للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَذَا إنْ طَلَبَهَا وَلَوْ لَمْ يُقَاسِمْ بِالْفِعْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ (أَوْ اشْتَرَى) الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ (أَوْ سَاوَمَ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ مُسَاوَمَتَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ (أَوْ سَاقَى) بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقِيًا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ فِيهِ الشُّفْعَةُ (أَوْ اسْتَأْجَرَ) الشَّفِيعُ الْحِصَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي (أَوْ بَاعَ) الشَّفِيعُ (حِصَّتَهُ) فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَبِبَيْعِهَا انْتَفَى (أَوْ سَكَتَ) الشَّفِيعُ مَعَ عِلْمِهِ (بِهَدْمٍ) ، أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ (أَوْ) سَكَتَ بِلَا مَانِعٍ (شَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدُ) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي وَثِيقَةِ الْبَيْعِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْكَتْبِ.

وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَمِثْلُ كَتْبِ شَهَادَتِهِ الْأَمْرُ بِهِ، أَوْ الرِّضَا بِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ بِلَا كَتْبٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَتَسْقُطُ بِحُضُورِهِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ (سَنَةً) مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

ذِي تَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ دَارًا فَبَاعَ نِصْفَهَا لِزَيْدٍ وَنِصْفَهَا لِعَمْرٍو وَتَنَازَعَا فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَبْقَ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ إنْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ، أَوْ نَكَلَا.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ طَلَبَهَا) أَيْ إنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ الْقِسْمَةَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا إلَّا مُقَاسَمَةُ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح اهـ.

عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ شِرَاؤُهُ مِنْهُ جَهْلًا بِحُكْمِ الشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ كَوْثَرٍ وَكَمَا فِي تت عَنْ الذَّخِيرَةِ.

إنْ قُلْت إنَّ الشَّفِيعَ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ قَدْ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالشُّفْعَةِ فَمَا مَعْنَى سُقُوطِهَا؟ قُلْت تَظْهَرُ فَائِدَةُ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ قَدْرًا كَمَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بِالْمِائَةِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الشُّفْعَةِ وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ، أَوْ سَاوَمَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ فِي الشِّقْصِ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْمُسَاوَمَةِ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الشُّفْعَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْمُسَاوَمَةِ وَيَحْلِفُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقِيًا إلَخْ) أَيْ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ لِدَلَالَةِ الْجُعَلِ الْمَذْكُورِ عَلَى رِضَاهُ بِتَرْكِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ،.

وَأَمَّا دَفْعُ الشَّفِيعِ حِصَّتَهُ مُسَاقَاةً لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ) أَيْ وَكَذَا إذَا دَعَا الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ لِاسْتِئْجَارِهَا مِنْهُ وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِئْجَارٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) أَيْ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا فَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ وَيَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ سُقُوطُهَا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ وَلَوْ فَاسِدًا وَقَدْ رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ كَمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ بِالْخِيَارِ وَرَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ اُنْظُرْ بْن، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ أَيْ كُلَّهَا فَإِنْ بَاعَ بَعْضَهَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ شُفْعَةٌ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ لَهُ الْكَامِلُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ؟ ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، فَقَوْلُهُ الْآتِي، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ أَيْ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ لَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ كَثَلَاثَةِ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، ثُمَّ بَاعَ الثَّانِي النِّصْفَ مِنْ نَصِيبِهِ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُشَفَّعُ هَذَا الثَّانِي فِيمَا بَاعَهُ الْأَوَّلُ بِقَدْرِ مَا بَاعَ وَمَا بَقِيَ لَهُ، أَوْ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ فَقَطْ.

وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُشَفَّعُ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ وَجْهٌ لِلْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ بِبَيْعِ حِصَّتِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذُكِرَ فِي الْبَيَانِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا تَسْقُطُ إذَا بَاعَ عَالِمًا بِبَيْعِ شَرِيكِهِ فَإِنْ بَاعَ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِهِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَالَ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ، أَوْ سَكَتَ) أَيْ عَنْ الْقِيَامِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ لِإِصْلَاحٍ فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُ الْعَقَارَ عَلَى مَالِكِهِ إذَا سَكَتَ مُدَّتَهَا إلَّا الْهَدْمُ، وَالْبِنَاءُ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ) أَيْ بِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ) ، بَلْ يَقُولُ إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ، بَلْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَلَمَّا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى كِتَابَةِ الشَّهَادَةِ اُحْتِيجَ لِلتَّأْوِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ) سَوَاءٌ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِحُضُورِهِ) أَيْ فِي الْبَلَدِ سَاكِتًا عَنْ الْقِيَامِ بِشُفْعَتِهِ وَقَوْلُهُ سَنَةً أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>