للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَكِنْ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى اللِّصِّ وَنَحْوِهِ وَمِثْلُ الدَّلَالَةِ مَا لَوْ حَبَسَ شَيْئًا عَنْ رَبِّهِ حَتَّى أَخَذَهُ لِصٌّ، أَوْ ظَالِمٌ (أَوْ أَعَادَ) الْغَاصِبُ (مَصُوغًا) بَعْدَ أَنْ كَسَرَهُ (عَلَى حَالِهِ) فَلَا ضَمَانَ.

(وَ) إنْ أَعَادَهُ (عَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ) عَلَى الْغَاصِبِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ (كَكَسْرِهِ) فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِرَبِّهِ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ قَوْلِهِ يَأْخُذُهُ وَقِيمَةَ الصِّيَاغَةِ وَرَجَعَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِجَعْلِهِ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ لَا إنْ هُزِلَتْ أَيْ فَلَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، بَلْ يَأْخُذُهُ أَيْ مَعَ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ إنْ كَانَتْ مُبَاحَةً إذْ الصِّيَاغَةُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْعَدَمِ (أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً) لِذَاتٍ مِنْ دَابَّةٍ، أَوْ دَارٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ قَصَدَ بِغَصْبِهِ لِذَاتٍ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَقَطْ كَالرُّكُوبِ، وَالسُّكْنَى، وَاللُّبْسِ مُدَّةً، ثُمَّ يَرُدُّهَا لِرَبِّهَا، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالتَّعَدِّي (فَتَلِفَتْ الذَّاتُ) بِسَمَاوِيٍّ فَلَا يَضْمَنُ الذَّاتَ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ أَيْ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا (، أَوْ) غَصَبَ طَعَامًا وَ (أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً) ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمَالِكُ أَنَّهُ لَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ (أَوْ نَقَصَتْ) السِّلْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ أَيْ قِيمَتُهَا (لِلسُّوقِ) أَيْ لِتَغَيُّرِهِ مِنْ غَيْرِ تَغَيُّرٍ فِي ذَاتِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي نَقْصِ الْقِيمَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ لَكِنْ عِنْدَ إلَخْ) أَيْ لَكِنَّ ضَمَانَ الدَّالِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى اللِّصِّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدِ لَا ضَمَانَ عَلَى اللِّصِّ، وَإِنَّمَا الضَّمَانُ عَلَى الدَّالِّ إذْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، كَيْفَ وَاللِّصُّ مُبَاشِرٌ لِأَخْذِ الْمَالِ وَفِي بْن أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ يَكُونُ لِلْمَالِكِ غَرِيمَانِ يُخَيَّرُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا فَإِنْ تَبِعَ اللِّصَّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الدَّالِّ، وَإِنْ تَبِعَ الدَّالَّ رَجَعَ عَلَى اللِّصِّ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ وَيَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ.

وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَكَسَرَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَعَادَهُ لِحَالِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ مَالِكُهُ إلَّا بِدَفْعِ أُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَهَذَا فِي مُشْتَرٍ غَيْرِ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فِي كَوْنِهِ لَا أُجْرَةَ لَهُ فِي صِيَاغَتِهِ وَيَنْبَغِي فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ أَنْ يَرْجِعَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا دَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ أُجْرَةِ الصِّيَاغَةِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِفَوَاتِهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَخْيِيرِهِ مَعَ الْفَوَاتِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ مَعَ أَنَّ الْمَغْصُوبَ الْمُقَوَّمَ قَدْ فَاتَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا غَيْرُ شَيْئِهِ حُكْمًا وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْئِهِ اهـ.

عبق (قَوْلُهُ كَكَسْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِرَبِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَسْرَهُ يُفَوِّتُهُ عَلَى رَبِّهِ (قَوْلُهُ يَأْخُذُهُ وَقِيمَةَ الصِّيَاغَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَسْرَ لَا يُفِيتُهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَسْرَ الْمَصُوغِ، وَإِعَادَتَهُ لِحَالِهِ لَا يُفِيتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَسْرَهُ، وَإِعَادَتَهُ عَلَى غَيْرِ حَالَتِهِ الْأُولَى يُفِيتُهُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا كَسْرُهُ مِنْ غَيْرِ إعَادَةٍ فَهَلْ يُفِيتُهُ عَلَى رَبِّهِ، أَوْ لَا يُفِيتُهُ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَالْفَوَاتُ هُوَ مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَدَمُ الْفَوَاتِ هُوَ مَا رَجَعَ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَكَسْرِهِ إنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ جُعِلَ تَشْبِيهًا فِي قَوْلِهِ لَا إنْ هُزِلَتْ جَارِيَةٌ كَانَ مَاشِيًا عَلَى الْمَرْجُوعِ عَنْهُ.

(قَوْلُهُ كَالْعَدَمِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا غَصَبَ الْحُلِيَّ الْمُحَرَّمَ وَكَسَرَهُ أَخَذَهُ رَبُّهُ مَكْسُورًا مِنْ غَيْرِ أَخْذِ أُجْرَةٍ لِلصِّيَاغَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً) تَعْبِيرُهُ بِغَصْبٍ فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ هَذَا تَعَدٍّ (قَوْلُهُ فَتَلِفَتْ الذَّاتُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ.

وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَ الْغَاصِبُ الذَّاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فَلَا فَرْقَ فِي الْإِتْلَافِ بَيْنَ غَصْبِ الذَّاتِ، وَالْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي تَلَفِ الذَّاتِ بِالسَّمَاوِيِّ (تَنْبِيهٌ) لَوْ تَلِفَتْ الذَّاتُ بِسَمَاوِيٍّ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ هَلْ غَصَبَ الذَّاتَ فَيَضْمَنُ، أَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَنَافِعِ فَلَا يَضْمَنُ اُعْتُبِرَتْ الْقَرَائِنُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ فَتَرَدُّدٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ كَانَ جُزْءًا يَسِيرًا مِنْ الزَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَأَكَلَهُ مَالِكُهُ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِطَبْخٍ مَثَلًا، وَإِلَّا فَبِمُجَرَّدِ الْفَوَاتِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ وَلَوْ أَكَلَهُ رَبُّهُ ضِيَافَةً فَإِنْ أَكَلَهُ رَبُّهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْقِيمَةَ فَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَقْتَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ وَرَبُّهُ يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْغَاصِبِ) أَيْ، أَوْ أَكْرَهَهُ الْغَاصِبُ عَلَى أَكْلِهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ضِيَافَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ بَاشَرَ إتْلَافَهُ) أَيْ، وَالْمُبَاشِرُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ فِي الضَّمَانِ إذَا ضَعُفَ السَّبَبُ، وَالسَّبَبُ هُنَا ضَعِيفٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْغَاصِبِ إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ مُنَاسِبًا لِحَالِ مَالِكِهِ كَمَا لَوْ هَيَّأَهُ لِلْأَكْلِ لَا لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ لِرَبِّهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْغَاصِبِ مِنْ قِيمَتِهِ قِيمَةُ الَّذِي انْتَفَعَ بِهِ رَبُّهُ أَنْ لَوْ كَانَ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي شَأْنُهُ أَكْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَكْفِي مَالِكَهُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ نِصْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُ لَهُ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ وَنِصْفًا، قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اعْتِبَارُ هَذَا الْقَيْدِ إذَا كَانَ أَكْلُهُ مُكْرَهًا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ.

وَأَمَّا إنْ أَكَلَهُ طَائِعًا عَالِمًا بِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، بَلْ ضَمَانُهُ مِنْ الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الطَّعَامُ غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِحَالِهِ وَمُقَيَّدًا بِمَا إذَا أَكَلَهُ رَبُّهُ قَبْلَ فَوْتِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ كَمَا قُلْنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ، أَوْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ وَمِنْ بَابِ، أَوْلَى مَا إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا لِتَغَيُّرِ السُّوقِ، وَهِيَ عِنْدَ الْغَاصِبِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ وَزِيَادَتِهَا لِتَغَيُّرِ السُّوقِ لَا يُفِيتُ الْمَغْصُوبَ عَلَى رَبِّهِ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُهُ لَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ لِأَجْلِ نَقْصِ الْقِيمَةِ، وَإِذَا أَرَادَ الْغَاصِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>