للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالًا قِرَاضًا (فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ) أَيْ يُنِضُّ الرِّبْحُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِمْ عَلَى الْعَمَلِ كَشُرَكَاءِ الْأَبَدَانِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ وَيَخْتَلِفَا فِي الرِّبْحِ وَبِالْعَكْسِ (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ أَيْ جَازَ لَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ بِشُرُوطٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ سَافَرَ) أَيْ شَرَعَ فِي السَّفَر أَوْ احْتَاجَ لِمَا يَشْرَعُ بِهِ فِيهِ لِتَنْمِيَةِ الْمَال وَلَوْ دُون مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَمَسْكَنٍ وَحَمَّامٍ وَحِجَامَةٍ وَغُسْلٍ وَثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى يَعُودَ لِوَطَنِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْحَضَرِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنْ بَنِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحَاضِرِ فَإِنْ بَنِي بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَاحْتَمَلَ الْمَالَ) الْإِنْفَاقَ بِأَنْ يَكُونَ كَثِيرًا عُرْفًا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْيَسِيرِ كَالْأَرْبَعِينَ، وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (لِغَيْرِ أَهْلِ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ) فَإِنْ سَافَرَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا لَا الْأَقَارِبُ فَهُمْ كَالْأَجَانِبِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالسَّفَرِ لَهُمْ صِلَةَ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَالْحَجِّ، ثُمَّ إنْ سَافَرَ لِقُرْبَةِ كَالْحَجِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ حَتَّى فِي رُجُوعِهِ بِخِلَافِ مِنْ سَافَرَ لِأَهْلِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ لَهُ بِهَا أَهْلٌ (بِالْمَعْرُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْفَقَ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ مَا يُنَاسِبُ (فِي الْمَالِ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْإِنْفَاقِ بِالْمَعْرُوفِ كَائِنًا فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَذَا لَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ بِالزَّائِدِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلْمَالِ آفَةٌ

(وَاسْتَخْدَمَ) الْعَامِلُ أَيْ اتَّخَذَ لَهُ خَادِمًا مِنْ الْمَالِ فِي حَالِ سَفَرِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ كَانَ أَهْلًا لَأَنْ يُخْدَمَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَبُو الْحَسَنِ بِالثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا تَلْزَمُهُ وَكَلَامُ الطَّنْجِيِّ فِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ يَقْتَضِي عَدَمَ ارْتِضَاءِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إبْقَاءُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ

(قَوْلُهُ مَالًا قِرَاضًا) أَيْ وَجُعِلَ لَهُمَا نِصْفُ الرِّبْحِ فَالرِّبْحُ الَّذِي لَهُمَا يُفَضُّ عَلَيْهِمَا عَلَى حَسَبِ عَمَلِهِمَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْعَمَلِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ اثْنَانِ مَالًا وَاحِدًا وَجُعِلَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ الرِّبْحِ وَلِلْآخِرِ ثُلُثُهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ قَدْرَ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً (قَوْلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ) فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَضَعَ الْمَالَ عِنْدَهُ فَإِنْ وَضَعَهُ رَبُّهُ عِنْدَهُمَا رُدَّ أَمْرُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا.

(قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ إنْ سَافَرَ) أَيْ فِي زَمَنِ سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ وَفِي حَالِ رُجُوعِهِ حَتَّى يَصِلَ لِوَطَنِهِ (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ مِنْ طَعَامٍ) مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْفَقَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ) أَيْ الْعَمَلُ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا) كَمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا فَعَطَّلَهَا لِأَجْلِ عَمَلِ الْقِرَاضِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ) أَيْ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الدُّخُولُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا، قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ إنْ تَزَوَّجَ فِي بَلَدٍ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ بَلَدَهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ لَيْسَتْ مِثْلَهُ فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَنَى سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعُودُ لَهُ النَّفَقَةُ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لِلزَّوْجَةِ، كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ تَبَعًا، لشب (قَوْلُهُ فَإِنْ بَنَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ كَمَا لَوْ سَافَرَ بِهَا فَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْيَسِيرِ) فَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْعَامِلِ مَالَانِ يَسِيرَانِ لِرَجُلَيْنِ وَيَحْمِلَانِ بِاجْتِمَاعِهِمَا النَّفَقَةَ وَلَا يَحْمِلَانِهَا عِنْدَ انْفِرَادِهِمَا فَرَوَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ وَالْقِيَاسُ سُقُوطُهَا لِحُجَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ اهـ.

، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ أَجِدْهَا فِي النَّوَادِرِ، وَهِيَ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ جَنَى جِنَايَةً عَلَى رَجُلَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا تَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَفِي مَجْمُوعِهِمَا مَا يَبْلُغُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَهْلٍ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي حَالِ ذَهَابِهِ وَلَا فِي حَالِ إقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا مُطْلَقًا.

وَأَمَّا فِي حَالِ رُجُوعِهِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ قُرْبَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا لَيْسَ بِهَا قُرْبَةٌ.

وَأَمَّا إنْ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ أَهْلٍ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهَا أَهْلٌ فَلَهُ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ سَفَرَ الْقُرْبَةِ وَالرُّجُوعَ مِنْهُ لِلَّهِ وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ (قَوْلُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا) أَيْ قَدِيمًا.

وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمَةُ فَقَدْ بَنَى بِهَا حَالَ سَفَرِهِ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ كَالْأَجَانِبِ) يَعْنِي وُجُودَهُمْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ) فَلَوْ أَنْفَقَ سَرَفًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن

<<  <  ج: ص:  >  >>