(فِي) قَتْلِ (الْأَجْنَبِيِّ) فِي اتِّبَاعِ الْأَجْنَبِيِّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ التَّلَفِ، أَوْ الْغَاصِبِ بِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ (فَإِنْ تَبِعَهُ) أَيْ تَبِعَ الْغَاصِبَ (تَبِعَ هُوَ الْجَانِيَ) بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ زَادَتْ الْقِيمَةُ (فَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ) مِنْ الْجَانِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ وَكَانَتْ (أَقَلَّ) مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ (فَلَهُ الزَّائِدُ) أَيْ أَخْذُهُ (مِنْ الْغَاصِبِ فَقَطْ) لَا مِنْ الْجَانِي.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَرْضٌ، أَوْ عَمُودٌ، أَوْ خَشْبٍ (هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ، وَأَخْذُهُ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ وَأُجْرَةُ الْهَدْمِ عَلَى الْغَاصِبِ (وَ) لَهُ (غَلَّةُ) مَغْصُوبٍ (مُسْتَعْمَلٍ) رُجِّحَ حَمْلُهُ عَلَى الْعَقَارِ مِنْ دُورٍ وَرَبَاعٍ، وَأَرْضٍ سَكَنَهَا، أَوْ زَرَعَهَا، أَوْ كَرَاهَا دُونَ الْحَيَوَانِ الْمُسْتَعْمَلِ الَّذِي نَشَأَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ غَلَّةٌ كَكِرَاءِ الدَّابَّةِ، أَوْ الْعَبْدِ، أَوْ اسْتِعْمَالِهِمَا؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَضْمَنُ فِي الْعَقَارِ إذَا اُسْتُعْمِلَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَضْمَنُ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ، وَالْأَرْجَحُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَغَلَّةٌ مُسْتَعْمَلٌ وَلَوْ فَاتَ الْمَغْصُوبُ وَلَزِمَتْ الْقِيمَةُ فَيَأْخُذُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الذَّاتِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا كِرَاءَ لَهُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ وَاحْتُرِزَ بِمُسْتَعْمَلٍ عَمَّا إذَا عُطِّلَ كَدَارٍ غَلَقَهَا، وَأَرْضٍ بَوَّرَهَا وَدَابَّةٍ حَبَسَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَمَنْفَعَةُ الْحُرِّ، وَالْبُضْعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى دَفْعِهِ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُهُ لِظُلْمِهِ بِغَصْبِهِ فَهُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ لِلشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ تَبِعَهُ أَيْ فَإِنْ تَبِعَ رَبُّ الْمَغْصُوبِ الْغَاصِبَ وَقَوْلُهُ تَبِعَ هُوَ أَيْ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا غَرِمَ قِيمَتَهُ مَلَكَهُ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْغَاصِبَ لَا يَرْبَحُ فَكَيْفَ رَبِحَ هُنَا، وَإِنَّمَا أُبْرِزَ الضَّمِيرُ لِجَرَيَانِ الْجَوَابِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ الشَّرْطِ لِرَبِّ الْمَغْصُوبِ وَضَمِيرَ الْجَوَابِ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ) أَيْ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الزَّائِدُ) أَيْ مَا زَادَتْهُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ عَلَى الْقِيمَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ أَرْضٌ، أَوْ عَمُودٌ، أَوْ خَشَبٌ) الْأَوْلَى قَصْرُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ عَمُودًا، أَوْ خَشَبًا فَإِدْخَالُ الْأَرْضِ هُنَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا مُخَالِفٌ لِلْعَمُودِ، وَالْخَشَبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ كَمَا كَانَتْ، أَوْ يَدْفَعَ لِلْغَاصِبِ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ إلَخْ اهـ.
بْن وَقَوْلُهُ أَرْضٌ، أَوْ عَمُودٌ بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلِ الْمَغْصُوبِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ) أَيْ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَدْمِ مَا عَلَيْهِ، وَأَخْذِ شَيْئِهِ وَبَيْنَ إبْقَائِهِ لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْغَاصِبِ حَيْثُ طَلَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْقِيمَةَ أَنَا أَهْدِمُ بِنَائِي وَلَا أَغْرَمُ الْقِيمَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْقَصَّارِ حَيْثُ قَالَ يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَمُودًا وَاخْتَارَ الْمَالِكُ هَدْمَ مَا عَلَيْهِ، وَأَخْذَهُ فَتَلِفَ فِي حَالِ قَلْعِهِ فَهَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ أَخْذَهُ فَقَدْ هَلَكَ عَلَى مِلْكِهِ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ خَطِّ عج وَقَوْلُهُ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ أَنْقَاضًا فَبَنَاهَا الْغَاصِبُ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ هَدْمُهَا وَلَهُ إبْقَاؤُهَا، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا وَكَذَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَجَعَلَهَا بِطَانَةً لِجُبَّةٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ، وَإِبْقَاؤُهُ وَتَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ غَلَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ رَجَحَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الَّذِي رَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ إنْ كَانَ عَقَارًا وَاسْتَعْمَلَهُ الْغَاصِبُ كَانَتْ غَلَّتْهُ لِرَبِّهِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَتُهُ إنْ سَكَنَ فِيهِ، أَوْ أَسْكَنَهُ لِغَيْرِهِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ ثَمَرَ النَّخْلِ الَّذِي أَثْمَرَ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ حَيَوَانًا فَإِنْ كَانَتْ غَلَّتُهُ لَيْسَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَحْرِيكِ الْغَاصِبِ كَاللَّبَنِ، وَالصُّوفِ فَهِيَ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَحْرِيكٍ كَالرُّكُوبِ، وَالْخِدْمَةِ فَهِيَ لِلْغَاصِبِ فَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الرُّكُوبِ وَلَا اسْتِعْمَالُ الدَّابَّةِ فِي حَرْثٍ، أَوْ دَرْسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ رَجَحَ حَمْلُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ) أَيْ بِأَنْ سُكِنَ، أَوْ زُرِعَ (قَوْلُهُ إلَّا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ اسْتِعْمَالٍ) أَيْ.
وَأَمَّا مَا نَشَأَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ كَكِرَاءِ الدَّابَّةِ، أَوْ اسْتِعْمَالِهَا بِنَفْسِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ، وَالْأَرْجَحُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ) أَيْ أَنَّ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ ذَاتِهِ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَقَارًا، أَوْ حَيَوَانًا كَانَتْ غَلَّةُ الْحَيَوَانِ نَاشِئَةً عَنْ تَحْرِيكِ الْغَاصِبِ أَوَّلًا، قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ح قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَشَهَرَهُ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ إذْ لَوْ لَمْ تَلْزَمْ الْغَلَّةُ الْغَاصِبَ مَا صَحَّ قَوْلُهُ فِي الْغَلَّةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَغْصُوبُ) أَيْ مِنْ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ أَخْذُ الْغَلَّةِ وَقِيمَةِ الذَّاتِ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى قَوْلِهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَالْمُقَدِّمَاتِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وبن وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ فَالْغَلَّةُ نَشَأَتْ فِي مِلْكِ الْغَاصِبِ حَتَّى قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَدَابَّةٍ حَبَسَهَا إلَخْ)