للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالْوَصْفِ رَفْعًا لِلْجَهَالَةِ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ إنَّمَا هُوَ فِي الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ الْغَائِبَةِ غَيْبَةً غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ ذَاتِهَا أَوْ الْمُزْدَوَجِينَ إذَا ذَهَبَ إلَيْهَا، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ إذْ هُوَ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا فِي الْقَسْمِ وَهَذَا فِي جَوَازِ قَسْمِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهَا

وَلِجَوَازِ الْجَمْعِ شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْبِنَاءِ فِيهَا (وَرَغْبَةً) قَدْ تَكُونُ الْقِيمَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُتَّفِقَةً وَرَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ لِأَمْرٍ مَا مُخْتَلِفَةً فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ الشُّرَكَاءِ (وَتَقَارَبَتْ) أَيْ الدُّورُ أَوْ الْأَقْرِحَةُ أَيْ تَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا (كَالْمِيلِ) وَالْمِيلَيْنِ أَيْ يَكُونُ الْمِيلُ أَوْ الْمِيلَانِ جَامِعًا لِأَمْكِنَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ ضَمُّ بَعْضِهَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ لِبَعْضٍ فَإِنْ تَبَاعَدَتْ لَمْ يَجُزْ الضَّمُّ بَلْ تُفْرَدُ عَلَى حِدَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْجَمْعُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (إنْ دَعَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْجَمْعِ (أَحَدُهُمْ) لِيَجْتَمِعَ لَهُ حَظُّهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَلَوْ أَبَى الْبَاقُونَ فَيُجْبَرُ عَلَى الْجَمْعِ مَنْ أَبَاهُ (وَلَوْ) كَانَتْ (بَعْلًا) ، وَهُوَ مَا يُشْرَبُ زَرْعُهَا بِعُرُوقِهِ مِنْ رُطُوبَتِهَا كَاَلَّذِي يُزْرَعُ بِأَرْضِ النِّيلِ بِمِصْرَ (تَعَيَّبَ) ، وَهُوَ مَا يُسْقَى بِمَا يَجْرِي عَلَى وَجْهِهَا كَالْعَيْنِ وَالْأَنْهَارِ وَالْمَطَرِ وَإِنَّمَا جُمِعَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي جُزْءِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْعُشْرُ.

وَأَمَّا مَا يُسْقَى بِالْآلَاتِ فَلَا يُجْمَعُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَجُمِعَ دُورٌ قَوْلُهُ (إلَّا) دَارًا (مَعْرُوفَةً بِالسُّكْنَى) لِمُوَرِّثِهِمْ (فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا) لَا لِمَنْ أَرَادَ جَمْعَهَا مَعَ أُخْرَى إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ جُزْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا تَامًّا وَإِلَّا ضُمَّتْ لِغَيْرِهَا وَلَا تُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهَا كَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيدَ شَرَفٍ عَلَى غَيْرِهَا (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ) وَأَنَّهَا كَغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ دَعَا لِجَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَإِنْ كَانَ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ضَعْفَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي قَوْلِهِ جُمِعَ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ جَمْعُ دُورٍ أَوْ أَقْرِحَةٍ، هَذَا إذَا كَانَ جَمْعُهَا مُلْتَبِسًا بِرُؤْيَتِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِوَصْفٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالْوَصْفِ) أَيْ لِلسَّاحَةِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ فِيمَا يَنْقَسِمُ بِالْقُرْعَةِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا بِالْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا غَيْبَةً غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ ذَاتِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ أَزْيَدَ مِنْ كَمِيلٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ أَقْرَبِ الْغَيْبَةِ هُنَا (قَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ) أَيْ وَتَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا (قَوْلُهُ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا) أَيْ مَعَ الْحَاضِرِ الْقَسْمُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَمْعُ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ فِي الْقَسْمِ إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً كَالْمِيلِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ مُعَيَّنًا بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ فِي حَدِّ ذَاتِهَا) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَنْقَسِمُ بِالْقُرْعَةِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَكَانَ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِالْوَصْفِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ قِسْمَتِهِ بِالْقُرْعَةِ مِنْ كَوْنِ غَيْبَتِهِ غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْ تَغَيُّرِ ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ أَكْثَرَ مِنْ كَمِيلٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ كَمِيلٍ فَأَقَلَّ قُسِمَ بِالْقُرْعَةِ مَعَ ضَمِّهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ كَمِيلٍ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى حِدَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَمٍّ

(قَوْلُهُ وَلِجَوَازِ الْجَمْعِ) أَيْ جَمْعِ الدُّورِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَالْأَقْرِحَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فِي الرَّغْبَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّغْبَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسَاوِي الدَّارَيْنِ فِي الْقِيمَةِ اتِّفَاقُ الشُّرَكَاءِ فِي الرَّغْبَةِ فِيهِمَا فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ اتِّحَادُ الْقِيمَةِ وَاخْتِلَافُهَا تَابِعٌ لِاتِّحَادِ الرَّغْبَةِ وَاخْتِلَافِهَا، وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ وَهَذِهِ قَدْ تَخْتَلِفُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُتَّحِدَةً وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يَكْفِي عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ هَذَا الْقَيْدِ لِلدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَجْعَلْ الْمِيلَ حَدًّا لِلْقُرْبِ إلَّا فِي الْأَرْضِينَ وَالْحَوَائِطِ.

وَأَمَّا الدُّورُ فَقَالَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدُّورِ مَسَافَةُ الْيَوْمَيْنِ وَالْيَوْمِ لَمْ تُجْمَعْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ عَطْفُ هَذَا الشَّرْطِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَمَا يُقَالُ إنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِإِنْ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَمَا هُنَا مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْفَاعِلِ تَقُولُ إنْ جَاءَ زَيْدٌ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَمْرٌو كَانَ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ مَا يُشْرَبُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ أَرْضٌ يُشْرَبُ زَرْعُهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ السَّيْحِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُشْرَبُ وَيُسْقَى هُوَ الزَّرْعُ وَالْبَعْلُ وَالسَّيْحُ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَمْعِ الْبَعْلِ مَعَ السَّيْحِ فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ أَحَدُ طَرِيقَتَيْنِ مُرَجَّحَتَيْنِ وَالْأُخْرَى عَدَمُ جَمْعِهِمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ كَغَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيدَ شَرَفٍ) أَيْ بِسُكْنَى مُوَرِّثِهِمْ وَلِذَا قَيَّدَ ابْنُ حَبِيبٍ بِكَوْنِ الْمُوَرِّثِ لَهُ شَرَفٌ وَحُرْمَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ الْأَكْثَرُ.

وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ تَأْوِيلُ فَضْلٍ، وَلِابْنِ حَبِيبٍ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمُوَرِّثُ لَهُ فَضْلٌ وَحُرْمَةٌ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَأْوِيلًا ثَالِثًا وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَلْ الدَّارُ الْمَعْرُوفَةُ بِسُكْنَى الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا أَيْ فِي إجَابَةِ مَنْ طَلَبَ جَمْعَهَا مَعَ غَيْرِهَا ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ شَرِيفًا لَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>