فَلِلثَّانِيَةِ الْفَسْخُ، وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْأَوْلَى فَلَا فَسْخَ (وَ) لَهَا الْفَسْخُ فِي (مَوْتِ أَبِيهِ وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (لَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً) قَبْلَ مَوْتِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا (إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا فَسْخَ كَمَا لَوْ قَبَضَتْهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ تَرَكَ مَالًا لِلْوَلَدِ (وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا) مَعْمُولٌ لِظُهُورٍ أَيْ ظَهَرَ حَالَ كَوْنِهِ أَكُولًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ فَلِمُسْتَأْجِرِهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَلَا كَلَامَ لِمُؤَجِّرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ تَظْهَرُ أَكُولَةً فَلَا خِيَارَ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ إشْبَاعُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَكُولًا فَلَهُ رَدُّهُ (وَمُنِعَ) (زَوْجٌ رَضِيَ) بِإِجَارَةِ زَوْجَتِهِ ظِئْرًا (مِنْ وَطْءٍ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ ضَرَرِ الطِّفْلِ (وَلَوْ لَمْ يُضَرَّ) الطِّفْلُ بِالْفِعْلِ، وَمِثْلُ الزَّوْجِ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَ) مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ (سَفَرٍ) بِهَا فِيمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ بِرِضَاهُ (كَأَنْ تُرْضِعَ) غَيْرَهُ (مَعَهُ) فَتُمْنَعُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الطِّفْلِ اشْتَرَوْا جَمِيعَ لَبَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ حَالَ الْعَقْدِ فَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ، وَهِيَ إذَا اشْتَرَطَتْ غَيْرَهُ لَا تُمْنَعُ (وَ) الِاسْتِرْضَاعُ (لَا يَسْتَتْبِعُ) أَيْ لَا يَسْتَلْزِمُ (حَضَانَةً) لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِحَضَانَةِ طِفْلٍ لَا يَسْتَلْزِمُ رَضَاعَهُ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
وَعَطَفَ عَلَى الْجَائِزِ مَسْأَلَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَيْهِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَحَمْلُ ظِئْرٍ عَطْفًا عَلَى مَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَهُوَ فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ أَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ خَشِيَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ أَوْ يُحْمَلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّخْيِيرَ (قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِيَةِ الْفَسْخُ) أَيْ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الطِّفْلِ إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ إلْزَامُهَا بِرَضَاعِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا كَانَتْ زَمَنَ الْأُولَى الَّتِي مَاتَتْ لِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ مِنْ الطِّفْلِ حَالَ عَدَمِ رَضَاعَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذَا طَلَبَتْ الْبَقَاءَ وَعَدَمَ الْفَسْخِ أَنْ يَأْتِيَ بِأُخْرَى تُرْضِعُ مَعَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ عَلِمَتْ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَنَّهَا ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) أَيْ أَوْ مَاتَتْ الْأُولَى، وَلَمْ تَعْلَمْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى حِينَ الْعَقْدِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهَا الْفَسْخُ فِي مَوْتِ أَبِيهِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ هَلَكَ الْأَبُ فَحِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ قَدَّمَ الْأَبُ الْأَجْرَ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ وَتَرْجِعُ حِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ قَدَّمَهُ الْأَبُ مِيرَاثًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَطِيَّةً وَجَبَتْ، وَفِي خش عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ أَكَلَتْ الظِّئْرُ الْأُجْرَةَ، وَمَاتَ الْأَبُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِدَفْعِهَا لَهَا وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَكِنْ تَكُونُ أُجْرَتُهَا فِي نَصِيبِ الْوَلَدِ مِنْ إرْثِهِ كَمَا أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ، وَلَمْ تَقْبِضْ أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ لَا تَفْسَخُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَيَتْبَعُ الْوَرَثَةُ الْوَلَدَ بِمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ مَوْتِ الْأَبِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَجَّلَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الزَّائِدَ يَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُونَ بِهِ عَلَى مَالِ الرَّضِيعِ لَا عَلَى الظِّئْرِ فَلَيْسَ إعْطَاءُ الْأَبِ أُجْرَةَ رَضَاعِهِ هِبَةً مِنْهُ لَهُ، وَإِنَّمَا إرْضَاعُهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ انْقَطَعَ بِمَوْتِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ هِبَةً لِلرَّضِيعِ لَرَجَعَ مِيرَاثًا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ مَعَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَبُ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى الظِّئْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَلَدِ بِمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُعَجِّلْ الْأَبُ الْأُجْرَةَ خَوْفًا مِنْ مَوْتِهِ الْآنَ، وَإِلَّا كَانَتْ حِينَئِذٍ هِبَةً لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا نَقَلَهُ عج عَنْ ح (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَلَا كَلَامَ لِمُؤَجِّرِهِ) أَيْ، وَلَيْسَ لِمُؤَجِّرِهِ جَبْرُهُ عَلَى الطَّعَامِ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ) أَيْ، وَأَمَّا فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ بِعَدَمِ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا كَثْرَةَ الْأَكْلِ مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْن عبق وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَكْلِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَرُدَّ بِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ وَالْأَطِبَّاءُ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ دَاءَ احْتِرَاقٍ فِي الْمَعِدَةِ فَهُوَ مِنْ الْأَمْرَاضِ (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ زَوْجٌ إلَخْ) فَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا مُرْضِعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ، وَبَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ لَكِنْ الزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الْوَطْءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ يَسِيرٌ فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَهَا مُكْتَرَاةً فَيُخَيَّرُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْكِرَاءِ يَسِيرًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ هَذَا إنْ كَانَ وَطْؤُهُ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ بَلْ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَصْبَغَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطِئَهَا إلَّا إذَا أَضَرَّ بِالْوَلَدِ وَسَوَاءٌ شَرَطَ عَلَى الزَّوْجِ ذَلِكَ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الزَّوْجِ السَّيِّدُ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش فَلَوْ تَعَدَّى الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا، وَلَمْ تَحْمِلْ فَقِيلَ لِأَهْلِ الطِّفْلِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ فَسْخُهَا (قَوْلُهُ: إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ بِرِضَاهُ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالسَّفَرُ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ الطِّفْلِ السَّفَرَ بِهِ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَخْذِ الْوَلَدِ إلَّا إذَا دَفَعُوا لِلظِّئْرِ جَمِيعَ أُجْرَتِهَا (قَوْلُهُ: كَأَنْ تُرْضِعَ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَا تُمْنَعُ أَنْ تَرْضِعَ مَعَ الطِّفْلِ غَيْرَهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ أَيْ لِرَضَاعِهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا، وَلَدٌ إلَخْ) اُنْظُرْ، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ حَالَ الْعَقْدِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَهُ مَعَ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute