(كَبَقْلٍ) لَا يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ بَلْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ مِنْهُ ثَمَنُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَا عَلَى جَذِّهِ وَكَانَ فِيهِ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ فَيَجُوزُ، رِبْعًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ وَدَخَلَا عَلَى جَذِّهِ جَازَ أَيْضًا عِنْدَ أَشْهَبَ وَرَجَحَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رِبَوِيًّا، فَمَدَارُ الْجَوَازِ عَلَى الدُّخُولِ عَلَى جَذِّهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ قَوْلَهُ (إلَّا الثَّمَرَ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي الشُّرُوطِ (وَالْعِنَبَ) فَيَجُوزُ قَسْمُ كُلٍّ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا يُمْكِنُ حَزْرُهُمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الثِّمَارِ لِتَغْطِيَةِ بَعْضِهِ بِالْوَرَقِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ) بِأَنْ احْتَاجَ هَذَا لِلْأَكْلِ، وَهَذَا لِلْبَيْعِ (وَإِنْ) كَانَ الِاخْتِلَافُ (بِكَثْرَةِ أَكْلٍ) وَقِلَّتِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَكْلُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ دُونَ الْآخَرِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَقَلَّ) الْمَقْسُومُ لَا إنْ كَثُرَ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ وَالْقَلِيلُ مَا يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ عُرْفًا، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (وَحَلَّ بَيْعُهُ) أَيْ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ (وَاتَّحَدَ) الْمَقْسُومُ (مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ) فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ بُسْرًا وَبَعْضُهُ رُطَبًا قُسِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ فَلَوْ صَارَ تَمْرًا يَابِسًا عَلَى أَصْلِهِ لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ بَلْ بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ حِينَئِذٍ انْتِقَالًا مِنْ الْيَقِينِ، وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْكَيْلِ إلَى الشَّكِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا تَمْرٍ) فَيُمْنَعُ. وَأَشَارَ لِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَقُسِمَ بِالْقُرْعَةِ) لَا بِالْمُرَاضَاةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَحْضٌ فَلَا تَجُوزُ فِي مَطْعُومٍ إلَّا بِالْقَبْضِ نَاجِزًا، السَّادِسُ: أَنْ يُقْسَمَ (بِالتَّحَرِّي) أَيْ فِي كَيْلِهِ لَا قِيمَتِهِ فَيُتَحَرَّى كَيْلُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يُتَحَرَّى قِيمَتُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ وَلَا أَنَّهُ يُتَحَرَّى وَزْنُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ فَالتَّحَرِّي الَّذِي هُوَ شَرْطٌ تَحَرٍّ خَاصٍّ بِالْكَيْلِ وَالْخَرْصُ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ تَحَرٍّ عَامٍّ شَامِلٍ لِلثَّلَاثَةِ فَلَا يَلْزَمُ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ.
وَلَوْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَيْلِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مُوهِمٌ، وَهَذَا فِي مَحَلِّ مِعْيَارِ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ الْوَزْنِ.
وَأَمَّا فِي بَلَدٍ مِعْيَارُهُمَا فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ كَمِصْرِ فَيُتَحَرَّى وَزْنُهُ قَالَهُ الْأَشْيَاخُ (كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ) تَشْبِيهٌ فِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا الْبَلَحَ الْكَبِيرَ، وَهُوَ الرَّامِخُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَبَقِيَّةُ الشُّرُوطِ مِنْ اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ وَأَنْ يُتَحَرَّى كَيْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَيُزَادُ هُنَا شَرْطٌ، وَهُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فَسَدَ.
(وَ) إذَا اقْتَسَمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْخَرْصِ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ بِخِلَافِ ثَمَرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْجَذِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ثَمَرُ غَيْرِ النَّخْلِ كَثَمَرِ النَّخْلِ كَمَا مَرَّ عَلَى الصَّوَابِ، فَالْأَوْلَى الْحَلُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَبَقْلٍ) أَيْ مِنْ كُرَّاثٍ وَسَلْقٍ وَكُزْبَرَةٍ وَبَصَلٍ وَجَزَر وَفُجْلٍ وَخَسٍّ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قِيلَ فِي الْبَقْلِ يُقَالُ فِي زَرْعِ الْبِرْسِيمِ.
وَحَاصِلُ مَا فِي الْبَقْلِ أَنْ تَقُولَ إذَا قُسِّمَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ فَالْمَنْعُ، بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا، قُسِمَ بِأَرْضِهِ أَوْ وَحْدَهُ، وَإِنْ قُسِمَ عَلَى الْجَذِّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ أَجْزَأَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ أَجَازَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا، قُسِمَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ لَا يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ لَا يُقْسَمُ عَلَى حَالَةِ كَوْنِهِ عَلَى أَصْلِهِ الَّتِي هِيَ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَتْ جَازَتْ الْقِسْمَةُ سَوَاءٌ دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ أَوْ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى سَوَاءٌ زَادَ عِيَالُ أَحَدِهِمَا عَلَى عِيَالِ الْآخَرِ أَوْ لَا، فَلَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَاطُ عَدَدِهِمَا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا.
وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِكَثْرَةِ أَكْلِ عِيَالِ أَحَدِهِمَا أَوْ قِلَّةِ أَكْلِ عِيَالِ الْآخَرِ، وَلَوْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَدَدًا كَمَا فِي بْن، خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ اشْتِرَاطِ اخْتِلَافِ عَدَدِهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِالْكَيْلِ بَعْدَ جَذِّهِ أَوْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ (قَوْلُهُ مَا يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ عُرْفًا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ عج إنَّ الْقِلَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ لَا مُطْلَقِ مُحَلَّلٍ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَلَّ بَيْعُهُ لَكِنْ عَلَى الْجَذِّ لَا عَلَى الْبَقَاءِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إذَا كَانَ الْقَسْمُ عَلَى الْبَقَاءِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ هُنَا فَالصَّغِيرُ، لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عَلَى الْبَقَاءِ لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَى كَوْنِ الْمُرَادِ وَحَلَّ بَيْعُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ يَعْنِي بِالِاحْمِرَارِ أَوْ الِاصْفِرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِثَمَرِ النَّخْلِ وَظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِنَبِ (قَوْلُهُ قُسِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ وَلَا يُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ بِالْخَرْصِ (قَوْلُهُ إلَى شَكٍّ) أَيْ، وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ (قَوْلُهُ بِالتَّحَرِّي) أَيْ فِي كَيْلِهِ أَيْ بِأَنْ يَتَحَرَّى كَيْلَ مَا عَلَى النَّخْلِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَكَيْلَ مَا عَلَى النَّخْلِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا تَسَاوَى الْكَيْلَانِ ضُرِبَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَتَحَرَّى إلَخْ (قَوْلُهُ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ) أَيْ تَحَرِّي الْكَيْلِ وَتَحَرِّي الْوَزْنِ وَتَحَرِّي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ شَرْطُ الشَّيْءِ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّحَرِّي، وَقَوْلُهُ فِي نَفْسِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ وَالْخَرْصُ هُوَ التَّحَرِّي (قَوْلُهُ مُوهِمٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ تَحَرِّي الْوَزْنِ أَوْ تَحَرِّي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ تَحَرِّي الْكَيْلِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ قَتْلُهُ وَلَا اتِّحَادُهُ مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الْبَلَحِ الرَّامِخِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَحَ إمَّا صَغِيرٌ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَثَمَرٌ وَزَرْعٌ إنْ لَمْ يَجُزْ فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute