فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ بَلْ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ إذْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ.
وَأَمَّا الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُمَا لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي فَالضَّمِيرُ فِي نَهَاهُ لِلْعَامِلِ لَا بِقَيْدِ الثَّانِي وَلَا شَكَّ فِي إجْمَالِ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(أَوْ جَنَى كُلٌّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ بَدَلَ أَوْ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْعَطْفِ أَيْ وَلَوْ جَنَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى بَعْضِ مَالِ الْقِرَاضِ (أَوْ أَخَذَ) أَحَدُهُمَا (شَيْئًا) مِنْهُ قَرْضًا (فَكَأَجْنَبِيٍّ) فَيُتْبَعُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ بِالرِّبْحِ وَرَأْسُ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ الْجِنَايَةِ وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ رَبَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْجَانِي فَقَدْ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا رِبْحَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الْأَخْذِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ
(وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ الْعَامِلِ (مِنْ رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَعْلِ رَأْسِ الْمَالِ عَرَضًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ رَجَعَ إلَى رَبِّهِ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ.
وَأَمَّا اشْتِرَاؤُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ (أَوْ) اشْتِرَاؤُهُ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ (بِنَسِيئَةٍ) أَيْ دَيْنٍ فَيُمْنَعُ (وَإِنْ أَذِنَ) رَبُّهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لَهُ وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ إذْ لَا رِبْحَ لِمَنْ لَا يَضْمَنُ (أَوْ) اشْتِرَاؤُهُ لِلْقِرَاضِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ مَالِهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى ذِكْرِ انْحِلَالِ الْعَقْدِ فِي الْحَلِّ السَّابِقِ إذْ الْعَقْدُ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ إذْ عُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الثَّانِي) أَيْ بَلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَامِلٌ
(قَوْلُهُ أَوْ جَنَى كُلٌّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَامِلَ وَرَبَّ الْمَالِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ قَرْضًا فَإِنَّ حُكْمَهُ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ الْجِنَايَةِ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ لِذَلِكَ الْبَاقِي.
وَأَمَّا مَا ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِالْأَخْذِ قَرْضًا فَيُتْبَعُ بِهِ الْجَانِي أَوْ الْآخِذُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ الْآخِذُ أَوْ الْجَانِي هُوَ الْعَامِلُ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْآخِذُ أَوْ الْجَانِي رَبَّ الْمَالِ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَارَضَ بِمَا بَقِيَ فَيَكُونُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ خَاصَّةً وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَدْخُولَ أَوْ عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَيْنِ قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُمَا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي هَذَيْنِ لِإِخْرَاجِهِمَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُمَا مِمَّا الرِّبْحُ فِيهِ لَهُمَا مَعَ أَنَّ الرِّبْحَ فِي هَذَيْنِ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ فَيُتْبَعُ) أَيْ الْآخِذُ وَالْجَانِي بِمَا أَخَذَهُ وَمَا أَتْلَفَهُ بِجِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَجِنَايَةِ الْعَامِلِ أَوْ أَخْذِهِ بَعْضَهُ قَرْضًا (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ قَرْضًا أَوْ التَّالِفُ بِالْجِنَايَةِ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَجْبُرُ الْخُسْرَ وَالتَّلَفَ.
وَأَمَّا الْجِنَايَةُ وَالْأَخْذُ مِنْهُ قَرْضًا فَلَا يُجْبَرَانِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ يُتْبَعُ بِمَا جَنَى عَلَيْهِ وَالْآخِذُ قَرْضًا يُتْبَعُ بِمَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ إنَّمَا هُوَ لِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُعْقَلُ رِبْحٌ لِلْمَأْخُوذِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّكْ (قَوْلُهُ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْبَاقِيَ رَأْسُ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الْأَخْذِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ فِي كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ بِالرِّبْحِ، وَيُتْبَعُ الْآخِذُ بِمَا أَخَذَهُ وَالْجَانِي بِمَا جَنَى عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ طفى.
وَأَمَّا قَوْلُ خش وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ يَكُونُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُ إذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقْتَسِمَانِ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَا يَجْبُرُ رَأْسَ الْمَالِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ وَالْآخِذَ يُتْبَعُ بِمَا أَخَذَهُ وَبِمَا جَنَى عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ) أَيْ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مِنْهُ سِلَعًا لِنَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْكَرَاهَةُ) أَيْ لِئَلَّا يُتَحَيَّلَ عَلَى الْقِرَاضِ بِعَرْضٍ لِرُجُوعِ رَأْسِ الْمَالِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَاؤُهُ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ بِنَسِيئَةٍ) إنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ لِأَكْلِ رَبِّ الْمَالِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِالنَّسِيئَةِ لِنَفْسِهِ لَجَازَ لِلْخُلُوصِ مِنْ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ إنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ غَيْرَ مُدِيرٍ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ فَلَهُ الشِّرَاءُ لِلْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ يَفِي مَالَ الْقِرَاضِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ رَبُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ وَإِلَّا جَازَ وَلَا يُقَالُ إنَّ إتْلَافَ الْمَالِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ الْمَمْنُوعِ أَنْ يَرْمِيَهُ فِي بَحْرٍ أَوْ نَارٍ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ الْعَامِلُ وَاشْتَرَى بِنَسِيئَةٍ ضَمِنَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مَا اشْتَرَاهُ بِالنَّسِيئَةِ وَكَانَ لَهُ رِبْحُهُ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا إذَا نَقَدَ وَأَكَلَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ شَرِيكًا) أَيْ إذَا لَمْ يَرْضَ رَبُّ الْمَالِ بِمَا فَعَلَهُ أَمَّا لَوْ رَضِيَ بِهِ دَفَعَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ وَعَدَدَ الْحَالِّ وَصَارَ الْكُلُّ رَأْسَ الْمَالِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ مَا زَادَ أَيْ إذَا كَانَ