصَلَهُ إلَيْهِمْ (وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ) أَنَّهُمْ لَمْ يُرْسِلُوا وَلَمْ يُوصِلْهُ لَهُمْ وَتَكُونُ هَدَرًا وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا ضَمِنَ وَيَبْدَءُونَ بِالْيَمِينِ كَمَا فِي النَّقْلِ، وَالرَّاجِحُ ضَمَانُ الرَّسُولِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَمُؤْنَةٍ أَخَذَهَا) أَيْ أُجْرَةٍ أَخَذَهَا مِنْ مَكَانِهَا إنْ احْتَاجَتْ لِأُجْرَةٍ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَرَدِّهَا) لِرَبِّهَا (عَلَى الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ مِنْ الْمُعِيرِ فَلَا يُكَلَّفُ أُجْرَةَ مَعْرُوفٍ صَنَعَهُ.

(وَفِي عَلَفِ الدَّابَّةِ) الْمُسْتَعَارَةِ، وَهِيَ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلَانِ) قِيلَ عَلَى رَبِّهَا وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ، وَإِنْ بِرَسُولٍ مُخَالِفٍ لَهُ) ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ مُوَافِقًا لَهُ وَمُخَالِفًا لِلْمُسْتَعِيرِ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يُوَافِقْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّسُولَ هُنَا لَغْوٌ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا لِأَحَدِهِمَا إذَا صَدَّقَهُ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ سَمَاعُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ إذَا أَنْكَرَ مُرْسِلُهُ الْأَرْسَالَ وَحَلَفَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ حَلَفَ الرَّسُولُ وَبَرِئَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي بْن وَغَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُرْسِلُ عَبْدًا فَجِنَايَةٌ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْحَلِفِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ ثَبَتَ التَّلَفُ) أَيْ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمُرْسِلِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَائِهِ فِي الْعَارِيَّةِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الضَّمَانِ فِي الْعَارِيَّةِ إذَا ثَبَتَ تَلَفُهَا بِلَا تَفْرِيطٍ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ اعْتَرَفَ) أَيْ الرَّسُولُ بِالْعَدَاءِ أَيْ بِتَعَدِّيهِ فِي أَخْذِ الْعَارِيَّةِ بِغَيْرِ إرْسَالٍ، وَالْحَالُ أَنَّهَا تَلِفَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْحُرُّ الرَّشِيدُ) أَيْ عَاجِلًا (قَوْلُهُ دُونَ السَّفِيهِ، وَالصَّبِيِّ) أَيْ لِتَفْرِيطِ الْمُعِيرِ بِالدَّفْعِ لَهُمَا مَعَ عَدَمِ اخْتِبَارِ حَالِهِمَا (قَوْلُهُ لَا رَقَبَتِهِ) أَيْ وَلَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْمَأْذُونَ كَالْحُرِّ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ عَاجِلًا كَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ.

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ) قَالَ طفى هَذَا لَا يَأْتِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى سَوَاءً أَنْكَرُوا الْإِرْسَالَ أَوْ لَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَيَغْرَمُ الرَّسُولُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَالرَّسُولُ دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ فَيَغْرَمُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَالرَّاجِحُ ضَمَانُ الرَّسُولِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَيَبْدَءُونَ بِالْيَمِينِ كَمَا فِي النَّقْلِ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَعَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ نَكَلُوا، أَوْ نَكَلَ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَلَيْهِ أَنَّ رَبَّ الْمَتَاعِ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ تَعَسَّرَ الْخَلَاصُ مِنْهُمْ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ حَلَفَ وَنَكَلُوا فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمْ وَعَكْسُهُ الْغُرْمُ عَلَيْهِ فَقَطْ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا ضَمِنَ.

(قَوْلُهُ وَفِي عَلَفٍ إلَخْ) الْعَلَفُ الَّذِي فِيهِ الْخِلَافُ بِفَتْحِ اللَّامِ مَا يُعْلَفُ بِهِ، وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَهُوَ تَقْدِيمُ الْعَلَفِ لِلدَّابَّةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قَوْلًا وَاحِدًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَرْيُ الْقَوْلَيْنِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فِي اللَّيْلَةِ، وَاللَّيْلَتَيْنِ وَعَلَى الْمُعِيرِ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، وَالسَّفَرِ الْبَعِيدِ، كَذَا فِي الْمَوَّاقِ وَقَدْ عَكَسَ ذَلِكَ عبق (قَوْلُهُ قِيلَ عَلَى رَبِّهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَكَانَ كِرَاءً وَرُبَّمَا كَانَ عَلَفُهَا أَكْثَرَ مِنْ الْكِرَاءِ فَتَخْرُجُ الْعَارِيَّةُ عَنْ الْمَعْرُوفِ إلَى الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا فَعَلَ مَعْرُوفًا فَلَا يَلِيقُ أَنْ يُشَدَّدَ عَلَيْهِ،، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ عَلَفَهَا عَلَى رَبِّهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمُخْدِمِ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى مُخْدَمِهِ بِالْفَتْحِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي بْن أَنَّ اللَّائِقَ بِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدُّدٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ.

كَلَامُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>