للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَ) جَازَ (الرِّبْحُ) أَيْ جَعْلُهُ كُلِّهِ (لِأَحَدِهِمَا) رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ (أَوْ لِغَيْرِهِمَا) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاضًا حَقِيقَةً

(وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ (فِي) اشْتِرَاطِ (الرِّبْحِ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ بِأَنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ وَلَك رِبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْقَرْضِ انْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ إلَى الذِّمَّةِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ لَمْ يَنْفِهِ) الْعَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَسَكَتَ فَإِنْ نَفَاهُ بِأَنْ قَالَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ أَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْك لَمْ يَضْمَنْ (وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا) فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ لَك فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ لَكِنَّهُ مَعَ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا.

(وَ) جَازَ (شَرْطُهُ) أَيْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ) أَوْ هُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي) الْمَالِ (الْكَثِيرِ) مَجَّانًا وَالْمُشْتَرِطُ هُنَا الْعَامِلُ وَمَا تَقَدَّمَ رَبُّ الْمَالِ فَلَا تَكْرَارَ.

(وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (خَلْطُهُ) مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) كَانَ الْخَلْطُ (بِمَالِهِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لِأَحَدِ الْمَالَيْنِ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ وَكَانَ الْخَلْطُ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ أَوْ بَعْدَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا وَتَعَيَّنَ لِمَصْلَحَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (وَهُوَ) أَيْ الْخَلْطُ (الصَّوَابُ إنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا رُخْصًا) فَيَجِبُ إنْ كَانَ الْمَالَانِ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَمْ تَجِبْ لِمَانِعٍ لِكَوْنِهِ اشْتَرَطَ الزَّكَاةَ وَلَمْ تُوجَدْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةَ الرِّبْحِ إذَا اُشْتُرِطَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الرِّبْحِ لِمَانِعٍ فَإِنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ مِنْ الرِّبْحِ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِمُشْتَرِطِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْقِرَاضِ لِكَوْنِهِ اشْتَرَطَ الزَّكَاةَ وَلَمْ تُوجَدْ لَا زَكَاةَ حِصَّةِ الْمُشْتَرِطِ فَقَطْ كَمَا تَوَهَّمَ.

(قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَالِ وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ كُلُّهُ لِي أَوْ لَك أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ خَرَجَ) أَيْ وَحِينَ إذْ جَعَلَ الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاضًا إلَى كَوْنِهِ هِبَةً وَإِطْلَاقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ مَجَازٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ بِنَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسْلَمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يَكُونُ هِبَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهَا فَإِذَا اشْتَرَطَ الرِّبْحُ بِغَيْرِهِمَا وَكَانَ مُعَيَّنًا قُضِيَ لَهُ بِهِ إنْ قَبِلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِطِ كَمَا فِي جُزْءِ الزَّكَاةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ بْن وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَجَبَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنْ اشْتَرَطَ لِمَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ فَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ إنَّهُ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ كَالْفُقَرَاءِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إنَّهُ يُقْضَى بِهِ كَالْفَقِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ لِلْعَامِلِ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ رَبِّهِ أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ بِيَدِهِ فَكَانَ الرِّبْحُ هِبَةً مَقْبُوضَةً، وَإِنْ اشْتَرَطَ لِرَبِّهِ فَهَلْ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَامِلِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَائِزٌ لَهُ قَوْلَانِ

(قَوْلُهُ وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِي اشْتِرَاطِ الرِّبْحِ لِرَبِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ الْمَالِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِغَيْرِهِمَا اهـ.

شب (قَوْلُهُ انْتَقَلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ لِلذِّمَّةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْفَعْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْفِ الْعَامِلُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا) وَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ عَمَلًا بِمَا شَرَطَاهُ أَوْ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ قِرَاضًا فَاسِدًا اُنْظُرْهُ اهـ.

عبق (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَمَلِهِمَا مَعًا لِأَشْهَبَ وَقَوْلُهُ عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ) قِيلَ هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ لَا قَيْدٌ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وإنَّمَا هُوَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ اهـ.

بْن وَعَلَى اعْتِبَارِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ مُعْتَبَرَتَانِ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ بِجُزْءٍ لِلْغُلَامِ لَا لِسَيِّدِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ فَرْحُونٍ بِمَجَّانًا التَّابِعُ لَهُ الشَّارِحُ فِي التَّعْبِيرِ بِهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِجُزْءٍ لِرَبِّهِ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِ غُلَامِ رَبِّهِ مَعَ الْعَامِلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ لِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِجُزْءٍ لِرَبِّهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا أَوْ بِجُزْءٍ لِلْغُلَامِ وَيُشْتَرَطُ شَرْطٌ ثَانٍ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبُّ الْمَالِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْغُلَامُ عَيْنًا يَطَّلِعُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِهِ رَبَّهُ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَخَلَطَهُ) أَيْ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِمَالِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ وَالْمَخْلُوطُ بِهِ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ وَكَانَ الْخَلْطُ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا) قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَنَصَّ التَّوْضِيحُ عَلَى جَوَازِ خَلْطِهِ بِمِثْلِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ خَلْطِ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَرْطَيْنِ مِنْهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ الْخَلْطُ) أَيْ خَلْطُ مَالِ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ خَافَ) أَيْ الْعَامِلُ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الْبَيْعِ رُخْصًا فِي ثَمَنِ الثَّانِي أَيْ أَوْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الشِّرَاءِ غُلُوَّ الثَّمَنِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيَجِبُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مَعْنَى الصَّوَابِ الْوُجُوبَ لَا النَّدْبَ، وَهُوَ أَحَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>