للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهَا غَيْرُهُ (فَسِيَّانِ) الْحَافِرُ، وَالْمُرْدِي فِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمَا فِي الْإِنْسَانِ الْمُكَافِئِ وَضَمَانِ غَيْرِهِ (أَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ) مَثَلًا قُيِّدَ (لِئَلَّا يَأْبَقَ) فَأَبَقَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ (أَوْ) فَتَحَ بَابًا مُغْلَقًا (عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ) فَذَهَبَ فَيَضْمَنُهُ (إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) لَهُ حِينَ الْفَتْحِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَاتِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ طَيْرًا، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الطَّيْرَ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيعُهُ عَادَةً (أَوْ) فَتَحَ (حِرْزًا) فَسَالَ مَا فِيهِ إذَا كَانَ مَائِعًا، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ جَامِدًا (الْمِثْلِيَّ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ ضَمِنَ (وَلَوْ بِغَلَاءٍ بِمِثْلِهِ) وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ مَنْ قَالَ إذَا غَصَبَهُ يَوْمَ الْغَلَاءِ فَرَخُصَ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَ رَبُّهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ (وَصَبَرَ) رَبُّهُ إذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْمِثْلِ كَفَاكِهَةٍ خَرَجَ أَبَانُهَا (لِوُجُودِهِ وَ) صَبَرَ (لِبَلَدِهِ) أَيْ لِبَلَدِ الْغَصْبِ إنْ وُجِدَ الْغَاصِبُ بِغَيْرِهِ (وَلَوْ صَاحَبَهُ) بِأَنْ كَانَ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ مَعَ الْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ فَوْتٌ يُوجِبُ رَدَّ الْمِثْلِ لَا رَدَّ الْعَيْنِ وَجَازَ دَفْعُ ثَمَنٍ عَنْ الطَّعَامِ الْمِثْلِيِّ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْغَصْبِ يَجْرِي مَجْرَى طَعَامِ الْقَرْضِ وَيَجِبُ التَّعْجِيلُ لِئَلَّا يَكُونَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَشْهَبَ يُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ فِيهِ، أَوْ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ (وَمُنِعَ) الْغَاصِبُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ (لِلتَّوَثُّقِ) بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ خَشْيَةَ ضَيَاعِ حَقِّ رَبِّهِ وَمِثْلُهُ الْمُقَوَّمُ حَيْثُ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَسِيَّانِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا عَلِمَ الْمُرْدِي بِقَصْدِ الْحَافِرِ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الْمُرْدِي فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُمَا سِيَّانِ هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الْحُسَيْنِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ (قَوْلُهُ فِي الْإِنْسَانِ الْمُكَافِئِ) أَيْ لَهُمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ الْمُكَافِئُ أَحَدَهُمَا فَقَطْ كَأَنْ حَفَرَهَا حُرٌّ مُسْلِمٌ لِأَجْلِ وُقُوعِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَأَرْدَاهُ فِيهَا عَبْدٌ مِثْلُهُ قُتِلَ الْمُرْدِي دُونَ الْحَافِرِ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ وَعَلَيْهِ الْأَدَبُ وَانْظُرْ هَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَمْ لَا قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ وَضَمَانِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْإِنْسَانِ الْمُكَافِئِ (قَوْلُهُ قَيْدَ عَبْدٍ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ فَتَحَ قَيْدَ حُرٍّ قُيِّدَ لِئَلَّا يَأْبَقَ فَذَهَبَ بِحَيْثُ تَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ دِيَةَ عَمْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِبَاعَهُ، بَلْ حَيْثُ أَدْخَلَهُ فِي أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ رُجُوعُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ (قَوْلُهُ قُيِّدَ لِئَلَّا يَأْبَقَ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ قَيْدَ عَبْدٍ قُيِّدَ لِنَكَالِهِ فَأَبَقَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَنَازَعَ رَبُّهُ مَعَ الْفَاتِحِ فَادَّعَى رَبُّهُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَهُ لِخَوْفِ إبَاقِهِ وَقَالَ الْفَاتِحُ إنَّمَا قَيَّدْتَهُ لِنَكَالِهِ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ.

(قَوْلُهُ فَأَبَقَ) أَيْ عَقِبَ الْفَتْحِ، أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ) أَيْ إلَّا إذَا فَتَحَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ نَائِمًا نَوْمًا خَفِيفًا بِحَيْثُ يَكُونُ عِنْدَهُ شُعُورٌ، قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ بِمَكَانٍ هُوَ مَظِنَّةُ شُعُورِهِ بِخُرُوجِهِ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ يَسِيرًا لَا الْمُلَاصَقَةُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا غَيْرَ نَائِمٍ (قَوْلُهُ لَا يُمْكِنُ تَرْجِيعُهُ عَادَةً) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَرْجِيعُهُ (قَوْلُهُ فَسَالَ مَا فِيهِ) أَشَارَ بِهَذَا لِدَفْعِ مَا يُقَالُ أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ فَتَحَ حِرْزًا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا هُنَا فَتْحُ الْحِرْزِ عَلَى غَيْرِ حَيَوَانٍ وَمَا مَرَّ فَتْحُهُ عَلَى حَيَوَانٍ، أَوْ أَنَّ مَا مَرَّ فَتْحُ الْحِرْزِ فَذَهَبَ مَا فِي دَاخِله بِنَفْسِهِ وَمَا هُنَا فَتْحُ الْحِرْزِ، وَأَخْذُ آخَرَ مَا فِي دَاخِلِهِ.

(قَوْلُهُ، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا كَانَ جَامِدًا) لَكِنْ فِي هَذِهِ يُقَدَّمُ الْآخِذُ لِمُبَاشَرَتِهِ عَلَى الْفَاتِحِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ فَاتِحِ الْحِرْزِ مَا لَمْ يَفْتَحْهُ بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ فَتَحَهُ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ فَقَدْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَّرَهُ وَذَكَرَهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ ضَمِنَ) أَيْ ضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ الْمِثْلِيَّ إذَا تَعَيَّبَ، أَوْ تَلِفَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ غَصَبَهُ بِغَلَاءٍ وَحَكَمَ بِهِ زَمَنَ الرَّخَاءِ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمِنَ وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا إذَا تَعَيَّبَ، أَوْ تَلِفَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمِثْلِيُّ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودًا بِبَلَدِ الْغَصْبِ، وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ، وَأَرَادَ الْغَاصِبُ إعْطَاءَ مِثْلِهِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِعَيْنِ شَيْئِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمِثْلِيَّاتُ لَا تُرَادُ لِأَعْيَانِهَا لَكِنْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمِثْلِيَّاتِ تَتَعَيَّنُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مَالُهُ حَرَامًا، أَوْ كَانَ فِي مَالِهِ شُبْهَةٌ فَرَبُّ الْمَغْصُوبِ لَهُ غَرَضٌ فِي أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ؛ لِأَنَّهُ حَلَالٌ وَمَالَ الْغَاصِبِ حَرَامٌ (قَوْلُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ) أَيْ، وَهُوَ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَصَبَرَ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وُجُوبًا لِبَلَدِهِ أَيْ لِبَلَدِ الْغَصْبِ إنْ وُجِدَ الْغَاصِبُ بِغَيْرِهِ، مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْخَلَاصُ مِنْهُ إذَا رَجَعَ لِبَلَدِهِ، وَإِلَّا غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي وَجَدَهُ فِيهِ وَلَا يَصْبِرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ كَمَا فِي ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَإِنْ وُجِدَ غَاصِبُهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ مَحَلِّهِ فَلَهُ تَضْمِينُهُ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ نَقْلَهُ فَوْتٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمِثْلِيِّ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ فَوْتٌ بِخِلَافِ نَقْلِ الْمُقَوَّمِ إنَّمَا يَكُونُ فَوْتًا إذَا كَانَ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ وَاحْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فَوْتَ الْمِثْلِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ مِثْلِهِ وَفَوْتَ الْمُقَوَّمِ لَا يُوجِبُ غُرْمَ قِيمَتِهِ، بَلْ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ أَخْذِهِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ بَيْنَ أَخْذِهِ) أَيْ الْمِثْلِيِّ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ مِنْهُ) أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ الْغَاصِبَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمِثْلِيِّ الَّذِي صَاحَبَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ حَتَّى يَتَوَثَّقَ مِنْهُ رَبُّهُ بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ الْمَغْصُوبِ الَّذِي صَاحَبَ الْغَصْبَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْمُقَوَّمُ) أَيْ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ الْمُقَوَّمُ فَيُمْنَعُ الْغَاصِبُ عَنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ إذَا وُجِدَ مَعَهُ بِبَلَدٍ أُخْرَى غَيْرَ بَلَدِ الْغَصْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>