للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ نُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ فَهِيَ كَالْجُزَافِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا عَلَى أَنْ يَطْحَنَ لَهُ قَدْرًا مِنْ الْحَبِّ فَيَجُوزُ (وَجُزْءِ ثَوْبٍ) جُعِلَ أُجْرَةً (لِنَسَّاجٍ) يَنْسِجُ ذَلِكَ الثَّوْبَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ الْجُلُودُ عَلَى دَبْغِهَا بِجُزْءٍ مِنْهَا لِجَهْلِ صِفَةِ خُرُوجِهِ فَإِنْ وَقَعَ فَالثَّوْبُ لِرَبِّهِ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (أَوْ رَضِيعٍ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ جُزْؤُهُ كَرُبُعِهِ أَجْرًا لِمَنْ يُرْضِعُهُ عَلَى أَنْ يَمْلِكَهُ بَعْدَ الرَّضَاعِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ يَمْلِكُهُ (مِنْ الْآنَ) ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ قَدْ يَتَغَيَّرُ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ رَضَاعُهُ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ خَلَفُهُ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهَا كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمِلَةِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا كَمَا هُنَا. (وَ) فَسَدَتْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ (بِمَا سَقَطَ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهُ كَثُلُثٍ (أَوْ) بِجُزْءٍ مِمَّا (خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ (أَوْ عَصْرِهِ) رَاجِعٌ لِلثَّانِي لِلْجَهْلِ بِالْكَمِّ وَالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ الشَّجَرِ مَا هُوَ قَاصِرٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ.

(وَكَاحْصُدْ وَادْرُسْ) هَذَا الزَّرْعَ (وَلَك نِصْفُهُ) وَكَذَا اُدْرُسْهُ، وَلَك نِصْفُهُ فَفَاسِدَةٌ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَأَمَّا اُحْصُدْهُ فَقَطْ، وَلَك نِصْفُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْإِجَارَةُ عَلَى السَّلْخِ بِالْجِلْدِ فِيهَا غَرَرٌ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ نُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ) أَيْ أَوْ نُخَالَةٍ أُجْرَةً لِطَحَّانٍ أَجِيرٍ عَلَى طَحْنِ حَبٍّ كَأَنْ تَسْتَأْجِرَ شَخْصًا يَطْحَنُ لَك حَبًّا بِنُخَالَتِهِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِ الرِّيفِ مِنْ دَفْعِ الزَّرْعِ لِمَنْ يَدْرُسُهُ بِنَوْرَجِهِ وَبَهَائِمِهِ وَيَأْخُذُ تِبْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ دَرْسِهِ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ اُدْرُسْهُ، وَلَك حِمْلَانِ تِبْنًا مِنْ تِبْنِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ تِبْنِهِ جَازَ ذَلِكَ، كَذَا كَتَبَ ابْن عبق (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ النُّخَالَةِ كَ اطْحَنْ لِي هَذَا الْحَبَّ، وَلَك صَاعٌ مِنْ النُّخَالَةِ سَوَاءٌ قَالَ مِنْ نُخَالَتِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَجُزْءِ ثَوْبٍ) كَمَا لَوْ آجَرَهُ عَلَى نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا وَأَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ آجَرْته عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا نِعَالًا أَوْ نَسْجِ ثَوْبٍ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا إذَا فَرَغَ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ: فَالثَّوْبُ لِرَبِّهِ) أَيْ كَذَلِكَ الْجِلْدُ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الثَّوْبُ أَوْ الْجِلْدُ لَمْ تَفُتْ بِيَدِ الصَّانِعِ فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الصَّانِعِ بَعْدَ الدَّبْغِ أَوْ النَّسْجِ بِبَيْعٍ أَوْ تَلَفٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ لَزِمَ صَاحِبَ الْجِلْدِ أَوْ الْغَزْلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ جَمِيعِ الْجِلْدِ وَنَسْجِ كُلِّ الْغَزْلِ لِلصَّانِعِ وَيَغْرَمُ الصَّانِعُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْ الْجِلْدِ قِيمَةَ النِّصْفِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ فِيهِ فَاسِدًا، وَقَدْ فَاتَ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مِلْكٌ لِرَبِّهِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ النِّصْفَ فِي الْغَزْلِ أَوْ فِي الْجِلْدِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْبُغَهَا أَوْ يَنْسُجَهَا مُجْتَمِعَةً فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ، وَمَنَعَهُ مِنْ أَخْذِ مَا جَعَلَهُ لَهُ إلَّا بَعْدَ الدَّبْغِ أَوْ النَّسْجِ فَإِنْ أَفَاتَهَا بِالشُّرُوعِ فِي الدِّبَاغِ أَوْ النَّسْجِ فَعَلَى الصَّانِعِ قِيمَةُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ أُجْرَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَلِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِيهِ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لَهُ النِّصْفَ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ بِلَا حَجْرٍ عَلَيْهِ فِي دَبْغِهِ أَوْ نَسْجِهِ مَعَ نِصْفِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ خَلَفُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ رَبَّهُ خَلَفُهُ (قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهَا) أَيْ فَيَصِيرُ نَقْدُ الْأُجْرَةِ، وَهُوَ الْجُزْءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي جَعَلَ فِيهَا الْجُزْءَ مِنْ الْآنِ وَقَوْلُهُ: كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمِلَةِ أَيْ لِلسَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَيْ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ إذَا كَانَ الْمَنْقُودُ مِثْلِيًّا كَالدِّينَارِ وَلِلْغَرَرِ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا كَمَا هُنَا إذْ لَا يُدْرَى مَا الَّذِي يَأْخُذُهُ الْأَجِيرُ، إذْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الرَّضِيعَ يَسْلَمُ فَيَأْخُذُ نِصْفَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَهْلِكَ فَيَأْخُذَ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي رَضَعَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَظَهَرَ لَك مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَيَصِيرُ إلَخْ بَيَانٌ لِوَجْهِ الْمَنْعِ فِيمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ، وَأَمَّا عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الرَّضِيعُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ مَلَّكَ الْأَجِيرَ رَبُّهُ نِصْفَهُ مِنْ الْآنِ فَعَلَى الْأَجِيرِ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ يَدْفَعُهَا لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ، وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَلِرَبِّهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْأَجِيرِ نِصْفَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي رَضَعَهَا، وَأَمَّا إنْ مَلَّكَهُ نِصْفَهُ بَعْدَ الْفِطَامِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِيمَا أَرْضَعَهُ، وَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ، هَذَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْفِطَامِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ سَوَاءٌ جَعَلَ لَهُ نِصْفَهُ مِنْ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْفِطَامِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْفِطَامِ وَلَهُ أُجْرَةُ رَضَاعِ مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا هُنَا) أَيْ فَإِنَّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ هُنَا نِصْفُ الرَّضِيعِ، وَهُوَ مُقَوَّمٌ (قَوْلُهُ: وَفَسَدَتْ إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِمَا سَقَطَ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهُ أَيْ بِأَنْ قَالَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى نَفْضِ زَيْتُونِي فَمَا سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِالْكَمِّ؛ لِأَنَّ مِنْ الشَّجَرِ مَا هُوَ قَاصِحٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِجُزْءٍ مِمَّا خَرَجَ أَيْ بِأَنْ قَالَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى عَصْرِ زَيْتُونِي فَمَا عَصَرْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ الْجَهْلُ بِالْكَمِّ وَبِصِفَةِ الْخَارِجِ بِالْعَصْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِلْجَهْلِ بِالْكَمِّ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَالصِّفَةِ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَيَّدَ ابْنُ الْعَطَّارِ مَنْعَ الْإِجَارَةِ فِي مَسْأَلَةِ النَّفْضِ بِمَا إذَا كَانَ النَّفْضُ بِيَدِهِ، وَأَمَّا بِعَصَا فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْعَصَا لَا تُبْقِي شَيْئًا وَالزَّيْتُونُ مَرْئِيٌّ وَاسْتَبْعَدَ أَبُو الْحَسَنِ هَذَا الْقَيْدَ بِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَالنَّفْضَ بِالْعَصَا هُوَ مُرَادُ مَنْ مَنَعَ

(قَوْلُهُ: كَاحْصُدْ وَادْرُسْ هَذَا الزَّرْعَ، وَلَك نِصْفُهُ وَكَذَا اُدْرُسْهُ، وَلَك نِصْفُهُ فَفَاسِدَةٌ) أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخْرُجُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>