وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالتَّأَمُّلِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إبَّانٌ.
(وَإِنْ غَرَسَ) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ بَنَى) وَقَامَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) مُنْفَرِدًا مِنْ الْأَرْضِ (فَإِنْ أَبَى) الْمَالِكُ (فَلَهُ) أَيْ الْغَارِسِ، أَوْ الْبَانِي (دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ) بِغَيْرِ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ (فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ) هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ، وَهَذَا بِقِيمَةِ غَرْسِهِ، أَوْ بِنَائِهِ وَيُعْتَبَرُ التَّقْوِيمُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الْغَرْسِ، وَالْبِنَاءِ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ (الْمُحَبَّسَةُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ) أَيْ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا اغْتَلَّهُ (قَوْلُهُ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْإِبَّانُ بَاقِيًا فَلَا يَفُوزُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِمَا انْتَفَعَ بِهِ، بَلْ يُحَاسِبُهُ الطَّارِئُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي الْمُخْرَجِ أَيْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ إذَا انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الطَّارِئَ لَا يُشَارِكُهُ فِي الْغَلَّةِ، بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا سَكَنَ فِيهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَأَنْ لَا يَعْلَمَ بِذَلِكَ الطَّارِئِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ حَاجِبًا فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ وَحَاصَّهُ فِي الْغَلَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُحَاصِصْهُ إذَا كَانَ الْمَطْرُوُّ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ، بَلْ أَكْرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مَثَلًا فَاسْتَغَلَّهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً فَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ فِي الْغَلَّةِ، وَإِنْ أَشْغَلَهَا بِالسُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إنْ سَكَنَ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اتِّبَاعِ شَرِيكِهِ لَهُ إلَّا هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ سُكْنَاهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِهِ بِالطَّارِئِ وَلَا فَوَاتُ الْإِبَّانِ فَفِي الْعَمَلِيَّاتِ:
وَمَا عَلَى الشَّرِيكِ يَوْمًا إنْ سَكَنْ ... فِي قَدْرِ حَظِّهِ لِغَيْرِهِ ثَمَنْ
اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ غَرَسَ ذُو الشُّبْهَةِ) أَيْ كَالْمُشْتَرِي، أَوْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَعِيرِ مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِغَصْبِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ غَرَسَ، أَوْ بَنَى، أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ وَقَوْلُهُ غَرَسَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ لَوْ صَرَفَ مَالًا عَلَى تَفْصِيلِ عَرْضٍ، أَوْ خِيَاطَتِهِ، أَوْ عَمَّرَ سَفِينَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَاحْتُرِزَ بِذِي الشُّبْهَةِ عَمَّا لَوْ بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ، أَوْ غَرَسَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يَرْجِعُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بِقَلْعِهِ، بَلْ إنْ قَسَمُوا وَوَقَعَ فِي قَسْمِ غَيْرِهِ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، وَإِنْ أَبْقَوْا الشَّرِكَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِأَخْذِهِ، أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا.
وَقِيلَ قَائِمًا اُنْظُرْ إلَخْ (قَوْلُهُ قِيلَ لِلْمَالِكِ) أَيْ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَيْ وَلَوْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ كَذَا فِي خش وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ، وَذَوِي الشَّرَفِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الْإِسْرَافُ، وَالتَّغَالِي وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَذُكِرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالشَّيْخِ ابْنِ الْحُبَابِ فَأَفْتَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالشَّرِكَةِ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ.
وَقِيلَ إنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَالْقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ اهـ.
بْن، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ؟ فَيُقَالُ كَذَا، وَمَا قِيمَةُ الْأَرْضِ مُفْرَدَةً عَنْ الْغَرْسِ، أَوْ الْبِنَاءِ الَّذِي فِيهَا؟ فَيُقَالُ كَذَا، فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ، فَلَوْ قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ الْآنَ وَمَا أُرِيدُ إخْرَاجَهُ عَنْ مِلْكِي وَلَكِنْ يَسْكُنُ وَيَنْتَفِعُ حَتَّى يَرْزُقَنِي اللَّهُ مَا أُؤَدِّي مِنْهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ مِنْ كِرَاءِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ) مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِمِلْكٍ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا نَقْضُهُ اهـ.
فَقَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ فَفِيهَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ لِمَالِكٍ إلَخْ.
وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَا يَجْرِي فِيهَا وَجْهٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا يُقَالُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ إلَى آخِرِ