للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ انْكِسَارِهِمَا خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْغَصْبِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَعِيبًا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي نَظِيرِ الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ وَلَوْ الْكَثِيرَ (أَوْ جَنَى هُوَ) أَيْ الْغَاصِبُ (أَوْ أَجْنَبِيٌّ) عَلَى الْمَغْصُوبِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَهُ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ مَثَلًا (خُيِّرَ) الْمَالِكُ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَعِيبِ، وَهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِ، وَإِنْ تَعَيَّبَ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ إلَّا أَنَّ كَيْفِيَّةَ التَّخْيِيرِ مُخْتَلِفَةٌ، فَفِي السَّمَاوِيِّ مَا تَقَدَّمَ وَفِي جِنَايَةِ الْغَاصِبِ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَأَخْذِ شَيْئِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَفِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ مِنْ الْغَاصِبِ فَيَتْبَعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ، وَأَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ وَاتِّبَاعُ الْجَانِي بِالْأَرْشِ لَا الْغَاصِبِ (كَصَبْغِهِ) بِفَتْحِ الصَّادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ يَعْنِي لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا أَبْيَضَ وَصَبَغَهُ فَمَالِكُهُ يُخَيَّرُ (فِي) أَخْذِ (قِيمَتِهِ) أَبْيَضَ يَوْمَ الْغَصْبِ (وَأَخْذِ ثَوْبِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ الْمَصْبُوغِ بِهِ، وَهَذَا إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ، أَوْ لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَبْيَضَ، وَأَخْذِهِ مَصْبُوغًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَ) خُيِّرَ الْمَالِكُ (فِي بِنَائِهِ) أَيْ بِنَاءِ الْغَاصِبِ عَرْصَةً، أَوْ فِي غَرْسِهِ (فِي أَخْذِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ وَكَذَا الْغَرْسُ (وَدَفْعِ قِيمَةَ نَقْضِهِ) بِضَمِّ النُّونِ بِمَعْنَى مَنْقُوضِهِ أَيْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ الْهَدْمِ لَا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَجِصٍّ وَجِيرٍ وَحُمْرَةٍ (بَعْدَ سُقُوطٍ) أَيْ إسْقَاطِ أُجْرَةِ (كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا) الْغَاصِبُ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَدَمِهِ أَيْ شَأْنُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى الْهَدْمَ وَتَسْوِيَةَ الْأَرْضِ وَرَدُّهَا لِمَا كَانَتْ قَبْلَ الْغَصْبِ فَيُقَالُ كَمْ يُسَاوِي نَقْضُ هَذَا الْبِنَاءِ لَوْ نُقِضَ؟ فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا أُجْرَةُ مَنْ يَتَوَلَّى الْهَدْمَ، وَالتَّسْوِيَةَ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةٌ غَرِمَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ سِتَّةً فَإِذَا كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ خَدَمِهِ غَرِمَ الْمَالِكُ لَهُ جَمِيعَ الْعَشَرَةِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ الشِّقَّ الْآخَرَ مِنْ شِقَّيْ التَّخْيِيرِ، وَهُوَ أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِهَدْمِهِ، أَوْ قَلْعِهِ إنْ كَانَ شَجَرًا وَبِتَسْوِيَةِ أَرْضِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الزَّرْعِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلِلْمَالِكِ أَيْضًا مُحَاسَبَةُ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُدَّةَ اسْتِيلَائِهِ عَلَى الْأَرْضِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ فَتَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ أَيْضًا وَيُرْجَعُ بِالزَّائِدِ (وَ) ضَمِنَ الْغَاصِبُ (مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ) بِالتَّفْوِيتِ فَعَلَيْهِ فِي وَطْءِ الْحُرَّةِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا وَفِي وَطْءِ الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَلَوْ وَخْشًا.

(وَ) ضَمِنَ مَنْفَعَةَ بَدَنِ (الْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ) أَيْ الِاسْتِيفَاءِ، وَهُوَ وَطْءُ الْبُضْعِ وَاسْتِخْدَامُ الْحُرِّ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ كَانَ أَصْوَبَ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيتَ يَشْمَلُ مَا لَوْ حَبَسَ الْمَرْأَةَ حَتَّى مَنَعَهَا التَّزْوِيجَ، أَوْ الْحَمْلَ مِنْ زَوْجِهَا، أَوْ حَبَسَ الْحُرَّ حَتَّى فَاتَهُ عَمَلٌ مِنْ تِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ،.

، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلَهُ (كَحُرٍّ بَاعَهُ) الْغَاصِبُ لَهُ مَثَلًا (وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ) فَيَلْزَمُهُ دِيَتُهُ لِأَهْلِهِ دِيَةَ عَمْدٍ وَسَوَاءٌ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَلَامَهُ مُطْلَقٌ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِعَيْبٍ حَدَثَ بِهِ فَرَبُّهُ بِالْخِيَارِ، نَعَمْ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ مَوْجُودٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ انْكِسَارِهِمَا) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ الْكَسْرُ، وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ فِعْلُ الْفَاعِلِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا قَائِمًا بِالْمَغْصُوبَةِ، بَلْ الْعَيْبُ الْقَائِمُ بِهَا أَثَرُ فِعْلِ الْفَاعِلِ، وَهُوَ الِانْكِسَارُ (قَوْلُهُ، أَوْ جَنَى هُوَ) أَيْ جِنَايَةً غَيْرَ مُتْلِفَةٍ لِلْمَغْصُوبِ، بَلْ عَيَّبَتْهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ كَصَبْغِهِ) أَيْ كَتَخْيِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَقَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ كَصَبْغِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي الصَّبْغِ فَجَعَلَهُ كَتَجْصِيصِ الْبِنَاءِ وَتَزْوِيقِهِ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ نَزْعِهِ، وَكَانَ وَجْهُ مَا فِيهَا أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّجْصِيصِ، وَالتَّزْوِيقِ مُفَارِقٌ يُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِخِلَافِ الصَّبْغِ فَإِنَّهُ صَنْعَةٌ دَخَلَتْ فِي نَفْسِ ذَاتِ الشَّيْءِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الصَّبْغِ، هَذَا مَا فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِأَبِي عِمْرَانَ الْقَائِلِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ.

، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ، وَإِذَا غَصَبَ ثَوْبًا وَصَبَغَهُ خُيِّرَ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ الثَّوْبِ أَبْيَضَ، أَوْ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الصَّبْغِ، وَأَطْلَقَتْ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُقَيِّدْ بِزِيَادَةٍ وَلَا مُسَاوَاةٍ، وَأَبْقَاهَا أَبُو عِمْرَانَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَقَيَّدَهَا ابْنُ الْجَلَّابِ بِمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ.

(قَوْلُهُ فِي أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ الْأَرْضِ لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذُ قِيمَتِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَمُودِ، وَالْأَنْقَاضِ الْمَغْصُوبَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ لِرَبِّهَا تَرْكَهَا لِلْغَاصِبِ، وَأَخْذَ قِيمَتِهَا مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهَدْمِ الْبِنَاءِ، وَأَخْذِهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ الْهَدْمِ) أَيْ كَحَجَرٍ وَخَشَبٍ وَمِسْمَارٍ (قَوْلُهُ لَا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ الْمَالِكَ لَا يَدْفَعُ لِذَلِكَ قِيمَةً، بَلْ إذَا أَرَادَ أَخْذَ أَرْضِهِ أَخَذَ مَا ذُكِرَ مَجَّانًا فَلَوْ قَلَعَ ذَلِكَ الْغَاصِبُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

وَأَمَّا إنْ قَلَعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ، هَذَا هُوَ النَّقْلُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ عَلَى الزَّرْعِ) أَيْ عَلَى مَا إذَا غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَقَدَرَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ الزَّرْعُ (قَوْلُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَاصِبُ قَدْ اسْتَغَلَّ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَالْغَصْبِ، وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ) أَيْ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ بَعْد ذَلِكَ شَيْءٌ أَخَذَهُ الْغَاصِبُ، وَإِنْ لَمْ تَفِ قِيمَةُ النَّقْضِ بِالْأُجْرَةِ الْمَاضِيَةِ وَأُجْرَةِ إصْلَاحِ الْأَرْضِ رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّائِدِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَيْ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الْبُضْعَ بِالْوَطْءِ وَلَا اسْتَعْمَلَ الْحُرَّ بِالِاسْتِخْدَامِ، بَلْ عَطَّلَ كُلًّا عَنْ الْوَطْءِ، وَالِاسْتِخْدَامِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا غَيْرَ الْبَيْعِ تَعَذَّرَ بِسَبَبِهِ رُجُوعُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِبَاعَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>