للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ لَا يَرَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تُسْقِطُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْغَائِبَ تَثْبُتُ لَهُ شُفْعَةٌ، وَإِنَّمَا قَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرِيكُ الْغَائِبِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي نَفَاذَهَا فَهَدَمَ وَبَنَى وَلِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَسْقَطَ) الشَّفِيعُ (لِكَذِبٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (فِي الثَّمَنِ) وَكَذَا فِي الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا، ثُمَّ (اُسْتُحِقَّ) مِنْهُ (نِصْفُهَا) بَعْدَ أَنْ هَدَمَ وَبَنَى، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ (وَحُطَّ) عَنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ (مَا حُطَّ) عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (لِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِي الشِّقْصِ (أَوْ لِهِبَةٍ) مِنْ الْبَائِعِ (إنْ حُطَّ) الْمَوْهُوبُ (عَادَةً، أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَطِّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ فَالثَّمَنُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ أَشْبَهَ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ وَفَاعِلُ أَشْبَهَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْبَاقِي الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَأَعَادَ اللَّامَ فِي لِهِبَةٍ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لِمَا بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا لَا يُحَطُّ مِثْلُهُ عَادَةً، أَوْ لَمْ يُشْبِهْ الْبَاقِيَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْءٌ.

(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ) الْمُعَيَّنُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى عَيْنِهِ وَلَوْ مِثْلِيًّا (أَوْ رُدَّ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ بِهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (رَجَعَ الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِقِيمَةِ شِقْصِهِ) لَا بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ) الْمُعَيَّنُ (مِثْلِيًّا) كَطَعَامٍ وَحُلِيٍّ (إلَّا النَّقْدَ) الْمَسْكُوكَ (فَمِثْلُهُ) فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ (وَلَمْ يُنْتَقَضْ) الْبَيْعُ (مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي) ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الشُّفْعَةِ (وَإِنْ وَقَعَ) الِاسْتِحْقَاقُ، أَوْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (بَطَلَتْ) الشُّفْعَةُ أَيْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَا يَرَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ حَنَفِيًّا (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِأَنَّ لِذَلِكَ الْغَائِبِ شُفْعَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَسَمَ لَمْ يَتَقَرَّرُ لَهُ شُفْعَةٌ إذَا قَدِمَ (قَوْلُهُ نَفَاذَهَا) أَيْ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ فَهَدَمَ وَبَنَى) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ الشَّفِيعُ لِكَذِبٍ) أَيْ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلشَّفِيعِ الْكَذِبُ، وَأَنَّ إسْقَاطَهُ لِشُفْعَتِهِ لِلْكَذِبِ لَا يُعْتَبَرُ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) أَيْ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ هَدَمَ وَبَنَى فَإِنَّ الشَّفِيعَ إذَا عَلِمَ بِكَذِبِهِ، وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا (قَوْلُهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ لِعَيْبٍ) أَيْ لِأَجْلِ عَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ فَإِذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ اضْطَلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَحَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ لِأَجْلِهِ عَشَرَةً فَإِنَّهَا تُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي تِسْعِينَ فَقَطْ (قَوْلُهُ، أَوْ لِهِبَةٍ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَطِيطَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنْ تَجْرِي الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا بِمِائَةٍ يَهَبُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ عَشَرَةً أَيْ يَحُطُّهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَشْبَهَ إلَخْ) أَيْ، أَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْحَطِّ لَكِنْ أَشْبَهَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ عَشَرَةً وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحَطِّهَا لَكِنَّ الْبَاقِيَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَاعَ الشِّقْصَ لِأَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ، كَانَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا مَسْكُوكًا، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لَرَجَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ) أَيْ فِي حَالِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، أَوْ رَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي) أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَقَضَ مَا بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، إذْ لَوْ كَانَ لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا لَرَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ الْمَرْدُودِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الشَّفِيعُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، أَوْ نَقَصَ عَنْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ طَرَأَ.

وَقِيلَ إنَّهُ يُنْتَقَضُ مَا بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمِثْلِ مَا دَفَعَهُ فِي قِيمَةِ الشِّقْصِ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَتَقَاصَّانِ (قَوْلُهُ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ) أَيْ بِتَمَامِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا سَلِيمًا، وَهُوَ قَدْ دَفَعَ لِبَائِعِهِ ثَمَنًا مَعِيبًا فَغَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَعِيبِ لَمْ يَمْضِ بَلْ رُدَّ لَهُ وَأُعْطِيَ قِيمَةُ الشِّقْصِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ رُجُوعٌ مِنْ الشَّفِيعِ؟ نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَاهُ إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ لِلْمُشْتَرِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ مِنْ دَفْعِ الشَّفِيعِ مِثْلَ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ) أَيْ لِلثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَهَا بَطَلَتْ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الثَّمَنِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ قَبْلَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>