أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَارِثِ إذَا بَاعَ وَارِثٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
(ثُمَّ) قُدِّمَ (الْوَارِثُ) بِفَرْضٍ، أَوْ عُصُوبَةٍ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَالْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةٌ، مُشَارِكٌ فِي السَّهْمِ، ثُمَّ وَارِثٌ وَلَوْ عَاصِبًا، ثُمَّ الْمُوصَى لَهُمْ، (ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ) ، فَإِذَا كَانَ الْعَقَارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ زَوْجَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَعَمَّيْنِ فَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْأُخْرَى بِنَصِيبِهَا فَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فَالشُّفْعَةُ لِلْأُخْتَيْنِ، وَالْعَمَّيْنِ سَوَاءٌ فَإِنْ أَسْقَطُوا فَلِلْمُوصَى لَهُمْ فَإِنْ أَسْقَطُوا فَلِلْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ الْمَرَاتِبُ خَمْسَةٌ: الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ، فَذُو الْفَرْضِ، فَالْغَاصِبُ، فَالْمُوصَى لَهُ، فَالْأَجْنَبِيُّ، فَإِذَا أَسْقَطَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِلْأُخْتَيْنِ فَإِنْ أَسْقَطَا فَلِلْعَمَّيْنِ فَإِنْ أَسْقَطَا فَلِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَسْقَطَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ.
(وَأَخَذَ) الشَّفِيعُ إذَا تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ (بِأَيِّ بَيْعٍ) شَاءَ (وَعُهْدَتُهُ) أَيْ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ أَيْ يَكْتُبُهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا لَمْ يَأْخُذْ إلَّا بِبَيْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا كَثُرَتْ الْبِيَاعَاتِ مَعَ حُضُورِهِ عَالِمًا فَالْأَخْذُ بِالْأَخِيرِ فَقَطْ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ وَلَوْ أَخَذَ بِبَيْعِ غَيْرِهِ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَعَشَرَةٍ، وَالثَّانِي كَخَمْسَةٍ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَدَفَعَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسَةِ الْأُخْرَى عَلَى بَائِعِهِ (وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْمَأْخُوذِ بِهِ وَمَعْنَى نَقْضِهِ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ، أَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ أُخِذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ كُلُّهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (غَلَّتُهُ) إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِهَا، وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ (وَفِي) جَوَازِ (فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ أَيْ إكْرَاءِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَتْ وَجِيبَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَيِّتِ الْأَعْلَى كَأَخَوَاتِ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَارِثِ إذَا بَاعَ وَارِثٌ) أَيْ، بَلْ مَتَى بَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ بَاقِيَهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَلَا دُخُولَ لِلْمُوصَى لَهُمْ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْعَصَبَةِ مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ.
(قَوْلُهُ أَيْ دَرْكُ الْمَبِيعِ) أَيْ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ إذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ، أَوْ حَصَلَ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ (قَوْلُهُ أَيْ يَكْتُبُهَا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ وَكَتَبَ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتُبُ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ الشِّقْصِ إذَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ مِنْ فُلَانٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِي وَثِيقَةِ الشِّرَاءِ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ الشِّقْصَ الْكَائِنَ فِي مَحَلِّ كَذَا، وَمِنْ لَوَازِمِ الشِّرَاءِ مِنْهُ ضَمَانُهُ لِلثَّمَنِ إذَا اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ، أَوْ عَلِمَ وَلَكِنْ كَانَ غَائِبًا، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَكَتَبَ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ إذَا تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهَا أَوْ عَلِمَ، وَهُوَ غَائِبٌ.
وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِهَا وَكَانَ حَاضِرًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِشِرَاءِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِشَرِكَةِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ فَإِنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِشَرِكَتِهِ فَلِذَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِتَجَدُّدِ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ) أَيْ وَصَارَ شَرِيكًا لِلثَّانِي (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ) أَيْ وَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ وَقَوْلُهُ وَيَدْفَعُ إلَخْ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ) أَيْ ثَمَنُ الْبَيْعِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ وَثَمَنُ مَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ أَخَذَ بِالثَّانِي دَفَعَ الْخَمْسَةَ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ خَمْسَةً، وَالثَّانِي عَشَرَةً أَيْ، وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَيَرْجِعُ الثَّانِي بِالْخَمْسَةِ الْأُخْرَى عَلَى بَائِعِهِ فَيُكْمِلُ لَهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا.
وَأَمَّا إنْ أَخَذَ بِالثَّانِي دَفَعَ الْعَشَرَةَ لِلثَّانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَائِعُهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ كَانَ شِرَاؤُهُ مَنْقُوضًا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ الْبِيَاعَاتِ لِإِجَازَةِ الشَّفِيعِ لَهُ بِإِجَازَةِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا تَدَاوَلَ الشَّيْءَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَمْلَاكَ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا صَحَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَنَقَضَ مَا قَبْلَهُ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا أَخَذَ ثَمَنَهُ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحِقِّ فَمَضَى مَا انْبَنَى عَلَى مَا أَجَازَهُ.
وَأَمَّا الشَّفِيعُ فَإِذَا اعْتَبَرَ بَيْعًا وَعَوَّلَ عَلَيْهِ أَخَذَ نَفْسَ الشِّقْصِ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ) أَيْ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نُقِضَ الْجَمِيعُ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْوَسَطِ صَحَّ مَا قَبْلَهُ وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ غَلَّتُهُ) أَيْ غَلَّةُ الشِّقْصِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ بِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا، وَأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِعَدَمِ أَخْذِهِ فَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ دَارًا مَثَلًا فَوَجَدَهَا مُكْتَرَاةً كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَنَقْضُ الْكِرَاءِ وَيَرْجِعُ الْمُكْتَرِي بِأُجْرَتِهِ عَلَى الْمُكْرِي وَلَهُ إمْضَاءُ الْكِرَاءِ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ إكْرَائِهِ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُشَاهَرَةً وَلَمْ يَنْتَقِدْ.