وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ مَاتَ) الْعَامِلُ قَبْلَ النُّضُوضِ (فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ) لَا غَيْرِهِ (أَنْ يُكْمِلَهُ) عَلَى حُكْمِ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْوَارِثُ أَمِينًا (أَتَى) أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ (بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ) فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ (وَإِلَّا) يَأْتِ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ (سَلَّمُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الْمَالَ لِرَبِّهِ (هَدَرًا) أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ رِبْحٍ أَوْ أُجْرَةٍ (وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ رَضِيَهُ أَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فِي الْوَاقِعِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ (وَ) فِي دَعْوَى (خُسْرِهِ) بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ.
(وَ) فِي دَعْوَى (رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ) (إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ) مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ اتِّفَاقًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى هُنَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَوْ قُبِضَ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَكَمَا لَوْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَذَا إنْ أَشْهَدَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ، وَأَمَّا الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ وَشُهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ وَالْقَبْضِ مَعًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَهَا فِي الرَّدِّ (أَوْ)
(قَالَ) الْعَامِلُ هُوَ (قِرَاضٌ) بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ. (وَ) قَالَ (رَبُّهُ) هُوَ (بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ) فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ وَأَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ فِي قِرَاضٍ وَمِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ قِرَاضًا وَأَنْ يَزِيدَ جُزْءُ الرِّبْحِ عَلَى أُجْرَةِ الْبِضَاعَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قَالَ الْعَامِلُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَقَالَ رَبُّهُ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَوْ قَالَ قِرَاضٌ وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِلَا أَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ كِفَايَةَ وَاحِدٍ عَارِفٍ يَرْضَيَانِهِ (قَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكْمِلَهُ) أَيْ وَلَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْقِرَاضِ بِمَوْتِ الْعَامِلِ كَالْجُعَلِ وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَهُمَا ضَرَرُ الْوَرَثَةِ فِي الْفَسْخِ وَضَرَرُ رَبِّهِ فِي إبْقَائِهِ عِنْدَهُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَرَرَ الْوَرَثَةِ بِالْفَسْخِ أَشَدُّ لِضَيَاعِ حَقِّهِمْ فِي عَمَلِ مُوَرِّثِهِمْ وَقَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَيْ وَلَوْ كَانَ دُونَ أَمَانَةٍ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ (قَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُوَرِّثُهُ غَيْرَ أَمِينٍ لِرِضَا رَبِّ الْمَالِ بِهِ (قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ) أَيْ بِخِلَافِ أَمَانَةِ الْوَارِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاتُهَا لِأَمَانَةِ الْمُوَرِّثِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْوَارِثِ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الْأَمَانَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلَ الْأَمَانَةِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَأْتِ) أَيْ وَارِثُ الْعَامِلِ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَارِثَ غَيْرُ أَمِينٍ (قَوْلُهُ هَدَرًا) أَيْ تَسْلِيمًا هَدَرًا؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقِرَاضِ كَالْجُعَلِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ) وَكَذَا الْقَوْلُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمَالِ الْقِرَاضِ إلَى الْآنَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ح قَالَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا اهـ.
بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْعَامِلِ فِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ يَجْرِي فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ أَيْ بِيَمِينٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَحْلِيفِهِ وَعَدَمِهِ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيْمَانِ التُّهْمَةِ وَفِيهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: قِيلَ تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ تَتَوَجَّهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ) بِأَنَّ سَأَلَ تُجَّارَ بَلَدِ تِلْكَ السِّلَعِ هَلْ خَسِرَتْ فِي زَمَانِ كَذَا أَوْ لَا فَأَجَابُوا بِعَدَمِ الْخَسَارَةِ (قَوْلُهُ وَرَدِّهِ إلَى رَبِّهِ إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَجَمِيعِ الرِّبْحِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ مُقِرًّا بِبَقَاءِ رِبْحِ جَمِيعِهِ بِيَدِهِ أَوْ بِبَقَاءِ رِبْحِ الْعَامِلِ فَقَطْ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقُبِلَ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِهِ مَعَ رَدِّ حَظِّ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ.
وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ جَمِيعِ الرِّبْحِ بِيَدِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرُهَا عَدَمُ الْقَبُولِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِالْقَبُولِ فِيهِمَا وَالْقَابِسِيُّ يَقُولُ بِالْقَبُولِ فِي وَاحِدَةٍ وَبِعَدَمِهِ فِي وَاحِدَةٍ وَذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَشَى ابْنُ الْمُنِيرِ فِي نَظْمِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا لِلْقَابِسِيِّ.
(قَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ قَبَضَ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَشْهَدَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَشْهَدَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ لَا لِخَوْفِ جُحُودِهِ بَلْ لِخَوْفِ إنْكَارِ وَارِثِهِ إذَا مَاتَ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي يُشْهِدُهَا رَبُّ الْمَالِ خَوْفًا مِنْ دَعْوَى الْعَامِلِ الرَّدَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ أَشْهَدَهَا خَوْفًا مِنْ دَعْوَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْرِيحُهُ لِلْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَشُهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ) أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْقَبْضِ مِنْ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ كَمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ وَنَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَحَلَفَ رَبُّهُ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الْبِضَاعَةِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَكَانَ مِثْلُ الْعَامِلِ يَشْتَرِي الْبِضَاعَةَ لِلنَّاسِ بِأَجْرٍ وَكَانَ مِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ بِضَاعَةً وَأَنْ تَزِيدَ أُجْرَةُ الْبِضَاعَةِ عَلَى جُزْءِ الرِّبْحِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ يَرْجِعُ لِلِاخْتِلَافِ