للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ كَمَا لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ عَقَدْنَا عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَمِائَةٍ تَخُصُّنِي وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَفِي عَكْسِهِ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ

(وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ مَاتَ (وَقِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ جِهَتَهُ (كَقِرَاضٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ (أُخِذَ) مِنْ مَالِهِ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ رَدَّهُ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ خَسِرَ فِيهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُوَرِّثِهِمْ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ قُبِلَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مُوَرِّثِهِمْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الرَّدَّ وَمِنْهُمْ تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ (وَحَاصَّ) رَبُّ الْقِرَاضِ وَنَحْوُهُ (غُرَمَاءَهُ) فِي الْمَالِ الْمُخَلِّفِ عَنْهُ (وَتَعَيَّنَ) الْقِرَاضُ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ وَالْبِضَاعَةُ (بِوَصِيَّةٍ) إنْ أَفْرَزَهُ وَشَخَّصَهُ بِهَا كَهَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ (وَقُدِّمَ صَاحِبُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْقِرَاضِ وَنَحْوَهُ الْمُعَيَّنُ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّابِتُ دَيْنُهُمْ (فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ) وَسَوَاءٌ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَقَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الثَّابِتُ أَيْ قُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ يَحْرُمُ (لِعَامِلٍ) فِي مَالِ الْقِرَاضِ (هِبَةٌ) لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِكَثِيرٍ وَلَوْ لِلِاسْتِئْلَافِ.

(وَ) لَا (تَوْلِيَةٌ) لِسِلْعَةٍ مِنْ الْقِرَاضِ بِأَنْ يُوَلِّيَهَا لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى، وَهَذَا مَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ وَإِلَّا جَازَ (وَوُسِّعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ رُخِّصَ فِي الشَّرْعِ لِلْعَامِلِ وَيُحْتَمَلُ الْبِنَاءُ لِلْفَاعِلِ وَالْمُرَخِّصُ، وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَنْ يَأْتِيَ) الْعَامِلُ (بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي غَيْرُهُ بِطَعَامٍ يَشْتَرِكُونَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ) أَيْ فَسَادُ الْقِرَاضِ فِي عُرْفِ بَلَدِهِمْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ إنْ غَلَبَ وَاسْتَظْهَرَهُ بْن (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَرَبَّ الْمَالِ مُدَّعِي الْفَسَادِ

(قَوْلُهُ وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ أَوْ أُسِرَ وَفُقِدَ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ (قَوْلُهُ وَقِبَلُهُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ كَقِرَاضٍ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ وَجِهَتُهُ مِثْلُ قِرَاضٍ أَيْ قِرَاضٌ وَمَا مَاثَلَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ مَيِّتٍ (قَوْلُهُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ رَبِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَلَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعَامِلَ أَنْفَقَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ بِتَفْرِيطِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُ أَخَذَهُ ظَالِمٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ: قُبِلَ مِنْهُمْ) أَيْ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ وَالْمُحَاصَّةِ حَيْثُ لَمْ يُوصِ، وَلَمْ يُطِلْ الْأَمْرَ فَإِنْ أَوْصَى الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بَلْ إنْ وَجَدَهَا أَخَذَهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ إيصَائِهِ بِهَا أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَمِنْ الْوَصِيَّةِ بِهَا أَنْ يَقُولَ وَضَعْتهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ كَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ رَبِّهِ لِوَقْتِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُ لِرَبِّهِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى رَبِّهِ أَنَّهُ بَاقٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَرَبِّ الْبِضَاعَةِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ إنْ أَفْرَزَهُ بِهَا) أَيْ إنْ عَيَّنَهُ بِالْوَصِيَّةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُفْرَزُ وَكَانَ الْمَيِّتُ الَّذِي عَيَّنَهُ غَيْرَ مُفْلِسٍ مُطْلَقًا كَانَ تَعْيِينُهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقُدِّمَ إلَخْ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ مُفْلِسًا قَبْلَ تَعْيِينِهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ سَوَاءٌ عُيِّنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ لَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ.

وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الَّذِي عَيَّنَهُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ بِخِلَافِ مَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يُفْرِزْهُ فَإِنَّهُ إنْ وَجَدَهُ رَبُّهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا حَاصَصَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ اهـ.

وَفِي عج لَوْ أَقَرَّ الْعَامِلُ بِكِرَاءِ حَانُوتٍ أَوْ أُجْرَةِ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ بِبَقِيَّةِ ثَمَنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ مَالُ الْقِرَاضِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ لَا بَعْدَهَا فَفِي جُزْئِهِ مَا عَلَيْهِ فَقَطْ.

وَسُئِلَ عج عَنْ عَامِلِ قِرَاضٍ أَرْسَلَ سِلْعَةً لِأَبِيهِ فَأَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَأُسِرَ الْعَامِلُ فَجَاءَ مِنْهُ كِتَابٌ بِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ عِنْدَهُ وَأَنَّ السِّلَعَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَامِلَ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يُنْظَرُ لِلتُّهْمَةِ وَإِقْرَارُ أَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ لَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمْ أَفْرَزَهُ) أَيْ وَإِلَّا حَاصَّ الْغُرَمَاءَ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَشَخَّصَهُ بِهَا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ الْمُعَيَّنُ لَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَعْيِينُ الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ ثَبَتَ أَصْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ كَمَا قَالَ طفى تَقْدِيرُهُ الثَّابِتُ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: الظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُ بِوَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَحْرُمُ) حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ لِحَمْلِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ نَاجِيٍّ لَفْظَهَا عَلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ بِكَثِيرٍ) أَيْ.

وَأَمَّا هِبَةُ الْقَلِيلِ كَدَفْعِ لُقْمَةٍ لِسَائِلٍ وَنَحْوِهَا فَجَائِزٌ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ لِلثَّوَابِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ جَاز لِلْأَوَّلِ هِبَةُ الْكَثِيرِ لِلِاسْتِئْنَافِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ الْعَامِلَ رَجَعَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ مَرْجُوحٌ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرِيكُ أَقْوَى مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَوْلِيَةٌ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ بِالرِّبْحِ فِيهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>